humdah
humdah
أعمدة

عقلي العزيز اهدأ

08 أكتوبر 2017
08 أكتوبر 2017

حمدة بنت سعيد الشامسية -

[email protected] -

توقفت في الآونة الأخيرة عن شغل نفسي بالكتب المقروءة والأشرطة السمعية التي أتحايل بها على نفسي أثناء ذهابي وعودتي من العمل، حتى لا أقضي معها وقتًا طويلًا تجنبًا للحديث السلبي الذي أجد الصوت بداخلي يجرني إليه قسرًا، عوضًا عن ذلك أعمل على تهدئة دماغي باستخدام التقنيات التي تعلمتها مازجة بين تقنية الثواني الخمس لميل روبنز وما تعلمت من كتاب (كسر عادة أن تكون أنت) للدكتور جو ديسبينزا، وذلك من خلال مخاطبة عقلي طالبة منه الهدوء، مذكرة نفسي بأنها مجرد أفكار، وهي بالتالي ليست بالضرورة صحيحة، مرددة بأنني أختار أن أرى بعين الحب، متلمسة موقع الألم الذي تسببه بعض هذه الأفكار دون وعي مني، لاحظت بأنه غالبًا ما يكون في وسط صدري، متخلية كم المعاناة التي يعيشها جسدي وهو يفرز كل هذه الهرمونات والتفاعلات الكيميائية التي تحدث في خلاياي في كل مرة أستحضر فكرة من الماضي أو أقلق بشأن المستقبل، كلما فكرت في ما أفعل في جسمي المسكين تصبح السيطرة على حديث الذات أسهل وأكثر إيجابية.

جعلني هذا الموضوع أعيش حالة من الوعي، دون أن أفقد السيطرة على أفكاري وجعلها تعكر صفو يومي قبل حتى أن يبدأ، حالة الوعي هذه جعلتني أكثر سيطرة على تصرفاتي في الطريق، الذي اخترت أن أمارس فيه (السياقة فن وذوق) بحيث أكون أكثر تسامحا وتفهما لبقية سائقي المركبات.

المثير في الأمر أنني أصبحت أصل العمل في الموعد رغم الزحمة ورغم خروجي متأخرة أحيانا من البيت، لفتت طفلتي انتباهي مرة إلى أنه في كل مرة أفسح فيها الطريق لأحدهم يبعث المولى من يفسح لي الطريق في ذات المشوار في الغالب، وقد بت ألاحظ أن هذا بالفعل ما يحدث كل مرة.

حالة الوعي هذه جعلتني أكثر سيطرة على مشاعري أيضا، والتي اكتشفت بأنها ليست أكثر من ردة فعل الأفكار التي يحلو لعقلي أن يستحضرها حالما أخلو بنفسي، والمثير في الأمر أن عقلي يحلو له استحضار الذكريات المؤلمة والمحرجة أكثر من سواها، بالتالي يضعني في مزاج سيئ حتى قبل أن أبدأ يومي، لهذا اكتشفت بأنني ومن اللحظة التي بدأت فيها أن أكون واعية لما يحدث في دماغي، بدأت أكون مسيطرة أكثر على حالتي المزاجية، من خلال تذكير نفسي بأنها مجرد أفكار، ومن خلال إخطار عقلي بأنني كشفت اللعبة التي يحاول ممارستها معي، لم يعد بإمكانه الجري في هذه الدوامة من القلق على المستقبل أو الحزن على الماضي.

ذلك أن المرء يكتشف بأنه في الواقع يعيش متأرجحا بين الحالتين (حزنًا وأسفًا) على ما مضى و(خوفًا وقلقًا) مما هو آت، والمحزن أن كلا الحالتين لا سيطرة لنا عليها، وهي تقع خارج مسار الحياة؛ لأن الحياة في الواقع هي في هذه اللحظة، هذه اللحظة وحسب.