صحافة

صفقات القرن .. وصفقتنا مع الوطن

27 أكتوبر 2017
27 أكتوبر 2017

في زاوية مقالات وآراء كتب موفق مطر مقالاً بعنوان: سؤال عالماشي - صفقات القرن .. وصفقتنا مع الوطن، جاء فيه:

رؤية الرئيس دونالد ترامب والإدارة الأمريكية لحل الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي ليست قدرا، ولن تكون كذلك ما دام للشعب الفلسطيني وحركة تحرره الوطنية قيادة سياسية بمستوى حكمة وعقلانية الرئيس أبو مازن.

لن تمر أية مشاريع لا تلبي الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني المعلنة، والمقررة في قرارات الشرعية الدولية، وتحقق هدف قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية، حتى لو كانت صفقة القرن، فنحن لن نكون ضحايا سياسات ومصالح دول عظمى، كما ذهب أجدادنا ضحايا لوعد جريمة القرن التاريخية بحقنا (وعد بلفور) عندما أعطت بريطانيا العظمى وعداً لقادة المشروع الاحتلالي الاستيطاني الاستعماري اليهودي الصهيوني بإنشاء وطن لليهود على أرض فلسطين. قد لا نبالغ إذا قلنا إن للشعب الفلسطيني اليوم قيادة هي صورة طبق الأصل عن إرادته وطموحاته وآماله وعنفوانه، فلدى رئيس الشعب الفلسطيني محمود عباس ومعه الوطنيون المخلصون الصادقون إدراك ومعرفة بتشعبات متاهة الصراعات الدولية، وتنازع مصالح دول الإقليم، وكذلك الإشكاليات المانعة من تقديم المبادئ على المصالح الآنية، فيتعامل مع الأوضاع المعقدة، ويسير بقاطرة المصير على خطين متوازيين الأول التعامل على قواعد الثوابت الوطنية مع الاحتلال والاستعمار الاستيطاني اليهودي، ودرء مخاطر سياسات وخطط ومنهج حكومة المستوطنين برئاسة نتنياهو، ومنعها من تحويل الصراع إلى سفك دماء على أساس ديني، والتأكيد لقادة النظام العنصري الإسرائيلي أن قوة في الأرض لن تمنع الشعب الفلسطيني من تثبيت حقوقه التاريخية والطبيعية في أرض وطنه فلسطين، وأن المستحيل بعينه شطب ما تم إنجازه في المحافل الدولية في هذا الاتجاه، فالشعب الفلسطيني هنا على أرض فلسطين هو الحقيقة الأبدية التي لن تنال منها الصفقات أيا كان أطرافها.

قد ترسم الإمبراطوريات حدودا لدولة ما، لكن الوطن في وعي الشعب لا ينشأ بقرار، ولا بصفقة؛ لذلك نحن لا نخشى الصفقات، وإنما نتعامل معها بما يحفظ توازننا، ويمكننا من البقاء كرقم رئيس وصعب في المعادلات الجديدة المطروحة، فصفقتنا مع الوطن خالدة ومقدسة، لا يمسها مناخ السياسة بسوء، حتى لو بلغت تبدلاته مستوى الأعاصير المدمرة.

نعلم جيدا مساعي حكومة دولة الاحتلال لتعظيم خطر إيران، والصراعات العرقية والطائفية في منطقة الشرق الأوسط، ومحاولاتها لزحزحة إرهاب الدولة وجريمة الحرب التي ترتكبها في فلسطين وإسقاطها من قائمة الإرهاب وأشكاله وتصنيفاته، ولكننا ندرك بالوقت ذاته أن للشعب الفلسطيني وللأمة العربية ذاكرة لا تصدأ ولا تتآكل، وتعجز عن اختراقها أعتى تقنيات التزوير والتحريف حتى لو بلغت الكتب المقدسة.

ستبقى قضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية، وشعوبها المكافحة من اجل النمو والتطور ونيل الحريات كما شعوب العالم المتقدمة، وسيبقى حل الصراع الفلسطيني العربي - الإسرائيلي المفتاح السحري لحل قضايا الصراع في منطقة الشرق الأوسط، الكامنة منها والتي يتم إيقاظها، أو الدائرة قبل عقود، حيث بذرتها الدول الاستعمارية في بلادنا، وفي أحسن الأحوال عملت على تغذية الكامن، وأججت نيران ما رأت فيه إمكانية لإدامة أمد سيطرتها.

قد نصيب إذا قلنا إن وعي الشعوب اليوم متقدم جدا قياسا بوعيها عندما حدثت صفقات القرن الاستعمارية، وحرمت شعوبنا العربية عموما وشعبنا الفلسطيني خصوصا من نعمة التحرر والاستقلال التام والبناء والتقدم.