1132191
1132191
مرايا

الدُوباس«المتق».. داءٌ طال ضرره بنخيل قُرى واديي الحاجر والحيملي بالرستاق

25 أكتوبر 2017
25 أكتوبر 2017

مات بعضُها والأهالي يطالبون بمزيد من البحث لإنقاذها -

تحقيق- نايف بن علي المعمري -

الدُوباس أو ما يُعرف محليا بـ(المتق) داءٌ طال ضرره بنخيل قرى واديي الحاجر والحيملي بولاية الرستاق، ورغم أن وزارة الزراعة والثروة السمكية لم تألُ جهدا في الاستجابة لمطالب أهالي الواديين بضرورة مكافحة الدُوباس، حيث قامت في وقت سابق برشها بالأدوية عن طريق الطائرات المخصصة، ورغم ذلك فالدُوباس قد انتهت فترة مسكنه التي قضاها ملازما للنخيل على مدار الأشهر المنصرمة، والذي تسبب أيضا في مشكلة أخرى تمثلت في ضعف كمية ثمار النخيل التي كان يتمتع بها أهالي الواديين مع كل عام، ومع هذا، وجهود الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة والثروة السمكية التي أخذت على عاتقها التصدي لهذا الداء، إلا أن هناك ظاهرة أخرى ظهرت في الآونة الأخير وهو الموت المفاجئ لبعض النخيل، فيوم عن يوم تتزايد هذه الظاهرة في تلك القرى.

وشرع أهالي الواديين بإبلاغ دائرة التنمية الزراعية بالرستاق حول الظاهرة، والتي هي الأخرى باشرت ممثلة في مهندسيها بعمل زيارات ميدانية للوقوف على أسباب الموت المفاجئ لعدد من النخيل فيهما، كما يؤكده ذلك الشيخ زاهر بن خصن المعمري، حيث يقول: في الحقيقة قمنا مباشرة وبجهود الأهالي والشباب في الوادي بإبلاغ دائرة التنمية الزراعية بالرستاق للوقوف على هذه الظاهرة، ومن جانبهم لم يقصروا فقد شكلوا فريقا من المهندسين لعمل زيارات ميدانية للنخيل في الوادي للاطلاع على مسببات موتها، وتقرير الفريق تضمن بعض الملاحظات والإجراءات التي يمكن أن يستفيد منها أهالي الواديين للحد من هذه الظاهرة.

ويضيف: ووفق إفادة الفريق وما تضمنه تقرير الزيارة أن ذلك لا يرجع سببه إلى سوسة النخيل الحمراء المعروفة، وإنما قد يعود إلى حشرة الدُوباس، والذي أصاب نخيل الواديين مع بداية القيظ، وقد أوصى الفريق الزائر في تقريره مطالبا الأهالي بعناية النخلة بشكل أفضل من حيث إزالة الحشائش، والسعف الجاف عنها، وتقويتها بالتسميد، وتنظيفها قبل مواسم الربيع والخريف تجنبا لإصابتها بالدُوباس.

ومع هذا، فقد استبعد بعض من استطلعنا معهم الرأي أن تكون حشرة الدُوباس أو المتق هي السبب الرئيس في هذه الظاهرة، إذ أن المتق ووفق ما أشاروا إليه أصبح معروفا لديهم وهو يصيب النخيل مع كل قيظ، ويتم التخلص منه من خلال رشها بالأدوية، بيد أنه لم تظهر مثل هذه الظاهرة في السنوات الماضية، كما أن الماء متوفر، ويتم سقي النخيل وتنظيفها وتسميدها بشكل مستمر، لذا، يعدّونه مرضا مجهولا لا يزال يحتاج إلى مزيد من البحث والتقصّي،لذا ويطالب أهالي الواديين الجهات المختصة ممثلة بالمهندسين والفنيين لديها بتكثيف الزيارات الميدانية، ودراسة مسببات الظاهرة، وإيجاد حلول عاجلة لإنقاذها، وتوفير كل ما من شأنه يحد من انتشار هذا المرض الذي أودى ببعضها.

