907543
907543
إشراقات

الخليلي: إنسان اليوم بإمكانه أن يطلع على ما لم يكن مطلعا عليه سلفه من آيات الله تعالى الدالة عليه

12 أكتوبر 2017
12 أكتوبر 2017

من خلال الآلات التي جعلها الله امتدادا للحواس -

ثلاثون عالما متخصصا جمعت إجابتهم في كتاب بعنوان «الله يتجلى في عصر العلم» اتفقوا بأنه لا بد للكون من إله -     متابعة: سيف بن سالم الفضيلي -

قال سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة: انه لا بد من أن يأتي اليوم الذي يصبح الإنسان فيه أمام حقيقة لا محيص له عنها فلا بد له أن يسلم لها تسليما وان ينقاد وان يذعن بحيث يسلم روحه وجسمه، قلبه وعقله وفكره ووجدانه، سريرته وعلانيته لله سبحانه وتعالى.

فقد تكفّل الله سبحانه وتعالى بإظهار الإسلام «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»، وآية الله تعالى تتجلى في هذا الأمر، فالناس حينا بعد حين يكتشفون أسرار هذا الدين ويطلعون على أبعاده ومراميه ويصلون الى حقائقه ويستجلون أسراره.

وأوضح سماحته أن التشريع الذي يسع السماوات والأرض ومن في السماوات والأرض، يسع الكون بأسره، هذا التشريع الذي يتكشف في كل وقت من الأوقات أن الحل الأمثل لهذه الإنسانية في تضاعيفه، لا يوجد حل لأي مشكلة من المشكلات الإنسانية إلا في تضاعيفه.

مضيفا: أن الشواهد التي تدل على هذا والتي تدل على أن الكتّاب الغربيين عقلاءهم يتفقون على أن إنقاذ اقتصاد العالم اليوم إنما هو باتباع الإسلام .. جاء ذلك في الجزء الثالث من إجابة سماحته للأسئلة الموجهة إليه في إحدى حلقات برنامج «سؤال أهل الذكر» وكانت عن «التفكر والتدبر».

هذه الآيات والبراهين التي وضعها الله تعالى لهذا الإنسان كي يصل الى خالقه، هل يمكن أن نعتد بأي علم لا يصل الى هذه النتيجة؟

إن الله تبارك وتعالى جعل جميع الكائنات بأسرها شواهد على وحدانيته وعلى وجوده وعلى صدق رسالاته وعلى نعمته التي أسبغها على خلقه وعلى عظمته وكبريائه وعلى جميع صفات كماله جل وعلا، فكلما يفتح عليه الإنسان عينه في هذا الوجود إنما يراه متحفا ربانيا يزخر هذا المتحف بآيات الله تعالى الصامتة الدالة عليه والتي تؤيدها الآيات الناطقة في كتابه الكريم، فالكون بأسره كل ذرة من ذراته هي كلمة من كلمات الله سبحانه وتعالى شاهدة على توحيده داعية الى عبادته مشردة لخلقه إليه وما على الإنسان إلا أن يكون مستبصرا لما يشاهده من هذه الآيات البينات.

وإنسان اليوم بإمكانه أن يطلع على ما لم يكن مطلعا عليه سلفه من قبل وذلك من خلال الآلات التي جعلها الله سبحانه وتعالى امتدادا للحواس من حيث الغوص في أعماق هذا الكون والوصول الى أبعاده المترامية والدخول في تضاعيفه المتعددة حتى يرى الإنسان آيات الله تعالى الدالة عليه وحسب الإنسان أن يفتح عينه على تكوين الإنسان وهو في أعماق الرحم في ظلمات ثلاث كيف تمتد يد الله تبارك وتعالى الى هذا العمق وفي أعماق هذه الظلمات وبين هذه التلافيف المتعددة فتصور هذا الإنسان هذا التصوير وتطور الخلية الأولى التي تكون منها حتى تتكون منها آلاف ملايين الملايين من الخلايا أليس في ذلك كله ما يدعو الإنسان الى الاعتبار والوقوف بين يدي الله خاشعا متذللا عالما أن الكبرياء لله سبحانه وانه تعالى له الحق حق العبادة حق الإذعان والطاعة حق الانقياد حق التحكيم في كل جزئية من جزئيات هذه الحياة.

