أفكار وآراء

بغداد والتحكم بحدود كردستان دون إراقة الدماء!

10 أكتوبر 2017
10 أكتوبر 2017

فاضل مندني -

أعلن بعض المسؤولين في الحكومة العراقية عن نية بغداد إرسال قوات حرس حدود خاصة إلى كل من إيران وتركيا للسيطرة على المعابر الحدودية بين إقليم كردستان مع جيران العراق.

وتزامنا مع هذه الخطوة أعلنت حكومة الإقليم والبرلمان الكردي عن معارضتهما تسليم المعابر الحدودية الكردية إلى الحكومة المركزية في بغداد.

السؤال الذي يطرح نفسه، هو كيف لقوات حرس الحدود العراقية السيطرة على المنافذ الحدودية للإقليم من خارج الأراضي العراقية وهل ستجد تجاوباً من دول الجوار كإيران وتركيا.

يمكن لنا تصور عدد من السيناريوهات لإنهاء هذه الأزمة المتصاعدة والتي تهدد الأمن والسلام الإقليميين :

أولهما أن الحكومة العراقية ستلجأ للخيار العسكري ، منطلقة من أراضي دول الجوار للسيطرة الكاملة على المنافذ الحدودية للإقليم، وهذا قد يدفع الأكراد للرد ليس في المناطق الحدودية فحسب، والتي قد تدفع القوات الإيرانية والتركية للتدخل بقوة، بل سيدفع الأكراد للتصعيد وإعلان الحرب في كامل الأراضي التي تسيطر عليها حكومة الإقليم في الداخل مع الحكومة العراقية. ومن جهة أخرى قد ينهي كل الآمال في إيجاد حلول عن طريق الحوار والسبل الدبلوماسية.

وأما السيناريو الثاني فهو اللجوء إلى الجلوس على طاولة الحوار ، أو تهديد حكومة الإقليم وفرض عقوبات عليها ، من أجل إجبار الأكراد على تسليم المعابر الحدودية لحكومة بغداد، وهذا الأسلوب لن يفضي لأي نتيجة، وذلك بالنظر للأوضاع الحالية التي يمر بها العراق والمنطقة ككل.

وأما السيناريو الثالث، أن تقوم كل من إيران وتركيا بإشراك قوات من حرس الحدود العراقية والعمل معهما في السيطرة على معابرها الحدودية بشكل مشترك في المناطق الحدودية المتاخمة لإقليم كردستان، والتنسيق المستمر مع حكومة بغداد.

وفي هذه الحالة، فإن الأفراد الذين يستخدمون تلك المعابر للخروج من أراضي الإقليم ثم الدخول للأراضي الإيرانية أو التركية سيمرون على حرس الحدود العراقية أولا وستتم الإجراءات الروتينية من أجل السماح لهم بالخروج من الأراضي العراقية.

فعلى سبيل المثال إن لم تسمح السلطات العراقية لشخص ما ترك أراضي الإقليم وعلى السلطات الإيرانية والتركية احترام هذا القرار ومنع الشخص من دخول أراضيهما.

في هذه الظروف، يمكن لقوات حرس الحدود العراقية المتواجدة في المراكز الحدودية الإيرانية والتركية التحكم في خروج أو دخول ليس الأفراد فحسب بل حتى التحكم بالسلع التي قد تدخل وتخرج من وإلى أراضي الإقليم، كما يمكن لحرس الحدود العراقية اعتقال الأشخاص المطلوبين للعدالة ونقلهم جواً إلى بغداد.

وفي الواقع لن تعمد كل من إيران وتركيا للعمل مع حرس عناصر حرس الحدود العراقية فحسب، بل ستعترف بالحدود العراقية بوضعها السابق قبل الاستفتاء الذي جرى في الإقليم في 25 من شهر سبتمبر الماضي.

وستكون النتيجة أنه لن يسمح بدخول أو خروج الأفراد أو السلع التي لا تسمح الحكومة العراقية من وإلى أراضيها ما لم يحصلوا على تصريح رسمي من بغداد.

هذه الخطوة ستبعد شبح النزاع المسلح والحرب من أجل السيطرة على المعابر الحدودية مع الإقليم سواء في الداخل أو مع دول الجوار، وبالتالي ستتمكن الحكومة العراقية من السيطرة على حدودها.

لدى إيران أربعة معابر حدودية مع إقليم كردستان ولدى تركيا معبر واحد وهو معبر إبراهيم الخليل. فالحكومة العراقية تقول إن من واجبها حسب ما ينص عليه القانون والدستور الإشراف التام على المعابر الحدودية. كما أن المسؤولين العسكريين في كل من أنقرة وطهران قالوا إن بلديهما ستساعدان الحكومة العراقية في بسط سيادتها على المعابر الحدودية في إقليم كردستان ورحبتا بفكرة العمل المشترك مع حرس الحدود العراقية.

وإذا تم ذلك ، ستكون هذه المرة الأولى التي ستسيطر حكومة بغداد على معابرها الحدودية في إقليم كردستان منذ عام 1991. وفي الوقت الحالي تسيطر قوات حرس الحدود الكردية على المعابر الحدودية للإقليم مع دول الجوار.

يُعتبر إقليم كردستان العراق ، الإقليم الوحيد في العالم الذي لا تسيطر الحكومة المركزية على معابرها الحدودية فيه .

وكانت كل من إيران وتركيا قد قامتا بالتنسيق معا بإغلاق مجاليهما الجويين للرحلات القادمة أو المسافرة إلى إقليم كردستان بطلب من الحكومة العراقية حسب ما أعلن من قبل، إلا أن حكومة بغداد لم تغلق المجال الجوي أمام الرحلات الداخلية بين مطارات الإقليم وباقي مطارات العراق.

لكنْ في ضوء الوضع الراهن حيث رفع رئيس إقليم كردستان (المنتهية ولايته منذ 2015) مسعود البارزاني من سقف ما تسميه حكومة بغداد بالخطوات الاستفزازية، ودعا إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية في الإقليم مطلع الشهر المقبل، وقام بزيارة لافتة إلى مدينة كركوك النفطية وهي من المناطق المتنازع عليها والتي صار رئيس الوزراء حيدر العبادي تسميتها بالمناطق المتجاوز عليها، واستمرار الضخ الإعلامي والتحشيد الشعبي من الجانبين ، فالسؤال الأكثر إلحاحا الذي يطرح نفسه هو :

هل ستشهد المنطقة حرباً جديدة تلد أخرى ؟!