أفكار وآراء

مسؤولية القطاع الخاص في تشغيل القوى العاملة الوطنية

14 أكتوبر 2017
14 أكتوبر 2017

د. محمد رياض حمزة -

mrhamza1010@gmail .com -

وثّق التقرير الشهري “مؤشرات سوق العمل” الصادر عن وزارة القوى العاملة أن عدد القوى العاملة الوطنية في منشآت وشركات القطاع الخاص بلغ (231) ألفاً و (338) مواطن ومواطنة. يقابلهم (مليون و964 ألفا و555) من القوى العاملة غير العمانية حتى نهاية شهر أغسطس 2017م. إي أن التناسب العددي 11.8%. وإن استُثني (800) ألف من القوى العاملة غير العمانية من جملة عددهم من الذين يعملون في مهن معينة، فإن هناك ما يقرب من 200 ألف فرصة عمل إشرافية وإدارية وتقنية وخدمية ممكنة التعمين.

حكومة السلطنة من جانبها ما توقفت ولن تتوقف عن المبادرة في توفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية سواء في مؤسساتها أو بتشجيع ورعاية وإسناد مبادرات العمل الحر وتأسيس المشاريع الخاصة. فهناك العشرات من المبادرات وآخرها وليس أخيرها إنشاء الهيئة العامة لتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وصندوق الرفد. فضلا عن متابعة تنفيذ خطط التعمين والسعي الدائم لوزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة في استدعاء الباحثين عن عمل وعرض فرص العمل التي يوفرها القطاع الخاص. فتشغيل القوى العاملة الوطنية من الباحثين عن عمل واستقرار العاملين منهم. وصولا إلى التشغيل الكامل مهمة ترتبط بالأمن الاجتماعي.لذا كانت حكومة السلطنة ولا تزال تتعامل باهتمام على توفير فرص العمل للمواطنين. وهنا يأتي دور القطاع الخاص لأن يكون المشغل الأساسي للقوى العملة الوطنية. ويجب على إدارات منشآته توفير فرص عمل للباحثين عن عمل بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة.

ـــ من جانبها تواصل وزارة القوى العاملة والهيئة العامة لسجل القوى العاملة العمل الجاد في ظروف ترشيد الإنفاق العام على أن يكون القطاع الخاص المشغل الرئيسي للباحثين عن عمل من للقوى العاملة الوطنية. كما أن الوزارة والهيئة توصلان العمل على تعزيز دورهما في الربط بين المواطنين الباحثين عن عمل وبين فرص العمل التي تتوفر في سوق العمل ومصدرها منشآت القطاع الخاص. لذا فإن المتوقع أن تعمل إدارات منشآت القطاع الخاص لتوفير المزيد من فرص العمل للقوى العاملة الوطنية. فتوفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية في منشآت القطاع الخاص يجب ألا يقتصر على تنفيذ خطط التعمين التي تفرضها الحكومة على القطاع، بل ان القطاع ذاته يجب أن يكون مبادرا في توفير فرص العمل بمنشآته بخطط إحلال لا تتوقف.

في معظم دول العالم ذات الاقتصادات الرأسمالية فإن عدد القوى العاملة في المؤسسات الحكومية لا يتجاوز 10% من جملة القوى العاملة في مختلف أنشطة الاقتصاد. التي تعود ملكيتها وإدارتها للقطاع الخاص. بمعنى أن شركات ومصالح القطاع الخاص هي المعنية بتوفير فرص العمل.وهنالك العديد من الأسباب التي تجعل من توفير فرص العمل في القطاع الخاص محدودة أو لا تتناسب مع عدد الباحثين عن عمل ويتعين على إدارات منشآت القطاع الخاص التنفيذية معالجتها وأهمها:

ـــــ المشاريع الصناعية الكبيرة العائدة، ملكيةً وإدارة، للقطاع الخاص. فالصناعة هي المشغل الأكبر للقوى العاملة. وإن وجدت في السلطنة فإن معظم الموارد البشرية فيها من القوى العاملة الوافدة في مختلف المستويات الوظيفية التي يمكن أن يشغلها مواطنون.

ـــ بهدف خفض كلف التشغيل والكلف الكلية في مختلف الأنشطة الاقتصادية الصناعية والخدمية والتجارية، يفضل القطاع الخاص تشغيل القوى العاملة الوافدة على تشغيل القوى العاملة الوطنية، بالقدر المتاح وفي إطار القانون. وإن الفرق في الأجر عامل في خفض كلف التشغيل ويؤدي إلى زيادة أرباح المنشآت. وبقي هذا العامل يحد من فرص العمل المتاحة للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص.

ــ منافسة القوى العاملة الوافدة للقوى العاملة الوطنية في سوق العمل مصدرها الخبرة والتأهيل والتخصص وإجادة اللغة الإنجليزية. وهذه العوامل مجتمعة مع الفرق في الأجر جعلت توفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية محدودا. ذلك بالرغم من وجود عشرت الآلاف من الباحثين عن عمل من حملة الشهادات الجامعية، الدبلوم والبكالوريوس.

