أنشأ منذ أكثر من 100عام - بيت الزبير.. وجهة سياحية مميزة وتاريخ من الأصالة

فهد الحسني[/caption]

تزخر مسقط القديمة بالعديد من أوجه التراث والأصالة المتمثلة في شوارعها ومبانيها ومتاحفها المتعددة، فهي تمثل صفحة مضيئة في تاريخ محافظة مسقط، ومن ضمن هذه المتاحف المميزة يوجد «بيت الزبير» ذلك المتحف الذي يضم بين جنباته العديد من المباني التي تعبر عن تاريخ عريق وعبق شذي يمثل جزءا من تاريخ السلطنة من خلال مقتنيات أصحابه التي تعبر عن هوية وعراقة الأسر العمانية الأصيلة. «مرايا» تجول في أروقته وتحدثنا مع مدير المتحف فهد الحسني لنتعرف أكثر عن تاريخ المتحف وقصة إنشائه وذلك من خلال هذا اللقاء...

- من صاحب الفكرة الرئيسية لإنشاء متحف بيت الزبير؟ وكيف تم تنفيذها؟

افتتح بيت الزبير عام 1998، بتعليمات من صاحب البيت معالي محمد بن الزبير ليكون الذراع الثقافي والاجتماعي للمؤسسة التجارية التي تملكها العائلة، حيث تم تحويل بيت العائلة إلى متحف خاص يضم مجموعة من المقتنيات التي تمتلكها العائلة من سيوف، وأسلحة وأدوات منزلية، وأثاث، وملابس، وعملات وطوابع بريدية. وقد تم تنفيذها على مراحل، ففي عام 1998 تم افتتاح بيت الباغ، ومن ثم بيت الدلاليل، وفي عام 2008 تم افتتاح بيت العود، احتفالا بمرور 10 سنوات على افتتاح المتحف، وفي عام 2011 تم افتتاح بيت النهضة، ومؤخرا افتتاج جاليري سارة في عام 2013م، وفي عام 2016م تم الإعلان عن الهوية الجديدة لبيت الزبير كمؤسسة ثقافية تهتم بالمشهد الثقافي.

إقبال كبير

- ما مدى إقبال الزوار والسائحين على بيت الزبير؟

يتوافد على بيت الزبير سنويًا مجموعات كبيرة من الزوار تضم سياحًا من مختلف أنحاء العالم يأتون للتعرف على الموروث الحضاري والتاريخي للسلطنة، حيث يجد الزائر ضالته من خلال الاقتراب من المقتنيات والتفاعل معها والتعرف عن قرب على موروث حضارة ضاربة في القدم.

ويشهد عدد الزوار زيادة سنوية خاصة خلال فترة الموسم السياحي حيث يتوافد على بيت الزبير آلاف الزوار، ويمثل الزوار القادمون عن طريق السفن السياحية النسبة الأكبر تتجاوز 50% من إجمالي الزوار، فيما يمثل العدد المتبقي طلاب المدارس والجامعات، إضافة إلى الزوار من المواطنين والمقيمين والسياح الأجانب.

ويمثل السياح القادمون من بلدان أوروبية مثل المملكة المتحدة، وألمانيا، وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا العدد الأكبر من زوار بيت الزبير، إذ يمثلون حوالي 70% من إجمالي الزوار، بينما يمثل الزوار المحليون ومن البلدان العربية العدد الأقل. وتعد الفترة المتراوحة بين شهري أكتوبر وأبريل أكثر فترة يتوافد فيها السياح على المتحف، إذ تصل إلى نسبة 90% من إجمالي الزوار خلال العام، وخلال الموسم السياحي يصل معدل الزوار تقريبا إلى حوالي 1000 زائر يوميا، بينما يصل تقريبا إلى حدود 50 زائرا خلال الفترة الصيفية.

- هل كل مقتنيات المتحف خاصة لعائلة الزبير؟

نعم جميع مقتنيات متحف خاصة لعائلة الزبير، حيث تعرض المجموعات التي تملكها الأسرة من التحف العمانية الممتدة عبر قرون، وتعكس المجموعات الاثنوغرافية مهارات عالية ومتوارثة تعرِّف بالمجتمع العُماني ماضيا وحاضرا، وهذه المجموعات هي ملك خاص لعائلة الزبير.

