1131888
1131888
الرئيسية

محـمية السـرين الطـبيعية تسجيل قرابة 400 نوع من النباتات وتركيب 27 جهاز تعقب بين 41 وعلاً عربياً

14 أكتوبر 2017
14 أكتوبر 2017

كتبت: مُزنة بنت خميس الفهدية -

كشف مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني عن تسجيل قرابة 400 نوع من النباتات المختلفة في محمية السرين الطبيعية، التي تشكل منطقة مزدهرة بالحياة البرية المتنوعة، منها 10 أنواع تستوطن جبال الحجر، و4 أنواع أخرى توجد ضمن القائمة الحمراء للنباتات العمانية المهددة بالانقراض حسب التصنيفات والإحصائيات البيئية.

وأشار المكتب إلى أشهر النباتات المستوطنة في المحمية منها «أشجار السَّمر»، حيث تمثل أحد أبرز العناصر الغذائية الهامة للحيوانات البرية التي تعيش في المحمية بما في ذلك الوعل العربي، فضلا عن توفيرها الظل الوفير لهذه الكائنات البرية، و«شجرة البوت» حيث تقتات منها مجموعة كبيرة من الحيوانات مثل الخفافيش والثعالب والوعل العربي، ويحصد ثمرها السكان المحليون ويأكلونه أو يبيعونه في الأسواق المحلية في السلطنة، كما تنتشر نباتات أخرى عديدة مثل: «نباتات الشوع»، و«الزعتر البري» و «الضجع»، وكثيرا من هذه النباتات لها قيمة عالية واستخدامات علاجية بدائية وطبية عالمية.

مراكز المراقبة

وأكد مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني أنه تمّ إنشاء 5 مراكز للمراقبة موزعة على المداخل الرئيسية للمحمية في قطاعيها الجبل الأسود والجبل الأبيض، كما تم توظيف عدد من مراقبي الحياة البرية «مأموري الضبط القضائي» وهم يمثلون اللبنة الأساسية والحقيقية لنجاح المحميات الطبيعة وتعزيز حماية المفردات الفطرية فيها، مضيفا أنه تمّ توظيفهم من خلال اختيارهم من أبناء المحمية مما يسهم في عملية الصون ويسهل التعاون والتواصل مع السكان المحليين في المحمية.

وأفاد المكتب أن عمل المراقب يتركز على مراقبة الحياة البرية في المحميات الطبيعية، ومراقبة مداخل ومخارج المحمية، ويتولى معالجة الحالات الطارئة التي تحصل في حدود المحمية التي يشرف عليها وإبلاغ الجهات الأمنية والقضائية المختصة بالأمر فيما يخص الصيد غير المشروع أو انتهاك الحياة البرية، كما يسهم مراقب الحياة البرية في الدراسات والأبحاث الميدانية من خلال تعقب آثار الحيوانات البرية والاستدلال على أماكن تواجدها، ويقوم بتسجيل مشاهدات الحياة الفطرية بالمحميات باستخدام الأنظمة الحديثة والتقنيات التي يتم تدريبه عليها.

ويتميز عمل مراقبي الحياة البرية «مأموري الضبط القضائي» بمحمية وادي السرين أنه شاق في الغالب بسبب الطبيعة الوعرة لتضاريس المحمية، والمناخ القاسي ولهذا عادة تكون دوريات المراقبة في الجبل في مجموعات لا تقل عن شخصين، ويتم تدريب جميع المراقبين على الإسعافات الأولية.

وأضاف المكتب أنه في عام 2016م نفذ بالتعاون مع البنك الوطني العماني كشراكة مؤسسية مع القطاع الخاص باعتبارهم أحد المساهمين في عملية حماية البيئة في السلطنة مشروع علمي بحثي بيئي حول دراسة انتشار الوعل العربي في الجبال المتاخمة لمحمية السرين الطبيعية، الذي تستمر أعماله منذ انطلاقه على مدى 3 سنوات متتالية وهو من المشاريع الجديدة التي ينفذها المكتب بتركيب أطواق تتبع عبر الأقمار الاصطناعية على عدد من كائنات «الوعل العربي »، وأنهى المختصون تركيب 27 جهاز تعقب من خلال الإمساك بـ41 حيوان وعل عربي، وتعمل الآن بصورة مرضية يتم خلالها الحصول على البيانات والمعلومات، ويهدف من خلالها دراسة أماكن تواجد وانتشار الوعل العربي في المنطقة ومسح التنوع الحيوي الموجود بها.