ــ ضعف نمو وتوسع القائم من منشآت القطاع الخاص الإنتاجية والخدمية والتجارية أو قلة إنشاء المشاريع الجديدة يقلص من توفير فرص العمل للقوى العاملة الوطنية. وإن توفرت فرص العمل لدى القطاع الخاص فعادة ما تكون وظائف تتطلب خبرات متقدمة أو تخصصات تقنية فإن الوافدين هم الأكثر عددا في مثل تلك الوظائف القيادية أو الإدارية والتقنية المتقدمة. لذا فإن فرص العمل الجديدة التي يعرض القطاع الخاص في سوق العمل نادرا ما تشغلها القوى العاملة الوطنية.

ــ فرص العمل الجديدة التي تعرض في سوق العمل من قبل القطاع الخاص التي تتطلب الخبرة في استخدام التقنيات الإلكترونية المتقدمة ومختلف برامجياتها والحاجة إلى الخبرات المتخصصة لاستخدامها في الصناعة والإنتاج والخدمات والتجارة تحتاج إلى خبرات جاهزة فتشغلها قوى عاملة وافدة.

ــ بقاء نظم العمل متباينة في الأجور والامتيازات الأخرى كالحوافز والعلاوات والإجازات بين القطاعين العام والخاص. وبالرغم من علم إدارات منشآت القطاع الخاص بهذا التباين لم يبادر القطاع الخاص بالعمل على تقريب الهوة بين امتيازات العاملين في منشآته وبين امتيازات اقرنهم في مؤسسات القطاع الحكومي. الأمر الذي يجعل من إشغال ما يتوفر من فرص عمل جديدة تذهب للقوى العاملة الوافدة.

ــ تفضل منشآت القطاع الخاص القوى العاملة المؤهلة التي لا تحتاج إلى التدريب لشغل الوظائف/‏‏ المهن التي تتوفر في مصانعها أو أعمالها الخدمية أو التجارية. أي أن معظم المنشآت من الدرجة الثانية فما دون ليس فيها وحدات تدريب، وذلك سبب في تشغيل القوى العاملة الوافدة. فتتقلص فرص تشغيل القوى العاملة الوطنية التي تحتاج إلى التدريب أو حتى قليل من التدريب على الوظائف والمهن.

فالقطاع الخاص يجب أن يبادر بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية ذات العلاقة بالربط بين إدارات منشآته وبين الباحثين عن عمل لتوفير المزيد من فرص العمل وفق آلية مستدامة لا يتوقف تنفيذها ما دام هناك أي عدد من البحثين عن عمل من المواطنين.

سواء بالتنفيذ الفعلي لبرامج تشغيل القوى العاملة الوطنية بالتعمين أو الإحلال

ــ تفعيل وإسناد عمل الهيئة العامة للمؤسسات المتوسطة والصغيرة في توجهها نحو موظفي القطاع الحكومي وتفرغهم لإقامة مشاريعهم الخاصة بما في ذلك ما يتعلق بتشجيع «ريادة الأعمال»، واعتماد وتنفيذ برنامج لتدريب موظفي القطاع الحكومي، من ذوي العلاقة والتعامل المباشر مع القطاع الخاص، فإن هذا المسعى سيكون أقرب إلى النجاح، فموظفو القطاع الحكومي أكثر تأهيلا ولديهم الخبرة للتعامل مع الأسواق، لاسيما وأن هناك عددا غير قليل منهم من يعمل في الأسواق ويمارس نشاطا تجاريا إلى جانب وظائفهم، فهو/‏‏ هي الأكثر تقبلا للتفرغ لتأسيس المشروعات المتوسطة والصغيرة.

ــ وقبل ما تقدم فإن التعليم بمراحله كافة يجب تضمين مناهجه ما يؤسس للخريجين الرغبة في العمل وتقبل العمل الحر، بالتوازي مع التأهيل النوعي العلمي المتخصص، فيقدم المواطن إلى سوق العمل مثابرا جادا بمؤهلات مطلوبة تؤمن له فرصة العمل.ولا بد من التذكير بأن فرص العمل التي تتوفر في منشآت القطاع الخاص الجديدة منها أو تلك التي تتوفر وفق برامج التعمين والإحلال تتنوع من الوظائف والمهن ذات المتطلبات المحدودة إلى تلك التي تحتاج إلى التخصص والخبرات لا يمكن مد زمن انتظار من يشغلها. إذ أن حاجة المنشآت ملحة وآنية في تعيين من يشغلها. فقبول الباحثين عن عمل بما يعرض عليهم من المهن أو الوظائف والاستقرار في عملهم يحفز المنشآت على توفير المزيد من فرص العمل.