أفكار وآراء

ترجمات : شي وكوريا الشمالية بعد مؤتمر الحزب الشيوعي

29 أكتوبر 2017
29 أكتوبر 2017

سكوت سنايدر- مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي نقلا عن فوربس  -

ترجمة قاسم مكي -

أهمية مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني التاسع عشر لمستقبل قيادة شي جينبينج ووجهة الصين شلّت الحوار حول السياسات المتعلقة بقضايا عديدة من بينها كوريا الشمالية. يتواصل هذا الشلل رغم الجهود التي بذلتها وتبذلها إدارة دونالد ترامب للحصول على تعاون صيني أكبر من أجل كبح برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية قبل أن تتمكن من ضرب الولايات المتحدة في عقر دارها. ولكن حتى إذا استقرت الهيكلة الجديدة للسلطة الصينية لفترة الأعوام الخمس القادمة فلن يعني ذلك أن العوامل الجيوسياسية والاقتصادية والسياسية المحلية التي تقعد بالرغبة الصينية في التعاون مع الولايات المتحدة حول كوريا الشمالية ستختفي فجأة. بل غالبا ما ستتفاقم التناقضات التي تؤثر على هذه العوامل الثلاثة المؤثرة بدورها على تشكيل السياسة الصينية.

فأولا، ستضع طموحات الصين الجيوسياسية قيودا على التعاون مع الولايات المتحدة حول السياسة التي يلزم اتخاذها بشأن كوريا الشمالية. فمن المؤكد أن ارتياب الصين من النوايا الأمريكية تجاه كوريا الشمالية في ظل إدارة ترامب لم تخفف منه النداءات التي تحث على التعاون رغم اشتداد المخاوف الصينية من مواجهة عسكرية أمريكية - كورية شمالية. فالاستقرار في شبه الجزيرة الكورية هو الهدف الصيني الأسمى ويفوق في أهميته نزع سلاحها النووي على الرغم من أن الصين مستعدة «على مضض» للضغط على كوريا الشمالية.

وحتى إذا اتخذت الولايات المتحدة إجراءات من طرف واحد ضد الشركات الصينية التي تزود كوريا الشمالية بوارداتها من أجل إجبارها على الاختيار بين واشنطن وبيونج يانج ستتجه الصين في الغالب إلى تقليص (وليس القضاء) على قدرة كوريا الشمالية على الاستفادة من سلسلة الإمداد التي تشكل حبلا سريا يجعل اقتصاد كيم جون أون يقف على قدميه.علاوة على ذلك، فكلما زادت ضغوط ترامب على شي جينبينج حول موقف الصين كلما صارت المسألة الكورية الشمالية أكثر اندغاما في الصراع الأوسع من أجل الهيمنة في شمال شرق آسيا.

فالتهديد المتزايد من كوريا الشمالية يوهن قوة أمريكا ويولد توترا في تحالفات الولايات المتحدة مع اليابان وكوريا الجنوبية. وهي تحالفات تضع قيودا على رغبة الصين المتنامية في الهيمنة على آسيا. لكن من شأن فشل إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة إطلاق تحديات جديدة ورهيبة للأمن في الجوار الصيني بما في ذلك احتمال اتجاه اليابان وكوريا الشمالية وربما تايوان إلى الحصول على السلاح النووي لتحييد الملعب مع كوريا الشمالية المسلحة نوويا وأيضا كتحوط ضد كل من الهيمنة الإقليمية الصينية وخطر انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة.

ثانيا، تبقي المصالح الاقتصادية الصينية بشبه الجزيرة الكورية على جذوة الأمل في المحافظات الواقعة شمال شرق الصين بالفتح التدريجي لطرق الإمداد الساحلية المغلقة حاليا بواسطة كوريا الشمالية. فعلى الحدود، بدأت الأموال الصينية سلفا في التدفق الى كوريا الشمالية عبر البنيات الأساسية والسياحة وألعاب القمار ومشروعات التصنيع المشتركة التي توظف أيدي عاملة كورية شمالية على جانبي الحدود. لا ينعكس جزء كبير من هذا التبادل في البيانات الإحصائية الرسمية ولكنه يذهب بعيدا في الإجابة على الكيفية التي حافظت بها تجارة « الباب الخلفي» العابرة للحدود بين الصين وكوريا الشمالية على استقرار الأسعار داخل كوريا الشمالية حتى الآن رغم العقوبات. وسترحب المحافظات الحدودية في شمال شرق الصين بانتعاش أحوال الجار الاقتصادي الكوري الشمالي خصوصا في ظل احتكار الصين التجارة معه.

وحتى إذا قررت بيجينج مساندة الجهود الدولية لفرض عزلة اقتصادية كاملة على كوريا الشمالية سيكون هنالك دائما مزودون محليون على استعداد للمخاطرة من أجل الأرباح الإضافية التي يلزم دفعها لضمان حصول قيادة كوريا الشمالية على وارداتها الضرورية.

وإذا اندلعت أزمة إنسانية فستكون الصين أول من يهرع لتقديم الإغاثة كما سبق لها أن فعلت في أثناء المجاعة التي ضربت كوريا الشمالية في أعوام التسعينات من القرن الماضي.

ثالثا، يمكن القول إن شي جينبينج نفسه ربما أشد حساسية تجاه الرياح المعاكسة للرأي العام الصيني فيما هو يصوغ سياسته حول كوريا الشمالية.

ولكن يظل هدفه الأساسي تلميع صورته كزعيم قوي. ومن جهة أخرى يستمر استياء الرأي العام الصيني تجاه كوريا الشمالية. فلايوجد حب مفقود في التعليقات الصينية على الإنترنت حول «كيم الثالث البدين.» يحدث هذا على الرغم من الجهود التي تبذلها شرطة الإنترنت في الصين لحجب مثل هذه الإشارات في الشبكة الصينية.

وفي الدوائر الأكاديمية تنظر النخب الصينية إلى كوريا الشمالية كعبء استراتيجي أكثر منها رصيد استراتيجي. وهي أكثر استعدادا لتأييد الضغط الاقتصادي على كوريا الشمالية. ولكن القيمة الآيديولوجية والتاريخية لكوريا الشمالية كرفيقة درب شيوعية ستمنع شي جينبينج من التضحية بها خشية من أن غيابها «كشيء مغاير» سيجعل انتقادات الرأي العام تتجه صوب الداخل وتتحدى الشرعية الداخلية للحزب الشيوعي الصيني.

وربما أن أكبر عامل يشل رغبة الصين في مواجهة كوريا الشمالية هو القلق من أن يؤدي فصم العلاقة مع بيونج يانج إلى مساءلة زعامة شي نفسه، رغم التهديد المتنامي الذي يشكله اتجاه قيادة كيم على مصالح الصين نفسها.