1142728
1142728
الاقتصادية

الاستثمار في قطاع النخيل والتمور .. إنتاج اقتصادي بجدوى عالية «1 من 2»

23 أكتوبر 2017
23 أكتوبر 2017

أ.د.عبد الباسط عودة إبراهيم /خبير بستنة النخيل -

أصبح تأثير التغيرات المناخية في الوقت الحاضر أكثر وضوحا على مجريات حياتنا اليومية، كما باتت أساليب حياتنا هي الأخرى تؤثر في التغيرات المناخية، إذ كلما ازدادت حرارة الأرض، ازدادت الأضرار البيئية تبعا لذلك، وكلما ازداد النشاط الصناعي، ازدادت الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحراري، إن التأثيرات المحتملة لتغير المناخ على الإنتاج الزراعي لن تعتمد على المناخ في حد ذاته فحسب، وإنما ستعتمد على قدرة المحاصيل الزراعية على التكيف مع التغيرات المناخية ويعزى ما بين 10 -100% من تفاوت الإنتاج الزراعي في الأجل القصير إلى تقلبات الطقس حيث لوحظ انخفاض معدلات سقوط الأمطار في مصر ودول شمال إفريقيا والمملكة العربية السعودية والأردن وسوريا بنسبة (20 -25%) حسب تقديرات بعض الخبراء، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي لهذه الدول بدرجة كبيرة كما ان تناقص كميات المياه العذبة في البحرين والسودان وجيبوتي وتونس والجزائر والمغرب والأردن وسوريا ودولة الإمارات العربية المتحدة، ستكون له آثار جسيمة على الإنتاج الغذائي وزيادة مخاطر سوء التغذية، يضاف الى ذلك أن أسعار الغذاء باتت مرتبطة بأسعار الوقود وهذا بدوره ضاعف كلفة لقمة الخبز في معظم بقاع العالم. إن انخفاض إنتاجية النفط في العديد من الدول وتفكير دول العالم بالاعتماد على مصادر بديله للطاقة وما يشهده العالم من انخفاض أسعار النفط وحالة العجز في الموازنات العامة يجعل الدول العربية بشكل عام ودول الخليج العربي أمام تحد اقتصادي وغذائي ومن هنا لابد من التفكير بمصادر أخرى تعزز الدخل القومي وتساعد على الابتعاد عن الاقتصاد أحادي الجانب المعتمد على النفط كمصدر أساسي إن لم يكن الوحيد للدخل القومي.

جدوى الاستثمار في القطاع

إن البحث عن مصادر وموارد أخرى بديلة لتعزيز الموارد الاقتصادية، يضع أمامنا شجرة العرب نخلة التمر التي تنتشر زراعتها على امتداد الأرض العربية من موريتانيا حتى الخليج العربي، الشجرة المناسبة بيئيا للمناطق الجافة وشبه الجافة والتي تمثل 90% من مساحة الوطن العربي، توارث العرب زراعتها عبر الأجيال وهي المنتج الرئيسي في معظم الدول العربية ودول الخليج العربي بشكل خاص حيث تعد أعظم شجرة منتجة للغذاء في المناطق الصحراوية وتسمى ثمارها فاكهة الصحراء، وهي لا تمثل مصدر الغذاء ذا الطاقة العالية الذي يمكن تخزينه ونقله إلى مسافات طويلة عبر الصحراء فقط، لا بل هي أيضا مصدر الظل والحماية من رياح الصحراء، وعامل التوازن البيئي والاقتصادي والاجتماعي لسكان الصحاري، إن قطاع النخيل يمكن أن يكون القطاع الاستراتيجي للبلدان المنتجة للطاقة لحقبة ما بعد النفط وهو مصدر مهم من مصادر الأمن الغذائي للإنسان والحيوان باعتبار التمور محصولا زراعيا ذا فوائد اقتصادية وغذائية والشجرة مقاومة للجفاف، ومواجهة التصحر، بالإضافة إلى المنافع الاقتصادية والبيئية الأخرى التي تجعل قطاع النخيل إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد وللأمن الغذائي العربي والخليجي. هناك تساؤل يطرح هل الاستثمار في قطاع النخيل والتمور مجدي واقتصادي ولماذا؟

