tahira
tahira
أعمدة

نبـض الــدار :الصدمات النفسية وقوتنا الداخلية

30 أكتوبر 2017
30 أكتوبر 2017

د. طاهرة اللواتية -

[email protected] -

لا تخلو حياتنا من الصدمات النفسية، بسبب مرض عضال أو حادث خطير أو وفاة إنسان عزيز أو طلاق أو هزة مالية قوية...الخ. قد يستمر تأثير الصدمة النفسية فترة قصيرة، وقد يطول سنوات إذا لم نحاول بجدية أن نخرج من إطارها. فقد يعيش البعض مراحل الصدمة بشكل معقول، وآخر قد يعيشها لعشر سنوات أو عشرين سنة ! فالأمر يعتمد كثيرا على رغبتنا القوية بتجاوز الأزمة أو الصدمة بالتقبل والبدء من جديد، وأن القادم سيكون الأفضل إذا واصلنا المسير للأمام مستلهمين الآية الكريمة :«فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا». فالله جلت قدرته لا يحمل الإنسان فوق ما يطيق. وللصدمة مراحل خمس حسب نموذج «كيوبلر روس»:  أولها الإنكار، فنشعر بان ما حصل لنا غير ممكن، ومستحيل أن يحصل لنا، فلا تجود المآقي بالدمع لمجابهة الحزن، ونشعر أن الواقع المحيط لا يمت لنا بصلة وإنما يمت للآخرين. ثم تأتي مرحلة الغضب، وهي المرحلة التي ينتهي فيها الإنكار، فنغضب فيها ونتساءل السؤال الصعب والمعقد « لماذا أنا ؟ لماذا أنا الذي حصل لي ما حصل ؟»،  ومرحلة الغضب فيها جزء من عدم التسليم والرضا بما حصل. وتأتي بعد ذلك مرحلة المساومات والتفاوض، وهي مرحلة صعبة جدا ، فيها نلوم أنفسنا، ونفترض بدائل كانت يمكن أن تحصل لمنع حدوث ما حصل. وهي مرحلة فرز دقيق، إذا عرفنا الخطأ وأدركناه، وقد تتحول إلى ألم نفسي طويل إذا فتحنا على أنفسنا باب «لولا»، الذي لا ينقفل أبدا، وقد يستغرق سنوات طويلة من أعمارنا، وقد يقودنا إلى خيارات خاطئة توقف حياتنا كلها. فوراء كل ابتلاء صعب درس، فنأخذ الدرس ونستفيد، ثم نتقدم إلى الأمام. ثم تأتي مرحلة الاكتئاب الذي قد يطول إذا كان لمفردة «لولا» حيز ومساحة كبيرة في دواخلنا ، وإلا فإن الاكتئاب يأخذ وقته ثم يذهب. وأخيرا تأتي مرحلة التقبل ومحاولة إقفال الملف والنسيان والتعايش مع الآثار الناجمة، وثم التقدم إلى الأمام ، فلا عسر إلا ومعه يسران كما يقول الله تعالى في الآية الكريمة. ويأتي اليسر بالتأكيد اذا فتحنا له قلوبنا ونفوسنا بحق.