ويهدف مكتب حفظ البيئة من خلال هذه الدراسات الميدانية للوعل العربي لفهم المناطق التي يرتادها الوعل العربي بمحمية السرين الطبيعية بشكل دائم؛ لتكثيف عمليات الرقابة وتوفير الحماية له، فضلا عن تعزيز دور الدراسة العلمية في معرفة أنماط التنقلات اليومية والفصلية والسنوية لهذا الحيوان، وبالتالي التعرف على محيط منطقة عيش الوعل العربي والمسافات التي يقطعها في اليوم الواحد، بالإضافة لتحديد الارتفاعات المفضلة له ودرجات الحرارة التي تتناسب مع معيشته، والخروج بقاعدة غنية من المعلومات والبيانات العلمية المحكمة حول هذا الكائن الحي الفريد من نوعه.

مشاريع بيئية حيوية

وأوضح مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني أن برنامج جهود الدراسات والأبحاث البيئية العلمية الميدانية لمشروع تقصي مسح حيوان الوعل العربي في بيئته الطبيعية أحد المشاريع البيئية الرئيسية التي ينفذها مكتب حفظ البيئة في محمية السرين الطبيعية، وهو أحد الحيوانات المهددة بالانقراض وفقا للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN)، ويعد الجبل الأسود والأبيض بمحمية السرين الطبيعية وجبال محمية جبل قهوان أكبر تجمعات لحيوان الوعل العربي في السلطنة، ويسعى المكتب على الحفاظ للأنواع النادرة من الحيوانات البرية ذات القيمة الثقافية والبيئية.

وتعتبر السلطنة من أوائل الدول المبادرة باتخاذ الإجراءات والتدابير لحماية مفردات الحياة البرية ومن ضمنها حيوان الوعل العربي، وبادر مكتب حفظ البيئة بالتعاون مع المركز الوطني للبحث الميداني في مجال حفظ البيئة في تنفيذ مجموعة من المشاريع البحثية لدراسة بيئة الوعل العربي، بالإضافة إلى السلوكيات الاجتماعية التي يتبعها في عمليات التواصل بين القطيع والتزاوج والتنقلات الموسمية واليومية، ولا يزال المشروع الذي ينفذه المكتب مستمرا إلى وقتنا الحالي.

حيوانات متنوعة

وأكد المكتب تمتاز محمية السرين الطبيعية بتنوع أحيائي فريد « كالثدييات، والطيور، والزواحف، والحشرات، والبرمائيات، واللافقاريات» والعديد من أنواع النباتات البرية المستوطنة» وأبرز الحيوانات التي تعيش في المحمية وتعتبر مهددة بالانقراض حسب تصنيف الاتحاد الدولي لصون الطبيعة ( IUCN ) هي: الوعل العربي المعروف بالطهر، والغزال العربي بأعداد جيدة، وتحتوي المحمية أيضا على مجموعة من المفترسات من بينها: الذئب العربي، والوشق، والقط البري، والثعلب الجبلي، وعدد كبير من الحيوانات الثديية الأصغر حجما.

وتشكل محمية السرين الطبيعية مأوى آمنا لأعداد هائلة من الطيور البرية المستوطنة والمهاجرة، التي يتم مشاهدتها ورصدها خلال العام في أجزاء مختلفة من المحمية مثل: اليمام الضاحك، والبومة القزمة، والحمام البري، والحجل العربي، والهدهد، وطيور القطا، وأنواع أخرى من الطيور الجارحة مثل: الرخمة المصرية، والصقور و النسور، وتقاوم هذه الكائنات مختلف أشكال الانقراض التي تهددها من بينها: الصيد غير المشروع، والتضاريس الجيولوجية الصعبة وقساوة البيئة، والزحف العمراني.