في بداية الأمر لا بد من الإشارة الى حقيقة مهمة وهي أن النخيل تتم زراعته عن طريق الفسائل سواء كانت خضرية أم نسيجية وفي كلا الحالتين تحتاج فترة زمنية بين 3-5 سنوات لكي تعطي إنتاج مقبول من الثمار وهذا يكون حسب عمر وحجم الفسيلة وعمليات الخدمة والرعاية من ري وتسميد ومكافحة وغيرها، والعمر الإنتاجي والاقتصادي للنخلة هو 10 سنوات، إن البعض يعتبر السنوات الأولى قبل الثمار والإنتاج هدر وخسارة متناسيا أن النخلة في هذه الفترة:

ـ تبني نفسها خضريا وتقوي مجموعها الخضري الذي يعد الأساس ومصنع الإنتاج الثمري.

ـ تعزز قدرتها على التحمل والتكيف في مواجهة الظروف المحيطة وخاصة إجهادات الحرارة والملوحة والجفاف.

ـ تنتج فسائل ممكن الاستفادة منها كقيمة اقتصادية ومردود مالي.

وعلينا التفكير أن الاستثمار في زراعة النخيل وإنشاء المزارع يقتصر على إنتاج التمور فحسب، بل تخطاه إلى أبعد من ذلك، فإن كان إنتاج التمور هو الهدف الأساسي فهناك أهداف أخرى تختلف باختلاف نظرة وتفكير المستثمر وإمكانياته واهتماماته، ومنها الاستفادة من المنتجات الثانوية لنخيل التمر والتي يطلق عليها بعض المزارعين. ينتشر النخيل في الواحات العربية وتمثل العامل الأساسي في التأقلم مع الظروف المناسبة لتوطين السكان واستدامة حياتهم، بل إن انتشار الجنس البشري في المناطق الجافة والقاحلة من العالم كان سيصبح محدوداً لولا هذه الشجرة (نخلة التمر)، فهي أعظم شجرة منتجة للغذاء في المناطق الصحراوية حيث تسمى ثمارها فاكهة الصحراء، وللتمر قيمة غذائية عالية، وهو مصدر الطاقة العالية الذي يمكن تخزينه ونقله إلى مسافات طويلة عبر الصحراء، لا بل النخلة هي أيضا مصدر الظل والحماية من رياح الصحراء، وعامل التوازن البيئي والاقتصادي والاجتماعي لسكان الصحارى (منظمة الأغذية والزراعة ، 1994). لذا فإن الاستثمار في نخلة التمر يؤدي الى مواجهة التحديات الاقتصادية والبيئية كون هذه الشجرة تعمل على توفير:

إنتاج الغذاء وتحقيق الأمن الغذائي، فالتمور مصدر غذائي عالي القيمة سهلة الخزن والنقل والتداول ويمكن أن تتوفر على مدار العام، تستهلك طازجة أو مصنعة حيث تدخل في العديد من الصناعات التي تشكل قيمة مضافة، وكذلك الاستخدامات الأخرى لأجزاء النخلة في الصناعات المنزلية والتقليدية.

التكيف مع التغيرات المناخية، والمحافظة على البيئة ومكافحة التصحر.

تحسين المستوى المعاشي من خلال توفير فرص العمل ومعالجة المشاكل الاجتماعية.

تحقيق التنمية المتوازنة بين الريف والمدينة.

زيادة الدخل الوطني وتنويع مصادر الدخل والمساهمة في توفير العملة الأجنبية من خلال تصدير الفائض للدول الخارجية.

ومن خلال التعرف على المميزات التي حباها الله سبحانه وتعالى لنخلة التمر وما توفره من منتجات يجعلها بحق ثروة الحياة وركيزتها الأساسية وأحد أعمدة الاقتصاد ومجموعة منظومات متكاملة.