مشكلة مؤرقة

وحول الموضوع التقت مرايا عددا من سكان أهالي تلك القرى، حيث يؤكد زاهر بن محمد السالمي، من قرية ديسلي بوادي الحاجر: في الحقيقة أصبحت مشكلة موت النخيل المفاجئ ظاهرة الآن، فاليوم ـ أي يوم مقابلتنا معه ـ اكتشفنا موت اثنتين من النخيل، وفي الحقيقة أصبح هذا الموضوع مؤرقا لا ندري ما سببه، وأنتم تعلمون أهمية النخلة بالنسبة لأهالي الوادي والعمانيين بشكل عام، فبالرغم من زيارة مهندسي الزراعة لدراسة الموضوع إلا أنهم لم يذكروا سببا معين لموت هذه النخيل، حيث استبعدوا ما كنا نظنه وهو سوسة النخيل الحمراء. كما أبدى زاهر السالمي تخوفه من أن يكون دور النخلة آتيا في الانقراض كما ذهبت كثير من الثمار من قبلها كأشجار اللومي والمانجو وغيرها، حيث يتساءل قائلا: كانت ثمرات اللومي والمانجو مغطاة ضفتي الوادي في ديسلي، واليوم للأسف تجدها نادرة جدا بسبب الأمراض التي لحقت بها، فهل سيكون مصير النخلة كما كان مصير تلك الأشجار والثمار؟

من جانبه يؤكد حميد بن راشد الغافري، من قرية الظويهر بوادي الحاجر أن موت النخيل أصبح يتعادى بعضها البعض، إلا أن موت النخيل في قرية الظويهر يكمن في نوع واحد فقط وهو ما يُعرف بـ»قش الطبق»، بخلاف القرى الأخرى، ويستطرد حميد الغافري في حديثه: حقيقة لا ندري ما السبب!، فالمهندسين في دائرة التنمية الزراعية، جزاهم الله خيرا، زاروا المكان، وأخبرونا بأن السبب ليست سوسة النخيل الحمراء المعروفة، وإنما بسبب المتق، ويضيف: وهذا ربما يطمئننا قليلا. ومع ذلك فإن حميد الغافري يتعجب من استمرار موت النخيل في هذه الأيام دون وجود للمتق أو الدُّوباس، ويناشد الجهات ذات الاختصاص مساعدة الأهالي وتوفير ما يلزم نحو الحد من هذه الظاهرة.

داء مُنتشر

ويقول محمد بن علي بن مسعود الشكيلي، من قرية حيل الغاف بوادي الحيملي: مرض النخيل منتشر في مزارع ومناطق الوادي، والأغلب يكون في المناطق المغلقة، وربما يعود السبب من وجهة نظري إلى قلة التهوية والتي تكثر بها النخيل، وهذا من شأنه يقلل الإنتاج وكلما انتشر أكثر كلما كان له نتائج عكسية على الاقتصاد المتمثل في التمر والتي تزخر به السلطنة كأحد المراجع الاقتصادية المستفادة منها.

ويضيف قائلا: الرش بالمبيدات ربما يُساهم في تقليل تأثير النخيل بحشرة الدوياس، وهذا ربما يعتمد على المبيد المستخدم وقوته، ولكن إن كان المبيد المستخدم ليس بتلك القوة لربما يتكاثر مجددا، ويلحق ضرره بأشجار النخيل غير المصابة سابقا، ويضيف مستطردا: وهذا أيضا يعتمد على العناية من قبل المزارعين، واهتمامهم بالتسميد الجيد والمتابعة، فكلما كانت متابعة النخلة والاهتمام بها سريعا في ظل انتشار الحشرة وأضراراها، كان ذلك من شأنه التقليل من تكاثر حشرة الدوباس، ومن موت الكثير من النخيل التي تُعد مصدر رزق وخصوصا في فصل الصيف، وبالتالي التقليل أيضا من التأثير الاقتصادي المعتمد على النخلة.

