khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع: التدرج في التمكين

18 أكتوبر 2017
18 أكتوبر 2017

خصيب القريني -

إن قدرة أي مجتمع على النجاح تنبع في الأساس من قدرته على توظيف مختلف إمكانياته البشرية والطبيعية لخدمة أهدافه التي يسعى لها، ولو تحدثنا عن الجانب البشري مثلا فأنه لا يمكن أن يتم ذلك في ظل تعطيل نصف طاقات المجتمع، وتجميد مواهبه وإمكانياته لمجرد أنه امرأة، في ظل نظرة تقليدية جامدة لا تراعي الظروف الحالية والمستقبلية ولا تسعى للنظر إلى الجانب الاقتصادي والتعليمي الذي تعول عليه التنمية في أي مجتمع نظرة إيجابية تسهم في الرقي بالمجتمع، والذي يفترض ألا يتعارض مع النظرة الدينية والأخلاقية وفق ضوابط الشريعة الإسلامية التي تراعي مختلف أوجه التعامل بين الجنسين.

إنَّ التدرج في عملية تمكين المرأة في أي مجتمع لابد أن يمر بمراحل مختلفة تراعي ظروف وإمكانيات أي مرحلة زمنية يمر بها ذلك المجتمع، وتبنى أي خطوة لاحقة على ما تم إنجازه في الخطوة التي سبقتها، وبالتالي يتم العمل على تلافي سلبيات أي خطوة ومعالجة مثالبها، وربما ينطبق هذا الأمر على كثير من أوجه الحياة، ذلك أن اتخاذ خطوة تمكين المرأة بدون مراعاة للظروف الزمنية والمجتمعية والاقتصادية والسياسية لأي بلد هو في النهاية أمر له من السلبيات ما يفوق إيجابياته في خدمة المجتمع وتطوره.

إن السياسة التي اتبعتها السلطنة في عملية تمكين المرأة كانت وفق ضوابط وآليات محددة ومدروسة، خطوات راعت خصوصية المجتمع العماني وراعت العادات والتقاليد العمانية وقبل كل ذلك وضعتها في إطارها الديني الذي يضمن لها حياة قائمة على أسس متينة لا ترتكز على الأهواء بقدر ارتكازها على مبادئ ثابتة.

من هنا مرت عملية وجود مساواة بين الجنسين في مجالات العمل والخدمات والامتيازات وغيرها من المجالات التي يمكن أن تتحقق فيها المساواة بخطوات تدريجية تجاوزت من خلالها دول كثيرة تتحدث عن تلك المساواة ولا تطبقها، بينما كانت السلطنة سباقة وبخطوات واثقة في عملية إيجاد مساواة حقيقية بين الجنسين في المجالات التي يمكن تحقيق ذلك المبدأ بعيدًا عن البهرجات الإعلامية الجوفاء التي تهدف إلى التلميع الإعلامي الخارجي بغية تحقيق أهداف دعائية دون أن يقابلها واقع حقيقي يعبر عن ما تم الترويج له.

إن تخصيص يوم من كل سنة للاحتفال بيوم المرأة العمانية هو خطوة أخرى أيضًا في مجال تمكين المرأة من خدمة مجتمعها وإعطائها حقوقها كاملة أسوة بأخيها الرجل، حيث إن نهوض أي مجتمع قائم في الأساس على مدى قدرته على استغلال إمكانيات البشرية بمختلف طاقاتها.

ويأتي هذا اليوم برمزيته ليعبر عن مدى اهتمام القيادة الحكيمة لجلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- لأهمية الدور الذي يجب أن تلعبه المرأة في نهضة مجتمعها ورقيه، فلا يمكن أن يتحقق التقدم والتطور في أي مجتمع إلا بإعطاء كل ذي حق حقه، عندها يستطيع أن يساهم في خدمة مجتمعه بأريحية تامة ذلك لأنه أخذ ما له من حقوق فوجب عليه تأدية ما عليه من واجبات.