يتساءل البعض عن العلماء في العالم بأسره، هؤلاء الذين اكتشفوا الذرة هؤلاء الذين اخترعوا وصنعوا وهؤلاء الذين غاصوا في أعماق الطب واكتشفوا أمورا كثيرة في جسد الإنسان، ماذا قال هؤلاء عندما توصلوا الى هذه الحقائق والآيات؟

لا ريب أن هؤلاء بين فريقين، فريق أدرك الحقيقة وعبر عنها وإن لم يكن وصل الى الإذعان التام والانقياد المطلق والإيمان برسالة الله تعالى الخاتمة التي بعث بها عبده ورسوله محمدا عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام.

وهناك فريق آخر صارت على بصره غشاوة وختم على قلبه فلذلك لم يصل الى هذه الحقائق.

فالعلم مهما كان إنما هو في الحقيقة جسم وروح مثله كمثل الأمور المادية فهو جسم من حيث النظر الى هذا المظهر الظاهر من العلم، وهو الروح من حيث الإفضاء الى الاطلاع على أسرار الله تعالى في خلقه والإيمان المطلق بالله سبحانه وتعالى وبصفاته وبرسالاته وبكتبه وبملائكته وبالغيب بأسره فإن ذلك إنما هو منّة الله تبارك وتعالى يختص بها عباده الذين يختارهم.

ولا ريب بأن الذين وصلوا الى إدراك الحقائق سجلت أقلامهم هذا الأمر فقبل أكثر من نصف قرن من الزمن طرح سؤال في بعض الصحف الأمريكية، هل تعتقد أن لهذا الكون إلها؟ هذا السؤال أجاب عليه ثلاثون عالما متخصصا في مجالات متعددة وعلوم مختلفة وكان كل منهم بحث من خلال العلم الذي توصل إليه والذي هو متخصص فيه ومعتنٍ به، فاتفقت إجاباتهم جميعا بأنه لا بد للكون من إله. وان الله تبارك وتعالى الذي خلق هذا الكون هو لطيف خبير سميع بصير متصفٌ بكل الكمالات. وقد جمعت إجاباتهم جميعا في كتاب بعنوان «الله يتجلى في عصر العلم».

وتوالت الدراسات في ذلك وجاء عقب هؤلاء – كما ذكرت من قبل – الدكتور موريس بوكاي الذي وضع النقاط على الحروف وقد وفّق لاعتناق دين الله الإسلامي واتباعه، وألّف كتابا بعنوان «العلم في التوراة والإنجيل والقرآن»، توصل من خلاله الى القطع بأن الكتاب الوحيد الذي بقي كما أنزله الله لم تمسه يد التحريف والتبديل هو القرآن الكريم لاحتوائه على آيات الله تعالى في الأنفس وفي الآفاق التي تجلت فدلّت على صدق هذا الكتاب العزيز كما وعد الله بذلك في قوله: «سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ»، على أن هذا الرجل أسلم بعد ما سجل قلمه هذه الحقائق.

فقد ألّف هذا الكتاب قبل إسلامه ثم ألّف كتابه الثاني «الإنسان في القرآن» أيضا قبل إسلامه، ثم أسلم بعد ذلك، وفي هذا ما يدل على آيات الله سبحانه تتراءى للناس الذين ينظرون إليها وعندما يحاولون المطابقة والنظر ما بين آيات الله تعالى الصامتة في الأنفس وفي الآفاق وما بين آيات الله الناطقة في كتابه العزيز يتبين لهم التطابق الدقيق بين ما في القرآن الكريم وما بين هذه الآيات الصامتة الهادية الى الله الداعية إليه المرشدة الى اتباع سبيله.

