1139415
1139415
المنوعات

مصر تتذكر الإيطالي جوفاني باتيستا بيلزوني

19 أكتوبر 2017
19 أكتوبر 2017

في مناسبة مرور 200 عام على اكتشافه لمعبدي أبو سمبل -

الأقصر «د.ب.ا»:- بعد مضى 194 عاما على وفاته، لا يزال المستكشف الإيطالي، جوفاني باتيستا بيلزوني، الملقب بـ«بيلزوني العظيم»، في الثالث من شهر ديسمبر، من عام 1823، يجذب أنظار علماء المصريات، في مختلف بلدان العالم، لما حققه من اكتشافات أثرية، ضخمة ومهمة، باتت من اشهر المزارات الأثرية والسياحية في الأقصر، وفي أسوان.

وفي مناسبة مرور 200 عام، على اكتشاف بيلزوني، لمعبدي أبوسمبل، جنوبي محافظة أسوان، راحت مصر ومعها إيطالياـ تتذكران هذا المستكشف، الذي وصل إلى معبدي أبوسمبل، في أقصى جنوب أسوان، واكتشف مقابر: رمسيس الأول، وسيتي الأول، و«آي»، والأمير آمون حر خبشف، في غرب مدينة الأقصر، ووصلت في جولاته الكشفية عن الآثار المصرية، حتى ميناء برانيس، على سواحل البحر الأحمر، وعمل في مشروع نقل مسلة معبد فيله الشهيرة، وقام برفع ونقل أكبر تمثال للملك رمسيس الثاني، في معبد الرامسيوم، ووضع الكثير من التقنيات التي تستخدم حتى اليوم، في مجال الحفر والتنقيب عن الآثار ونقلها. و تتذكر مصر وإيطاليا بيلزوني العظيم، عبر إقامة ندوات ومعارض واحتفالات محلية ودولية، تستمر طوال شهري أكتوبر ونوفمبر، من العام الجاري 2017، وذلك في كل من أسوان والأقصر والقاهرة.

بداية الحكاية: ولد بيلزوني، في مدينة بادو بإيطاليا في 15من شهر نوفمبر، عام 1778، وكان والده يعمل حلاقا، وكان له 13 شقيقا، والتحق وهو في السادسة عشرة بإحدى دور الرهبنة بروما، وهناك تورط في الشؤون السياسية، وخوفا من أن يقبض عليه ويلقى في السجن،هرب إلى انجلترا في عام 1803، وفى انجلترا التحق بسيرك متجول حيث أوكل اليه دور باسم «باتاجونيان سامسون» حيث استمر في هذه المهنة لمدة اثنتي عشرة سنة. وحول بداية رحلته، مع الاكتشافات الأثرية بمصر، قال بيلزوني في كتاب خطه بيديه : « أبحرت باتجاه مصر، من مالطة في 19 من شهر مايو عام 1815، ووصلت إلى ميناء الإسكندرية بمصر، في يوم التاسع من شهر يونيو، من ذات العام وذلك بصحبة زوجتي .. وكان ذهابى إلى مصر لإنشاء الماكينات الهيدرولوكية لري الحقول، بإتباع نظام أسهل وأكثر توفيرا للمال، من النظام القائم للري بمصر - آنذاك - وكانت أول مشاهدة لي لآثار مصر القديمة، هو أهرامات الجيزة وسقارة، حيث تصادف وجودي في القاهرة، بمكان عالٍ مكني من إلقاء نظرة على القاهرة والجيزة من بُعٌدٌ.

لكن مشروع تطوير الري بمصر، والذي اقترحه،بيلزوني، على محمد على، حاكم مصر آنذاك، باء بالفشل، بعد أن تسبب حظ بيلزوني العاثر، في أن تتعطل ماكينته، في حفل التشغيل الذي أقامه محمد على، في تلك المناسبة، فقرر محمد على ألا يكمل بيلزوني مشروعه.

وهنا كانت بداية تحول بيلزوني من العمل بهندسة الري، إلى أعمال أخرى، ساقته لأن يكون مستكشفا أثريا.

بيلزوني مستكشفا اثريا : وبعد فشل بيلزوني في العمل بحقل الري بمصر، التقاه « سولت» الذي كان يشغل قنصل بريطانيا بمصر، في ذلك الوقت، حيث طلب « سولت» من بيلزوني أن يتجه للعمل بالاستكشافات الأثرية.

ولأن بيلزوني، وبحسب قول الباحث المصري، فرنسيس أمين، كان شخصا متعدد المواهب، فلم يرفض طلب «سولت» وقرر ان يجرب حظه، في مجال البحث عن الآثار المصرية القديمة، ونجح بيلزوني في ذلك، واستطاع أن يدرس أسس الحفر الأثري، مستعينا بخبراته السابقة في مجال دراسة المواقع، كما استفاد من كونه رساما في رسم المواقع التي عمل بها، وما عثر عليه فيها من آثار، وكان يتميز بين بقية المستكشفين للآثار المصرية، بأنه كان يدون تاريخ اكتشافه للأثر ويوثق ذلك بالرسم والكتابة.

قزم إيطالي يحاول سرقة اكتشاف بيلزوني : ويروى الباحث المصري، فرنسيس أمين، حكاية بيلزونى مع قزم إيطالي يدعى «فيناتي»، فبعد أن توصل بيلزوني لموقع معبدى أبوسمبل، حضر فيناتي، وكان قصير القامة، وكان مارا بمركب في النيل، قرب موقع المعبدين، ولاحظ وجودا لعمال وحركة في المكان أثارت انتباهه، فذهب إلى موقع المعبدين، واستطاع الدخول من الفتحة الصغيرة التي أحدثها بيلزوني، واكتشف من خلالها المعبدين، ورأى القزم فيناتي، المعبدين، وعاد سريعا لإيطاليا، ليعلن من هناك أنه صاحب اكتشاف معبدي أبو سمبل . وكان بيلزوني مشهودا له بأنه « العظيم» وقد كتب المستكشف البريطاني، هيوارد كارتر صاحب اكتشاف مقبرة الفرعون الذهبي، توت عنخ آمون، عن بيلزوني قائلا: «إن بيلزوني من أكثر الرجال جدارة مستحقه في كل تاريخ علم الآثار».

بيلزوني أول من دخل لهرم خفرع : ويقول المؤرخ المصري، كامل عيد رمضان، في كتابه « شرائع الأزمنة وطبائع الأمكنة» أن بيلزوني هو الشخص الأول، في العصر الحديث، الذي يدخل هرم الملك خفرع بالجيزة، وقد استخدم في ذلك عبقريته الهندسية، ليحدد على وجه الدقة، المدخل إلى الغرف الداخلية بالهرم، وكان هو أول أوروبي، يقوم بزياره واحة سيوة، وأول من قام بتحديد خرائب مدينة برنيس، على شاطئ البحر الأحمر. وفي عام 1819، عاد بيلزوني، إلى إيطاليا، وبعد ذلك بعام، قام بنشر كتاب أكسبه شهرة واسعة، وكان عنوان الكتاب :حكايات الاكتشافات الحديثة في مصر والنوبة . وقد سجل بيلزوني في كتابه، قصة حياته في مصر، وكذلك صراعاته ومغامراته وأبحاثه، وقد اعتبر هذا العمل، هو أول بحث في علوم المصريات.

وحول وفاة بيلزوني، يقول كامل عيد رمضان، أنه أثناء قيام بيلزوني، بالتنقيب عن الآثار في مدينة في تومبيكتو في الشماء الغربي من أفريقيا،أصيب بيلزوني بمرض أدى لوفاته.