1147937
1147937
الاقتصادية

التأمين الصحي في السلطنة - ســـيعـزز القطــاع لكنه قد يفاقـم انخفـــاض الأربـــاح

29 أكتوبر 2017
29 أكتوبر 2017

عمان: قدمت دراسة قامت بها مؤسسة اس ان بي جلوبال رصدا شاملا لأبعاد ونتائج التطبيق المزمع لنظام التأمين الصحي الإلزامي في السلطنة في ظل موافقة وازرة الصحة في السلطنة في سبتمبر هذا العام على تطبيق خطة للتأمين الصحي الإلزامي اعتبارا من يناير في العام القادم وذلك بهدف توفير خدمات رعاية صحية عالية الجودة للسكان وتخفيف بعض الضغوط عن المستشفيات الحكومية.. وسيتم تطبيق الخطة على عدة مراحل، بدءاً من الوافدين العاملين في الشركات الكبيرة.

وأشارت الدراسة الى أنه :”يساهم التأمين الصحي حاليا بنحو 26% من إجمالي أقساط التأمين في السوق العُمانية. وعند تطبيق خطة التأمين الصحي الإلزامي، نعتقد بأن أقساط التأمين الصحي لوحدها يمكن أن تحقق نسبة نمو تتجاوز 25%، كالذي شهدناه في الدول المجاورة التي اعتمدت تطبيق التأمين الصحي الإلزامي، وخاصة دبي في الفترة التي امتدت ما بين 2014-2017. وسيدعم هذا الارتفاع في أقساط التأمين الصحي أيضاً إجمالي سوق التأمين في عُمان، والتي نتوقع بأن تحقق نموا بنحو 10% خلال العامين المقبلين. إن توقعاتنا لنمو أقساط التأمين في السوق هي أعلى بكثير من تقديراتنا لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 2% خلال العامين 2017 و2018، مما يشير أيضاً إلى أن نسبة تغلغل التأمين ستواصل ارتفاعها. وتبلغ نسبة تغلغل التأمين في عُمان نحو 1.5%، وهي أدنى بكثير من النسبة لدى نظيراتها الإقليمية كدولة الإمارات العربية المتحدة (2.3%) والأسواق المتقدمة الأخرى (أعلى من 6% عموماً)، وتشير أيضاً إلى أن هناك إمكانية قوية لنمو هذا القطاع.”

وأوضحت الدراسة أنه من الممكن أن يحفز تطبيق التأمين الصحي الإلزامي في عُمان السوق إجمالاً على النمو، لكن نسبة الخسارة المرتفعة في قطاع الرعاية الصحية قد تجعل من تطبيق التأمين الصحي الإلزامي سببا في تفاقم انخفاض الأرباح.

كما أكدت الدراسة أنه على شركات التأمين والجهات المُنظمة لمعالجة التحديات الفنية والتشغيلية والاستفادة من تجارب الدول المجاورة لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الفرصة.

قطاع التكافل ومن المرجح أيضاً أن يستفيد قطاع التكافل في عُمان من خطة التأمين الصحي الإلزامي الجديدة. إن قطاع التكافل في عُمان لا يزال في بداية تأسيسه، إذ تعمل في السوق العُمانية شركتان فقط، وقد ساهمتا بنحو 10% من إجمالي أقساط التأمين في سوق التأمين العُمانية في العام 2016. ورغم أن قطاع التكافل بدأ بمزاولة عملياته منذ العام 2014 فقط، إلا أن تأثيره كان واضحا من خلال ارتفاع حدة المنافسة في أسعار أقساط التأمين. وارتفعت أقساط التأمين الصحي في قطاع التكافل بنسبة كبيرة بلغت 166% في العام 2014، 109% في العام 2015، و36% في العام 2016. مع ذلك، لا تزال قاعدة أقساط التأمين صغيرة ولديها إمكانية كبيرة للنمو، خاصةً في الخدمات التأمينية للأفراد. ونظراً لارتباط التأمين على السيارات بالأوضاع الاقتصادية العامة، نعتقد بأن شركات التكافل ستركز على التأمين الصحي لتوسيع حجمها.

ونظرا للنقص النسبي في وفورات الحجم لديها، فإنه على شركات التكافل في عُمان العمل بجد للنجاح في قطاع التأمين الصحي. وتقوم الشركات الكبيرة العاملة في الأسواق الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي باحتكار عقود التأمين الصحي الكبيرة لأن حجمها يساعدها في التفاوض على بعض الخصومات الكبيرة من المستشفيات، والعيادات الصحية، ومؤسسات الرعاية الصحية الأخرى، والتي تسمح لتلك الشركات بتزويد التأمين الصحي الجماعي بأسعار تنافسية للغاية مقارنةً بنظيراتها الصغيرة. بالإضافة إلى ذلك، يبحث أصحاب العمل عموماً عن التغطيات التأمينية الأرخص والمدارة بكفاءة وبدون شكاوى من الموظفين العاملين لديهم أو الجهات التنظيمية.