هؤلاء الآن توصلوا بالفعل من خلال هذه العلوم ومن خلال تعمقهم وتدبرهم في هذه الآيات إلى أن لهذا الكون خالقا، الآن كيف نقنعهم برسالة الإسلام وان خالق هذا الكون قد أرسل نبينا صلى الله عليه وسلم خاتما للمرسلين، وما هي الوسائل الآن لتقديم الإسلام وخاصة في هذه الأزمنة وفي هذه الأيام التي شعر فيها الناس بالفعل بعد الأزمات الاقتصادية الى ضرورة الرجوع الى الشريعة الإسلامية؟

لا ريب أن الإسلام تكفل الله سبحانه وتعالى بإظهاره «هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ»، وآية الله تعالى تتجلى في هذا الأمر، فالناس حينا بعد حين يكتشفون أسرار هذا الدين ويطلعون على أبعاده ومراميه ويصلون الى حقائقه ويستجلون أسراره.

ولذلك لا بد من أن يأتي اليوم الذي يصبح الإنسان فيه أمام حقيقة لا محيص له عنها فلا بد له أن يسلم لها تسليما وان ينقاد وان يذعن بحيث يسلم روحه وجسمه، قلبه وعقله وفكره ووجدانه سريرته وعلانيته لله سبحانه وتعالى.

ولا ريب أن من دواعي ذلك النظر في الأنفس وفي الآفاق وما يتجلى من آيات الله تعالى كما ذكرنا أن الله وعد بإظهار هذه الآيات الكونية لعباده في معرض التأكيد على أن هذا القرآن هو حق من عند الله سبحانه وتعالى، فقد قال الله تعالى: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ ، سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ، أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ» ثم بجانب هذا القرآن يتجلى إعجازه في نواحي مختلفة وفي مناحي متعددة وفي أمور متنوعة فكل دقيقة من الدقائق التي بيّنها القرآن الكريم لا ريب أن إعجازه يتجلى فيه فمن بين هذه القضايا قضايا التشريع وقضايا الأخلاق لو جئنا الى جانب الأخلاق - وهذا جانب يحتاج الى دراسة عميقة ويحتاج الى بحوث واسعة - لوجدت العجب، فجاء القرآن بالخلق المرضي، الخلق الذي تحتاج إليه النفس البشرية لتتحلى به.

وإذا جئنا الى التشريع فإننا نجد عجبا، نجد أن هذا القرآن الكريم نزل على قلب رجل أميّ لم يكن يقرأ من كتاب ولا يخطه بيمينه ومع ذلك أيضا نشأ في بيئة أميّة بدائية ما كانت تعرف النظام ولا تحتاج الى ما يسمى بالدستور ولا تحتاج الى تدوين شيء من الأحكام لأنها كانت إنما تحتكم الى الأعراف وتحتكم الى العادات وما كانت تحتكم الى نظام دولي لأنها كانت في محيط قبلي ضيق - كما هو معلوم - فهي اقرب الى البداوة ومع ذلك جاء هذا النبي الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم بهذا التشريع الرباني، التشريع الذي يسع السماوات والأرض ومن في السماوات والأرض، يسع الكون بأسره، هذا التشريع الذي يتكشف في كل وقت من الأوقات أن الحل الأمثل لهذه الإنسانية في تضاعيفه، لا يوجد حل لأي مشكلة من المشكلات الإنسانية إلا في تضاعيفه، مع أن مدة التشريع كانت مدة وجيزة، التشريع كان أكثره في المدينة المنورة بعدما قامت دولة الإسلام ورست أسسها في المدينة المنورة ففي ظل عشر سنوات كان ينزل التشريع بينما معظم التنزيل فيما قبل هذه العشر سنوات إنما كان في ترسيخ العقيدة وكان في تهذيب الأخلاق وكان في مقاومة الجاهلية الطاغية في ذلك الوقت وإذا بهذا التشريع الذي نزل في عشر سنوات على قلب رجل أمي بدائي نشأ في بيئة أمية بدائية لم تكن تعرف النظام ولم تكن خرجت الى محيط العالم المتمدن في ذلك الوقت وإذا بهذا التشريع يسع هذا العالم بأسره، على أن التشريعات البشرية تحتاج الى دراسات متطاولة فتشريع الرومان هو نتيجة دراسات استمرت زهاء ثلاثة عشر قرنا تضافرت جهود كثير من الدارسين سواء الاجتماعيين أو النفسيين درسوا خصائص نفوس البشر ودرسوا الأوضاع الاجتماعية فخرجوا بهذا التشريع بعد تجربة دامت - كما قلنا- زهاء ثلاثة عشر قرنا، ومع ذلك لا تكاد تمر فترة إلا ويتكشّف عن عواره.

