sharifa
sharifa
أعمدة

وتر: عمـــــــــــانية

18 أكتوبر 2017
18 أكتوبر 2017

شريفة بنت علي التوبية -

كلما نويت الكتابة عن المرأة يلوح لي وجه أمي، وتظهر لي تلك الصورة المعلّقة في جدار القلب لامرأة عمانية يملأ وجودها كل تلك المساحات البيضاء في ورقة الكتابة، ويملأ حضورها الدنيا بأسرها، لتغيب كل الوجوه وكل الصور فتغني فيروز (يا وجه أمي لا تغيب).

وكل امرأة عمانية هي أمي في وفائها ونقائها وطهارتها وإخلاصها وتضحياتها، وفي كل محفل وفي كل مناسبة تشرق تلك الصورة الحاضرة رغم غيابها، لامرأة لا تشبه سوى نفسها، هي ابنة هذه الأرض الطيبة، وهي الشريكة والرفيقة للرجل منذ قدم التاريخ، فهي المرأة التي تعمل في الحقل مع زوجها وتحمل فوق رأسها حزما من أعواد البرسيم كي تطعم أغنامها، تلك المرأة التي تستيقظ فجراً لتحلب بقرتها وتعجن طحينها لتعد به خبزاً طازجاً تعطر رائحته الشهية زوايا البيت، تلك المرأة التي تسهر كجندي محارب فلا تغفو عينها قبل أن تغفو عيون الجميع، وتستيقظ قبل الجميع لتعد قهوة الصباح لرجل تحبه، وتعد وجبة إفطار لأطفال تربيهم بمحبة طاغية، وتهيئهم للسير في دروب الحياة رجالاً ونساء لا يقلّون عنها عطاء ومحبة، هي المرأة التي كنت أراها ترضع صغيرها وهي تخيط ثوب العيد لابنتها الصغيرة، تهز المهد وتغني أغنيات الأمهات في تعويبة حنونة، هي المرأة التي تذهب إلى فرضة الماء حاملة (الجحلة) فوق رأسها، تسير في دروب الحارة القديمة مرتدية ثوبها العماني بألوانه الزاهية.

هي المرأة العمانية ذاتها التي أصبحت اليوم الوزيرة والسفيرة ووكيلة الوزارة والكاتبة والفنّانة والمعلّمة والطبيبة والممرضة والمهندسة وامرأة الأعمال والشرطية وقائدة الطائرة...ومهام كثيرة أخرى، هي العمانية التي لا تتوارى خجلاً عن العطاء، بل تسير جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل لأجل وطن تعشقه، لتصبح ما هي عليه اليوم، العمانية التي أرى فيها كبرياء وجمال أمي المخلصة وقلبها الحنون.

إنها العمانية التي كلما يممت وجهك شطر مشرق الأرض أو مغربها تجدها تزرع حضورها بكبرياء وعزّة وتؤثث المكان نجاحا وإنجازاً، العمانية التي أُعطيت من المسؤوليات بحجم الثقة التي أولاها لها الأب السلطان فكانت على قدر ما أعطيت، فنالت من شرف الحضور والمشاركة ما لم تنله امرأة سواها، وحققت من النجاح ما لم تحققه امرأة غيرها، هي العمانية الشامخة كنخلة والجميلة كوردة جبلية بوطن يؤمن بالمشاركة والمساواة، لذلك يكفي أن أكون عمانية كي تفتح لي الدنيا أبوابها، ويكفي أن أقول عمانية أنا؛ لأسير وأنا مرفوعة الرأس بكبرياء وفخر لا تعرفه سوى العمانية.