أقسام المتحف

- ما قصة كل قسم من أقسام المتحف؟

يضم مجمع بيت الزبير 5 مبان مستقلة، وهي: بيت الباغ، وبيت الدلاليل، وبيت العود، وبيت النهضة، وجاليري سارة بالإضافة إلى الحديقة التي تحتوي على عدد من الملامح التقليدية العُمانية ويضم البيت كذلك مقهى ومحلا لبيع الهدايا. وفيما يلي مكونات المجمع:

- بيت الباغ:

هو المبنى الأساسي للمتحف، تم إنشاؤه في عام 1914 كبيت للعائلة من قبل الشيخ الزبير بن علي، الذي عمل مع 3 سلاطين كوزير ومستشار، وكان البيت ملتقى النخبة في المجتمع، لكن تم إعادة بنائه ليناسب دوره الجديد كمتحف، إلا أنه مازال يحتفظ بملامحه الأساسية وبالعناصر التقليدية لتراث عمان المعماري. وتضم المعروضات معلومات عن السلالة البوسعيدية مع صور لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وعدد من السلاطين.

ويوجد في المبنى الرئيسي 6 صالات عرض في الطابق الأرضي تشتمل على نماذج من الخناجر العمانية والأزياء التقليدية النسائية والرجالية والسيوف والأسلحة النارية التقليدية والمجوهرات، والتحف، والأدوات المنزلية، ومستلزمات العرس العماني والآلات الموسيقية التقليدية. ويضم الطابق الأول خمس صالات عرض تشتمل على مجموعة الطوابع لمحمد الجمالي، والعملات القديمة والمخطوطات والوثائق التاريخية التي تعود إلى القرن السادس عشر، إضافة إلى مكتبة متخصصة للبحوث. أما الحديقة فتشتمل على بيت تقليدي من جريد النخيل، وفلج (نظام تقليدي وقديم لتوزيع المياه)، ونموذج لسوق عماني، ونماذج لقوارب وقرى عمانية مصغرة.

- بيت العود:

هو مبنى ذو 3 طوابق، صمم من وحي بيت الأسرة الأصلي في مسقط حيث سكن الشيخ علي بن جمعة (والد الشيخ الزبير بن علي) وعائلته في القرنين التاسع عشر وأوائل القرن العشرين الميلاديين، إلى أن هُدم البيت في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي لتيسير مرور السيارات إلى القصر، ويضم هذا الجزء من المتحف قاعة عرض كبيرة وبهو استقبال في الطابق الأرضي. ويضم الطابق الأول قاعة عرض دائمة يعرض فيها خرائط أوروبية قديمة لشبه الجزيرة العربية ونماذج من الأثاث الذي كان مستخدماً في مسقط، أما الطابق الثاني فيضم قاعات تحتوي على رسوم قديمة لشبه الجزيرة العربية وشرق إفريقيا مع صور قديمة لمسقط، بالإضافة إلى مجموعة من الكاميرات القديمة.

- بيت النهضة:

هو مبنى ذو 4 طوابق، تمت تسميته بهذا الاسم إجلالًا للنهضة المباركة التي يقودها صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ويهدف هذا المبنى إلى تطوير الفنون في عمان، وبه 4 طوابق حيث بإمكان الزائر مشاهدة المجموعة الفنية المتنامية لمتحف بيت الزبير. ويعرض المبنى بشكل دائم في قاعاته المتعددة لوحات لأكثر من خمسين فناناً من الفنّانين العمانيين المتميزين بالإضافة إلى بعض الفنانين من خارج السلطنة، كما قام عدد من الفنانين المجيدين برسم لوحات خاصة لبيت النهضة الذي يضم أيضا لوحات وصور خلابة التقطها محمد بن الزبير من أماكن مختلفة من العالم تحت عنوان “عالمنا الجميل”،وتدور اللوحات التي تم جمعها خلال عدة سنوات حول العديد من الأفكار والمفاهيم الفنية المختلفة.

وتفخر مؤسسة بيت الزبير بأن المجموعة الفنية المعروضة في بيت النهضة ومجموعتها المعروضة في المبنى الرئيسي لمؤسسة الزبير ومنتجع بر الجصة تكوّن أكبر مجموعة فنية لأعمال فنّانينا الشباب في عمان.