ونحن نجد في العصر الحديث ما الذي حصل الناس لا ريب صاروا متذبذبين بين تشريع وآخر بين نظام وآخر بين حضارة وأخرى، صاروا متذبذبين بين الرأسمالية والشيوعية، وماذا كانت النتيجة هوت الشيوعية التي كان الناس يظنون أنها المخْلَص، ويظنون أن العدالة تتمثل فيها ويظنون أنها الفردوس المنشود الذي يتمنون أن يصلوا إليه، وإذا بهذه الشيوعية تتدحرج من أعلى الى الحضيض وتصبح أثرا بعد عين وخبرا بعد أثر وإذا بالذي كانوا يسوسونها ويحافظون عليها هم الذين يقومون بالمعاول لنقضها وهدم أسسها وإذا بالرأسماليين الآن نجدهم كذلك ينادون بمثل هذا في هذه الأزمة الخانقة التي يمر بها العالم اليوم، هم ينادون بما كان ينادي به جورباتشوف وغيره مما سماه البروستويكا أو إعادة البناء، ينادون بمثل ذلك.

ولا ريب أن كلامهم صريح في أن المنقذ إنما هو الإسلام - رضوا بذلك أم أبوا- المنقذ هو الإسلام.

نحن قلنا من منطلق عقيدتنا ومن منطلق إيماننا بأن الإسلام رسالة الله الى العالمين وان هذه الرسالة تجمع الخير بأسره للعالمين، ولكن هؤلاء ما دخلوا في الإسلام ولا شهدوا لله تعالى بالوحدانية ولعبده محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة إلا انهم تنطلق حناجرهم بما وقر في صدورهم من ان هذا الإسلام هو الحل الأمثل، فبين يدي كثير من الشواهد التي تدل على هذا والتي تدل على أن الكتّاب الغربيين عقلاءهم يتفقون على أن إنقاذ اقتصاد العالم اليوم إنما هو باتباع الإسلام ففي افتتاحية مجلة تشالينجز كتب بوفيس فانسون وهو رئيس تحريرها موضوعا بعنوان «البابا أو القرآن» وقد أثار ما كتبه موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية، فقد تساءل الكاتب عن أخلاقية الرأسمالية ودور النصرانية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع - أي تكريس الرأسمالية - والتساهل في تبرير تعاطي الربا والتعامل به مشيرا الى أن هذا النهج الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية الى الهاوية. وتساءل بأسلوب يقترب من التهكم عن موقف الكنيسة واستسمح البابا بندكت السادس عشر «أظن أننا في حاجة أكثر في هذه الأزمة الى قراءة القرآن بدلا من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون على مصارفنا احترام ما ورد في القرآن من أحكام وطبقوها ما حلّ بنا ما حل من كوارث وأزمات وما وصل إلينا الحال الى هذا الوضع المزري لأن النقود لا تلد النقود».

كذلك نجد من بين الكتاب رونالد لاسكن رئيس تحرير صحيفة ديوجران فيننس في افتتاحية الأسبوع يذكر بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في التعاملات الوهمية غير المشروعة.

وعرض لاسكن في مقاله الذي جاء بعنوان «هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية» للمخاطر التي تحدق بالرأسمالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية.

كذلك نجد من جملة هذه النداءات الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك في وقت سابق أصدرت قرارا بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأسمالي مع اشتراط التقابض في اجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهذا تسارع الى الأخذ بتعاليم الإسلام.

كما أصدرت نفس الهيئة قرارا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامية في السوق والمنظمات الفرنسية، والصكوك الإسلامية هي عبارة عن سندات إسلامية مرتبطة بأصول ضامنة بطرق متنوعة تتلاءم مع مقتضيات الشريعة الإسلامية.

