Ali
Ali
أعمدة

أوراق: مساجدنا القديمة وما آلت إليه

11 أكتوبر 2017
11 أكتوبر 2017

علي بن خلفان الحبسي -

[email protected] -

بطول البلاد وعرضها ووسط الحارات القديمة وبين أشجار النخيل وعلى سواقي الأفلاج تقف اليوم عشرات من المساجد التاريخية شاهد على عراقة هذا الوطن، كعراقة الحارات والأفلاج، وشامخة كشموخ الإنسان والنخلة في ضواحي عمان، هذه المساجد بصروحها ومحاريبها ومآذنها وزخارفها وبساطة البناء وبطينها وجصها وصروحها وبالوتد الذي يعلوه دخان القنديل وبالوتد الآخر، والرف الذي يحمل كيسا متدليا فيه أعظم كتاب وهو القرآن الكريم، وفي الروزنة التي تصطف بها عشرات المصاحف، كانت قبل سنين شاهد على كل من قرأ منها سورة وآية، كل هذه المعالم وغيرها ما زالت تفوح منها رائحة الأجداد وعبق الذكريات، لا تغيب عن ذاكرة من عاصرها وعاش في رباها، خاصة ساكنوا الحارات القديمة وبين بيوت الضواحي المتهالكة.

هذه المساجد يوما ما كانت منبرا من منابر الدين والعلم ومهد حضارة، صلى فيها أجيال تعاقبت وتعلمت في فيافي ظلال أشجارها من المانجو والنخلة، مئات من أبناء هذا الوطن المتعطشين من علوم القرآن الكريم على أيادي أبنائه وبناته، فتخرج جيل هم من هذه المدارس، فلم يكن في قاموسهم الجامعات والكليات والدروس الخصوصية، ولم يكن المعلمون فيها ممن تخرجوا من كليات تعنى بالتربية والفلسفة وعلم النفس، ولكن الحياة علمتهم الرغبة والجد والاجتهاد، وتعلموا فأجادوا القراءة بكل اقتدار وخطوطهم لا تنافسها أرقى تقنيات العصر، وأحبارهم من مداد خيرات الوطن، وما وزالت مخطوطتهم وحروفهم وبصماتهم توجد في كل مصحف وختمة مهترئة في أرفف مساجد الضواحي وحاراتنا القديمة.

هذه المساجد بيوت الله تستغيث منذ فترة طويلة من أكوام أوراق الأشجار وسعف النخيل، ومن الحشرات والقوارض، وأرضيتها مبعثرة بصفحات من كتاب من اشرف الكتب السماوية، وأضحت بعضها جدرانا بلا أبواب، ومحاريب بدون مصلين، وبعضها تغدق فيها مراوح ومصابيح تعمل طول العام، وأخرى معلق على أبوابها إنذار بقطع نهائي للكهرباء منها، وغاب عنها الوكلاء ومن وصوا من أجل رعايتها، وبقيت بدون حسيب ولا رقيب إلا من الله عزل وجل، والصور كثيرة لما آلت إليه هذه البيوت من مآل، وشكرا لمن عمروا بعضها وسهروا على رعايتها وسخروا المال من أجلها.

سؤال موجه إلى جهات الاختصاص في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية ووكلاء هذه المساجد، لماذا كل هذا الخراب في بيوت من أعز البيوت على الأرض؟ أين تذهب أوقاف أموال هذه المساجد من أشجار ونخيل على طول الطرقات، فلم يستفد المسجد منها سوى أكوام أوراق الأشجار التي يمر عليها المحسنون ليجمعوها ويحرقونها! من المسؤول عن هذه المساجد ودفع مستحقاتها من كهرباء ومياه، ولماذا تركت شركات الكهرباء تقيس وتكيل قيمة فواتيرها، ولم وجه الإنذار النهائي بقطع الكهرباء المعلق في باب المسجد المعلق وأخرى عند محرابه؟ انه وضع مأساوي نتمنى أن يحاسب عليه وكلاء المساجد أو من تؤول المسؤولية إليه.