ويقول مع بقاء أضرار حشرة الدوباس الذي تسببت في موت عدد من النخيل والتي لا يزال يموت منها المزيد، وهي ظاهرة لم نكن نعهدها من قبل بهذه الكثرة رغم أن حشرة الدوباس موجودة وتعاود النخيل مع كل صيف، لذلك لابد من التدخل السريع من قبل الحكومة، وعمل زيارات مكثفة وتوفير ما من شأنه يُساند المزارعين والاهتمام بمحاصيلهم، ويضيف قائلا: ومن ناحية أخرى لابد ان تعي الجهات المعنية ماذا يعني استمرار موت النخيل بتأثرها بحشرة الدوباس بهذه الظاهرة، كما تقوم بدراسة هذه الظاهرة بشكل أفضل، وأن تُساهم في أن يكون هناك مبيد قوي يبيد الآفة، كما يمكن الاستفادة من تجارب الدول الأخرى في كيفية إبادة تلك الحشرة والتقليل منها، ويطالب محمد الشكيلي الجهات المعنية مزيدا من التعاون والوقوف مع المواطن في العمل نحو الحد من هذه الآفة التي أودت بعدد من النخيل.

آفة الدوباس

من جانبه يؤكد محمد بن سليمان المحذوري من القرية بوادي الحيملي أن آفة المتق المعروفة بحشرة الدوباس، وكذلك الحشرة الحمراء، هي آفات تعاني منها الكثير من مناطق السلطنة، ولكن هذه المرة وبالرغم من جهود الحكومة التي بذلتها في رش النخيل لإصابتها بحشرة الدوباس إلا أن أضرارها مازالت تقضي على عدد من النخيل في الوادي، ويضيف: كما تعلم أن النخيل مرتبطة ارتباطا وثيقا بغذاء الإنسان ومعيشته منذ القدم؛ لدورها الرئيسي المساهم في المردود الاقتصادي للمواطنين والدولة، لذا لا بد أن نحافظ عليها بشتى الطرق.

ويثني محمد المحذوري نيابة عنه وعن أهالي الوادي فريق دائرة الزراعة الذي قام بزيارة ميدانية إلى الوادي للوقوف على هذا الموضوع، حيث تم إرشادهم من قبل الأهالي على الأماكن المتأثرة في العديد من قرى الوادي، منها الحيملي والقرية وحيل الغافة، وقد اطلع الفريق الزائر على الأماكن وتم حصر أعداد النخيل الميتة وتحديد الأماكن الأكثر تأثرا، وقد قدم الفريق مجموعة من الإرشادات للمواطنين لتجنب انتشار حشرة الدوباس، كما نوه الفريق المختص أن هذه الحشرة تتكاثر مرتين في السنة أي شهر سبتمبر ومارس وعلى الجميع العمل مكافحتها.

توصيات

أخيرا.. ووفق ما آلت إليه الآراء في هذا الاستطلاع، ومهمة مرايا التوعوية المستمرة في مثل هذه القضايا، فإنها ترجو من المواطنين المتأثرة نخيلهم بآفة الدوباس في جميع مناطق السلطنة العمل أولا بأول وفق ما أوصى به فريق دائرة الزراعة الذي قام بزيارة سابقة لقرى واديي الحاجر والحيملي، والتي تكمن مضامين تقريره في التخلص من السعف اليابس، والكرب والألياف داخل النخلة، وعدم ترك المخلفات تحت الأشجار او قريب منها، وتنظيف النخيل أول بأول، ومحاولة الرش المنتظم لها.

كما تدعو المعنيين في وزارة الزراعة ومجلس البحث العلمي وأقسام الأبحاث الأخرى في جامعة السلطان قابوس وباقي مؤسسات التعليم العالي الأخرى وكل جهة ذات صلة، القيام بعد التنسيق بينها بدراسة عاجلة ومكثفة حول ظاهرة استمرار موت النخيل في الواديين، والعمل على إيجاد حلول عاجلة نحو إنقاذها بشكل أفضل من آفة الدوباس.