وهناك منذ سنوات رجالات من الاقتصاديين الغربيين تنبهوا لخطورة الأوضاع التي يقود إليها النظام الرأسمالي الليبرالي على صعيد واسع وضرورة البحث عن خيارات بديلة هي تصب في مجملها في خانة البديل الإسلامي.

ففي كتاب صدر مؤخرا للباحثة الإيطالية ألوريتا نابليوني بعنوان «اقتصاد ابن آوى» أشارت فيه إلى أهمية التمويل الإسلامي ودوره في عملية إنقاذ الاقتصاد العربي واعتبرت أن مسؤولية الوضع الطارئ في الاقتصاد العالمي والذي تعيشه الأمة الغربية اليوم ناتج عن الفساد المستشري والمضاربات التي تتحكم بالسوق والتي أدت الى مضاعفة الآثار الاقتصادية.

وأضافت: إن التوازن في الأسواق المالية يمكن التوصل إليه بفضل التمويل الإسلامي بعد تحطيم التصنيف الغربي الذي يشبّه الاقتصاد الإسلامي بالإرهاب.

ورأت نابليوني أن التمويل الإسلامي هو القطاع الأكثر ديناميكية في عالم المال الكوني.

وأوضحت أن المصارف الإسلامية يمكن أن تصبح البديل المناسب للبنوك الغربية فمع انهيار البورصات في هذه الأيام وأزمة القروض في الولايات المتحدة فإن النظام المصرفي التقليدي بدأ يُظهر تصدعا ويحتاج الى حلول جذرية.

ومنذ فترة من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد موريس آلي الى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة، معتبرا أن الوضع على حافة بركان ومهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة للمديونية والبطالة، واقترح أمرين للخروج من الأزمة وإعادة التوازن هما تعديل معدّل الفائدة الى حدود الصفر ومراجعة معدّل الضريبة الى ما يقارب 2% وهو ما يتطابق أو يكاد يتطابق مع تعاليم الإسلام من حيث النظر الى حرمة الربا ومن حيث النظر الى أخذ الزكاة من موضعها ووضعها في محلها كما شرع الله تبارك وتعالى. فإذا الغرب يتوجه الى تعاليم الإسلام ويجدها المنقذ ويجدها الحل الأمثل لهذه المشكلة الطارئة التي تركت العالم اليوم في حيرة وفي اضطراب كبير.

ولكن مما يؤسف له أن نرى المسلمين أنفسهم -كما سبق أن ذكرنا - عن الإمام المودودي بأنه يشبه وضعه بمن يضع عصا موسى تحت إبطه ويخشى من الحبال والخشب، فإلى متى تظل الأمة المسلمة هكذا؟

نجد الدعايات للربا بشتى الطرق في الصحف التي تصدر في البلاد الإسلامية بل نجد أن أحدا لو فاز بجائزة ربوية يهنأ وتقدم إليه التهاني تشجيعا على الربا فإلى متى تظل هذه الأمة مع رؤية هذا الانهيار الواقع في العالم تتمسك بهذه النفايات التي جاءت من هنا ومن هناك وتدع التمسك بتعاليم كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فإن هذا إن دلّ على شيء إنما يدل على أن هذا القرآن إنما هو حق من عند الله فالله تعالى قد قطع في هذه الأمر عندما قال: «يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ» وقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ»، فكل ما وقع إنما هو بسبب هذه الحرب مع الله تعالى ورسوله ولكن نجد المسلمين خرست ألسنتهم عن النطق بهذا وجفت أقلامهم عن تسجيل هذه الحقيقة لا يكادون يقولون ذلك، بينما الآخرون مدركون للحقيقة هم بأنفسهم يبحثون عن البديل الأمثل، فإذا هؤلاء سيصلون الى الإسلام قصرت المدة أم طالت وسيعرفون انه الحل الأمثل الوحيد وان الإنسانية لا بد أن تستمسك بعروته وان تأوي الى ظله وان تحرص على تطبيق نظامه وعندئذ تخرج هذه الإنسانية من الكارثة وإلا فإنها تنتقل من كارثة الى أخرى والعياذ بالله.