أعمدة

نوافـذ :الأرقام إحدى وسائل التوعية .. أيضا

13 أكتوبر 2017
13 أكتوبر 2017

أحمد بن سالم الفلاحي -

[email protected] -

تناقلت عدد من مجموعات «الواتسآبية» الأسبوع الماضي خبرا صادرا من وزارة الصحة؛ مفاده أن «الانفلونزا الموسمية تتسبب في وفاة (8) حالات في السلطنة، والوزارة تدعو إلى اتخاذ التدابير الوقائية» وأشار النص الذي تحمله الوثيقة التي تم تناقلها إلى أن السلطنة سجلت في عام 2017م (952) حالة حتى العاشر من أكتوبر الحالي من حالات الانفلونزا، فيما بلغت عدد حالات عام 2016م (1492) حالة.

وبالنسبة للوفيات فقد سجلت السلطنة عام 2015م (25) حالة وفاة، فيما سجلت (9) حالات وفاة عام 2016م، كما تم تسجيل(8) حالات وفاة خلال العام الجاري 2017 م مرتبطة بالأنفلونزا، ومعظم تلك الحالات كانت من الفئات الأكثر عرضة للخطورة العالمية من المضاعفات الانفلونزا، ورغم ارتفاع عدد الحالات فيها لاتزال ضمن المعدل الطبيعي مقارنة بالأعوام السابقة» – انتهى النص.

أستهل بهذه المقدمة المدعومة بالأرقام الأكيدة، حسب مصدرها، لأذهب أكثر إلى أهمية الأرقام في التدليل على أهمية الحدث، أيا كان نوعه، فهذه الأرقام هي مؤشرات قياس، تعني الكثير للمتلقي، وتعني الكثير أيضا لصاحب القرار، وصاحب القرار، عادة يكون مؤسسة، سواء مؤسسة في القطاع العام، أو في القطاع الخاص، ويضاف إليهما الفرد في المجتمع، وهذه الأهمية تبنى عليها الكثير من الخطط، والبرامج، سواء للحد من استفحال الأمر، إن كان موضوع هذه الأرقام يمثل خطرا معينا، كالأمراض، مثل ما جاء في المقدمة، أو غيرها من الأمراض مثل المخدرات، أو الإيدز، أو الأقل خطرا كالسكري، والضغط أو غيرها من الأمراض، وهي، أي الأرقام، تمثل رسائل توعوية للمتلقي بصورة مباشرة وغير مباشرة، حيث يبدأ الناس في التحوط والحذر، وقد يبادرون في مساعدة الجهات الرسمية من خلال تكثيف التوعية، أما بخلاف ذلك فالأمر يصبح مربكا، ومقلقا، وحمله ثقيلا على الجهات المعنية فقط، وقد لا يلقى القبول الكبير عندما يكون هناك تحفظا مباشرا عن الإفصاح عن لغة الأرقام.

يرى البعض أن لغة الأرقام أكثر إرباكا للمتلقي، وقد توجد فيه نوعا من القلق، ولذلك – وهذا فهم مغلوط إلى حد كبير- تتحفظ بعض الجهات عن الإفصاح عن الأرقام الحقيقية لمثل هذه الحالات، ولذلك يعيش المتلقي في غياب عن الحقيقة الناصعة، وفي هذه الحالة، لا تجد المؤسسات المعنية ذلك التجاوب الكبير من قبل المتلقي، وقد يرى هذا المتلقي أن هناك مبالغة في الاهتمام، عندما يجد مؤسسة ما تتهم بقضية معينة، دون أن تشعر هذا المتلقي بحقيقة الأمر، وهذه الحقيقة لا تعكسها إلا الأرقام.

فاليوم على سبيل المثال لا يعلن، مطلقا، عن أرقام مرضى مدمني المخدرات، أو المصابين بمرض الإيدز، وفي المقابل هناك شكوى، وهناك جهود كبيرة تبذل لمكافحة هذين الموضوعين، ولأن الأرقام غير متاحة للمتلقي، لذلك تأتي الاستجابة ضعيفة من قبل أفراد المجتمع لمعاضدة هذه الجهود التي تقوم به الجهات المعنية، وفي المقابل يستفحل توغل كلا الموضوعين بين أفراد المجتمع، وهناك أسر تعاني، وتعيش ظروفا صعبة جراء وقوع أبنائها في مأزق هذين المرضين.

اختم هنا؛ بالوقوف على نقطتين؛ الأولى: هي تثمين هذه الخطوة من قبل وزارة الصحة في الإفصاح عن الأرقام، لحقن المجتمع بالكثير من التوعية.

الثانية: هي أنه آن الأوان لكي يعرف أبناء المجتمع الأرقام الحقيقية عن الأمراض الأكثر خطورة التي يعاني منها بعض أفراد المجتمع، كمدمني المخدرات، ومرضى الإيدز، حتى يستشعر الجميع بمستوى الخطر، فيكونون خير داعم لجهود الجهات المعنية في مكافحتهما، وعدم الإفصاح عن الأرقام، معناه عقد صفقة مهادنة مع أبناء المجتمع، واشعارهم أن الأمر تحت السيطرة، وهذا تعويم مباشر لمستوى الخطورة التي تمثلها هذه الأمراض وغيرها.