صحافة

داعش ينحسر ومقتل «أرملته البيضاء»

16 أكتوبر 2017
16 أكتوبر 2017

هل سيرحل تنظيم داعش إلى غير رجعة، وهل ستندثر «الخلافة» التي أعلن عنها التنظيم عام 2014 من خلال حكمه معظم غرب العراق وشرق سوريا، أم أن التنظيم سيختفي ثم يعود مرة أخرى عندما تتاح له الفرصة، بنفس الصورة والكيان أو حتى في شكل وكيان آخر.

صحيفة «إندبندنت» نشرت تقريرا لمراسلها (باتريك كوكبيرن)، شرح فيه كيف إن تنظيم داعش حارب بإتقان محاولا الحفاظ على مدينة الرقة السورية رغم علمه أنه سيخسرها، كما أنه حارب أكثر مما هو متوقع في الموصل والرقة، وحارب على عدة جبهات ضد أعدائه الكثيرين، وضد القوات الجوية الأمريكية والروسية والقوى الحليفة، وكان لابد من تدمير الرقة والموصل وتحويلهما إلى ركام لتنتصر القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية. وتقول الصحيفة ان حكومات العالم تتساءل، هل تم الانتصار على التنظيم بالفعل؟ لكن الحاصل هو أن التنظيم سيحاول إثبات عدم هزيمته من خلال زيادة هجماته في الخارج، ليظهر على انه لا يزال يحظى باتباع كثيرين مستعدين للموت في سبيل معتقداتهم . فقد استسلم مئات من مقاتلي التنظيم للأكراد في الحوجة، بينما لم يستسلم أحد في الرقة سوى 15 مقاتلا فقط خلال 3 أسابيع. ورغم أن التنظيم يعاني من هزائم ثقيلة بخسارته الرقة والموصل لكنه لم ينته تمامًا بعد، فهناك مخابئ له تحت الأرض في الصحراء بين سوريا والعراق، وربما يعود خلال عدة سنوات.

ويقول الكاتب: إن التنظيم يمكن أن يعود مرة أخرى، كما حدث بعد هزيمة أمريكا له مع العرب السنة عام 2006- 2008، وعودته بشكل أقوى بعد عام 2011 عندما كان الوضع السياسي في المنطقة مواتيا». لكن احتمال عودته هذه المرة غير متوقع؛ لأن عودته قبل ثلاث سنوات صدمت القوى الإقليمية والدولية التي ستكون على حذر هذه المرة من السماح له بأن يعود للحياة ثانية.

ويذكر الكاتب أن التنظيم لا تزال لديه نقاط قوة، والدليل هو تسجيلات قائده أبي بكر البغدادي التي يشير فيها إلى أنه لا يزال على قيد الحياة. ويعني ذلك، إذا ثبتت صحته، صعوبة إعلان التنظيم ميتًا، وان ايديولوجيته ستعيش وستتغذى على الانقسامات الطائفية بين السنة والشيعة في المنطقة. أما عن مقتل البريطانية سالي جونز المجندة في صفوف التنظيم في غارة بطائرة بدون طيار في سوريا في يونيو الماضي، فقد كانت صحيفة «الصن» أول من أعلن خبر مقتلها، حيث نشرت الصحيفة تقريرا تساءلت فيه عن مصير «الأرملة البيضاء» سالي جونز، التي تعد أشهر مطلوبة إرهابية بريطانية.

وذكرت الصحيفة أن سالي جونز التي انضمت لتنظيم داعش قتلت في غارة أمريكية بالقرب من الحدود بين سوريا والعراق، بينما كانت تحاول الهرب من معقل التنظيم في الرقة باتجاه بلدة الميادين السورية. وأشارت الصحيفة إلى أن قياديين في جهاز المخابرات الأمريكية الـ«سي آي ايه» أبلغوا نظرائهم في المملكة المتحدة أن طائرة من دون طيار من نوع «بريديتور» قتلت جونز البالغة من العمر 50 عامًا في يونيو الماضي، وانه تم التكتم على مقتلها وسط مخاوف من مقتل ابنها جوجو البالغ من العمر 12 عاما في الغارة نفسها.

وذكرت الصحيفة أن جونز كانت قد غادرت منزلها في (شاثام)، بمنطقة كنت جنوب شرق إنجلترا، مع ابنها جوجو (12 سنة) عام 2013 للانضمام إلى تنظيم داعش المتطرف في سوريا. وأضافت: إن سالي جونز كانت تعمل عازفة جيتار ومغنية راب، إضافة إلى عملها في متجر مستحضرات التجميل «لوريال». وباتت الصحف تطلق عليها لقب «الأرملة البيضاء» بعد أن قتل زوجها جنيد حسين في غارة شنتها طائرة أمريكية بدون طيار في أغسطس عام 2015.

وبعد مقتل حسين، باتت جونز مسؤولة عن تجنيد الفتيات الأوروبيات في صفوف داعش، بغية تشكيل وحدة مقاتلة أجنبية لغرض تخطيط وتنفيذ هجمات في الغرب. واتخذت سالي اسمًا مستعارًا على مواقع التواصل الاجتماعي هو «أم الحسين البريطانية». وكانت تشجع على عمليات إرهابية ضد الغرب، ووجهت رسالة تحذيرية أكثر من مرة على أنها ستفجر نفسها، وتكون أول انتحارية بريطانية. وتتهم جونز وزوجها بالمسؤولية عن التخطيط لـ12 هجومًا إرهابيًا على الأقل.

وأكدت صحيفة «التايمز» ما نشرته صحيفة «الصن» حيث نقلت عن مصدر في الحكومة البريطانية قوله أنه «من المفترض أن تكون سالي جونز وابنها قتلا على ما يبدو»، موضحًا أن ابن «الأرملة البيضاء» قتل معها، مشيرة إلى أن طائرة حربية أمريكية نفذت ضربتها حين كانت جونز تحاول الهرب من مدينة الرقة المحاصرة.

وقالت الصحيفة: إن جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني «MI6» كان يقتفي اثر جونز أو «الأرملة البيضاء» ويلاحقها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة. ونقلت الصحيفة عن تشيب شابمان قائد مكافحة الإرهاب في وزارة الدفاع البريطانية سابقا قوله إن جونز كانت هدفا «مهما للغاية» نتيجة لدورها في عمليات التجنيد للتنظيم.

وترى صحيفة «الجارديان» أن مقتل سالي جونز، المعروفة بلقب «الأرملة البيضاء»، إذا تأكد، سيكون ضربة دعائية قوية للتنظيم. ونقلت الصحيفة عن شيراز ماهر، زميل معهد أبحاث التطرف والعنف في جامعة (كينجز كوليدج) بلندن، قوله إن جونز كانت واحدة من امرأتين حددتهما وزارة الخارجية الأمريكية كمقاتلتين أجنبيتين في التنظيم.

وتقول الصحيفة: إن جونز كانت تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للاتصال بنساء أوروبيات وجذبهن للتنظيم. ومن تعليقاتها على وسائل التواصل الاجتماعي «أنتم أيها المسيحيون يجب أن تقطع رؤوسكم بسكاكين غير حادة وتعلق في الرقة. تعالوا إلى هنا لأفعلها بكم». وفي حديث له مع «بي بي سي» قال أزادي موافين مؤلف كتاب «جهاد أحمر الشفاة» ان «وجود سالي جونز مع تنظيم (داعش) كان مهما لإيصال فكرة أن التنظيم يستطيع أن ينفذ إلى أعماق المجتمع البريطاني».