دراسات وبحوث

وأكد مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني أن الباحثين العمانيين في المكتب من المختصين والأخصائيين بالمحميات الطبيعية والأحياء الفطرية يجرون دراسات وبحوث ميدانية متواصلة في المحمية ضمن نطاق انتشار الكائنات الحية والموارد المائية والتشكيلات الجيولوجية والنشاط البشري القائم فيها، باستخدام مجموعة من الوسائل والتقنيات ونظم المعلومات الجغرافية اليدوية والحديثة والمتطورة في المسوحات الميدانية لرصد الحياة الفطرية من ضمنها الكائنات الحية الحيوانية النادرة التي تعيش في السلطنة في موائلها الطبيعية وأهمها : تتبع وتقفي الأثر، وتحليل المخلفات الحيوانية وبقايا الحيوانات النافقة، بالإضافة لاستخدام استمارات أو بطاقات جمع المشاهدات، وإدخال الوسائل والتقنيات العلمية الحديثة مثل الكاميرات الفخية، وكاميرات التصوير الرقمية، والمناظير، وأجهزة التعقب عبر الأقمار الاصطناعية، واستخدام البرامج والتطبيقات الذكية والمواقع الإلكترونية المحكمة لتوثيق هذه المشاهدات.

ويقوم المختصون في التوعية والإعلام بمكتب حفظ البيئة مجموعة من الأعمال التوعوية والأنشطة والفعاليات المختلفة؛ لتوعية الجمهور في السلطنة وخارجها بأهمية المحافظة وصون البيئة والإرث الطبيعي، كما تمّ وضع لوائح إرشادية حول المحمية وداخلها بتصاميم حديثة، وعمل استفتاء وتقييم للمدارس والقاطنين بقرب أو داخل وحدود محمية السرين الطبيعية؛ لوضع خطة ممنهجة في تعزيز الثقافة وحماية البيئة العمانية.

جهود وخطط

ويدير مكتب حفظ البيئة بديوان البلاط السلطاني محمية السرين الطبيعية منذ نشأتها، ووضع المكتب خطة متكاملة لإدارة هذه المحمية وفق أسس ومعايير بيئية وتصنيفات عالمية، وضمن أطروحات لنتائج البحوث والدراسات الميدانية العلمية التي نفذت في المحمية وهي متواصلة بشكل دوري، ولنجاح عملية الصون تم توظيف كوادر وطنية متمكنة بمختلف التخصصات العلمية ذات كفاءة عالية لخدمة المجالات البيئية والأمنية والتوعوية في المحمية، واشتملت خطة الإدارة المتكاملة لمحمية السرين الطبيعية تقسيم المناطق إداريًا، حيث يسمح بممارسة بعض الأنشطة في المواقع التي لا تهدد الموائل الطبيعية لحيوانات الوعل العربي والكائنات الأخرى.

الجدير بالذكر، تنقسم محمية السرين الطبيعية إلى قطاعين رئيسيين وهما: الجبل الأسود والجبل الأبيض، حيث يقع الجبل الأسود في ولاية العامرات بمحافظة مسقط وهو من ضمن سلسلة جبال الحجر الشرقي، ويعتبر الجبل موطنا للوعول العربية والحيوانات الجبلية الأخرى، التي تكيفت للعيش على منحدراته الشديدة الوعورة وسفوحه وكهوفه مثل: الثعلب الجبلي «بلاندفورد «، والغزال العربي، بالإضافة إلى أنواع من الطيور الجارحة والنسور مثل الرخمة المصرية، النسر الأوذن وغيرها .

ويقع الجبل الأبيض في ولاية دماء والطائيين بمحافظة شمال الشرقية، ويعد من ضمن جبال الحجر الشرقي التي تمتاز بانحداراتها الشديدة وارتفاعاتها الشاهقة التي تضم بين جنباتها أروع التكوينات وتأوي أنواع مختلفة للحياة الفطرية، وأبرز مناطق الجبل الأبيض هي منطقة الحيل الكبير التي تعتبر واحة غناء خضراء مشكلة لوحة من إبداع الخالق في أغلب فصول السنة، كما تزخر محمية السرين بالعديد من الموارد المائية منها الأودية والعيون والخروس والغيول التي تعتبر المورد الأساسي للوعول والغزلان العربية القاطنة بالمحمية والكائنات الحية الأخرى.