- بيت الدلاليل:

أعيد ترميمه وتجديده بحرص، ليجسد الفن الحقيقي للفن المعماري التقليدي في عمان، ويمكِّن هذا المعلم الزوار من الرجوع إلى الوراء والإحساس بالحياة التي عاشها بعض العمانيين قبل أكثر من مائة عام. ويتكون البيت من مجلس وغرفة نوم ومخزن للتمر، كما يحتوي على مكان للفنون ومقهى حيث يمكنكم مشاهدة الأعمال الفنية والاستجمام في مكان جميل وهادئ محاطين بالكتب المفيدة وعبق التاريخ.

- جاليري سارة:

تم افتتاح جاليري ساره في سنة ٢٠١٣ م، حيث يعرض الجاليري الفن العماني والعالمي المعاصر، فضلا عن استضافة ورش عمل وندوات لدعم المشهد الفني المتنامي في السلطنة، وقد تحولت بسرعة إلى إحدى صالات العرض البارزة في مسقط. وتلعب قاعة العرض الجديدة دوراً هاماً في إثراء الساحة الفنية العمانية عبر استضافة فنانين عالميين وإتاحة الفرصة للفنانين المحليين للاحتكاك بهم وتبادل الخبرات والمعارف، ولقد أطلق المعرض أول موقع إلكتروني www.gallerysarah.com مخصص للتجارة الإلكترونية بحيث يكون بمثابة نافذة للفنانين والمصورين الفوتوغرافيين في السلطنة لعرض أعمالهم وبيعها عبر الموقع للأسواق العالمية.

- محل الهدايا:

يقع بجوار بيت العود، وهو متجر هدايا مستقل حيث تعرض مجموعة كاملة من الهدايا التذكارية المتعلقة بالمتحف وعمان، وقد تم تصميم هذا المحل لتمثيل العمارة العمانية التقليدية التي يتم تصويرها في شكل معاصر.

- الحدائق:

اهتم المجمع الثقافي لبيت الزبير بالحدائق الطبيعية والتي تجد فيها أنواع النباتات والأشجار العمانية المحلية بما في ذلك شجرة اللبان وأمثلة من الأعشاب المحلية، ويوجد أيضا بالحديقة كوخ يسمي محلياً بالعريش مصنوعٌ من سعف النخيل، وكان هذا النوع من البناء شائعاً في عمان قبل 1970م وهو مصمم بطريقة تقليدية من جريد النخيل من أجل تدفق الهواء عبر هيكله مع وجود وسائد تقليدية وفرش، ونموذجين لأسرة الأطفال التقليدية.

وعلى الجانب القريب، يوجد نموذج لقرية مصغرة وتظهر أنماط الحياة الزراعية الأولى كنظام الأفلاج في عمان حيث تشاهد تدفقات المياه الطبيعية والتي تمر من بين الحصون والقلاع من جميع أنحاء البلاد، ويمكن للمرء أن يرى كيف تسقى الأرض عن طريق المياه عبر الأفلاج حيث تمرُ عبر القنوات والمجاري المياه من الجبال والينابيع الجوفية.

أبرز الفعاليات

- ما هي أبرز الفعاليات التي تقام ببيت الزبير؟

يقدم بيت الزبير فعاليات متنوعة منها الاجتماعي والثقافي والتعليمي، إضافة إلى المؤتمرات والمحاضرات وورش العمل، كما يقيم معارض فنية لفنانين عمانيين وعالميين كان آخرها معرض الفنانة شريفة المرهوبية، إضافة إلى معارض مؤقتة خارجية وداخلية على غرار المشاركة في مهرجان صلالة السياحي، ومعرض الكتاب بمسقط، وآخرها معرض الكتاب بمسندم، إضافة إلى إقامة حفلات موسيقية، كما يحتضن الأسابيع الثقافية الدولية وكان آخرها الأسبوع الثقافي التونسي والإيطالي والأسباني.

- هل هناك خطة لضم أقسام جديدة للمتحف؟

من ضمن إستراتيجية المؤسسة هو تطوير المكان لجعله أكثر جذبا للسياح والمهتمين، لذا نعمل على إضافة أقسام جديدة للمتحف لعل أبرزها قاعات ترصد رحلة عُمان المعمارية والتطوّر المعماري الذي شهدته السلطنة عبر العصور. كما ستضاف قاعة من ذاكرة بيت الزبير تصوّر أهم وأبرز الشخصيات التي زارت المتحف منذ افتتاحه. وكذلك في إطار عنايتنا واهتمامنا بالناشئة سيعلن قريبا عن قسم تعليمي بالمتحف ليهتم بتطوير الجانب المعرفي للطلاب الزائرين للمكان.