وبالتحول للحديث عن الربحية، فقد حافظ إجمالي سوق التأمين العُماني على ربحيته خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن صافي الدخل قد تراجع لديه، منخفضا من 26 مليون ريـال عُماني في عام 2014 إلى 15.6 مليون ريـال عُماني في عام 2015، ثم إلى 8.7 مليون ريـال عُماني في عام 2016. وهذا يشير إلى ارتفاع حدة المنافسة في السوق، بدرجة رئيسية من الشركات الجديدة التي تتنافس على الحصة السوقية. وبالنسبة لقطاع التكافل على وجه الخصوص، لم ينعكس النمو في أقساط التأمين على نتائج صافي الأرباح. وكان صافي الأرباح الذي حققته شركتا التكافل العاملة في السوق العُمانية صغيرا بلغ 302,000 ريـال عُماني في عام 2014، تبعه خسائر كبيرة وصلت إلى 888,000 ريـال عُماني في عام 2015 و1,752,000 ريـال عُماني في عام 2016.

لقد تراجعت أيضا الربحية الفنية لسوق التأمين العُمانية خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث ارتفعت نسب إجمالي خسائر السوق إلى 79% في عام 2016 من 69% في عام 2014. وارتفعت نسب الخسارة في قطاع الرعاية الصحية – الأدنى من السوق بشكل عام – إلى 91% في عام 2016 من 77% في عام 2014. وهذه النسبة من الخسارة، بالإضافة إلى متوسط نسبة المصاريف البالغة 20%، تعني بأن قطاع الرعاية الصحية خاسر في السوق. وسيكون لكل شركة تأمين وضعها الخاص، لكننا نعتقد بأنه على هذه الشركات الالتزام بالتسعيرة الفنية بدقة في حال أرادت الاستفادة من النمو القادم من تطبيق خطة التأمين الصحي الإلزامي.

التحدي الأكبر

ومن حيث النتائج الفنية، تشكل التسعيرة التحدي الأكبر الذي سيواجهه السوق عند تطبيق خطة التأمين الصحي الإلزامي في عام 2018. ولم تتضح الصورة بعد ما إذا كان سيتم تطبيق التسعيرة الاكتوارية على بوليصات التأمين الصحي أو أنها ستبقى مفتوحة للمنافسة السوقية. ويذكر أن شركات التأمين تحتفظ بنحو 58% من أقساط التأمين الصحي. وفي حال عدم ضبط نسب الخسارة، فإنه من الممكن أن تتراجع ربحية وكفاية رأس المال لدى هذه الشركات. ويمكن لشركات التأمين ضبط نسب الخسائر من خلال بيع بوليصات التأمين بالسعر الفني الأدنى على الأقل، بينما تحاول في الوقت نفسه السيطرة على الاحتيال الصحي وإساءة استخدام مزايا التأمين الصحي.

وهناك تحديات تشغيلية ينبغي على السوق وضع حلول لها قبل تطبيق الخطة تتمثل في ما إذا كان العدد الحالي للمستشفيات والعيادات في عُمان كافياً لإيجاد سوق حقيقي يوفر خدمات الرعاية الصحية، في ظل تنافس المستشفيات والعيادات على تقديم تلك الخدمات لشركات التأمين؟ فإذا كان الجواب لا، سيكون من الصعب على شركات التأمين توفير تغطية تميزها عن غيرها، خاصة إذا قامت جميع الشركات بإرسال زبائنها إلى المجموعة ذاتها من المستشفيات لتلقي العلاج.

ومن التحديات مدى استعداد مزودي خدمات الرعاية الصحية من القطاع الخاص لتوفير هذه الخدمات للأعداد الكبيرة من المرضى، الذين سيحصلون على تغطية تأمينية بموجب الخطة، ممن توفر لهم المستشفيات الحكومية خدمات الرعاية الصحية حاليا، وما إذا كانت شركات التأمين مجهزة بالبنية التحتية الكافية لإدارة المطالبات للتعامل مع الزيادة في حجم هذه المطالبات؟ وما إذا كانت الأطراف الثالثة التي تدير المطالبات قادرة على مواجهة هكذا تحد؟ تهيمن الأطراف الثالثة في معظم دول مجلس التعاون الخليجي على إدارة شؤون التأمين الصحي، وهل لدى شركات التأمين والوسطاء الحاليين المصادر الكافية لإدارة العدد الكبير من بوليصات التأمين التي سيتم إصدارها؟

حلول ممكنة

نعتقد بأن هناك حلولا ممكنة يمكن أن تساعد السوق في التغلب على هذه التحديات، في حال تمت إدارتها بالشكل المناسب. ويمكن للسوق الاستفادة من تجارب الدول المجاورة التي قامت بتطبيق خطط مشابهة في الفترة الأخيرة، كما يمكن للجهات التنظيمية مراقبة للأسعار لضمان عدم قيام شركات التأمين ببيع خدماتها بأسعار تقل عن مستويات الأرباح الفنية، ويمكن لتلك الشركات التعاون مع سوق إعادة التأمين لضمان عدم تأثر كفاية رأس المال لديها بالنمو الكبير. ومن حيث التوزيع، على شركات التأمين التفكير باستغلال التكنولوجيا بالشكل الأمثل لخدمة زبائنها من خلال إتاحة الحصول على عروض الأسعار وإصدار البوليصات عبر شبكة الإنترنت.

وأشارت الدراسة:”نعتقد بأن تطبيق التأمين الصحي الإلزامي في عُمان يشكل خطوةً بالاتجاه الصحيح من حيث توسيع سوق التأمين غير المغطاة وتحسين توفير خدمات الرعاية الصحية في البلاد. ولكن السوق يحتاج لإصلاح نقاط الضعف الفنية والتشغيلية بهدف تعزيز الدخل والاستفادة القصوى من فرص النمو التي سيوفرها توسع سوق الرعاية الصحية “.