أفكار وآراء

التأميـن الصحـي تحـديـات ومحاذيـر

07 أكتوبر 2017
07 أكتوبر 2017

سالم بن سيف العبدلي -

[email protected] -

لا شك ان صحة المواطن تأتي في مقدمة سلم أولويات الحكومة فمنذ فجر النهضة المباركة ركزت الدولة على صحة المواطن والمقيم على هذه الأرض الطيبة، من هنا فإن الخطط الخمسية المتعاقبة اعتمدت إنشاء المراكز الصحية والمستشفيات والمستوصفات والمجمعات الصحية في كل ولايات ومحافظات السلطنة، إضافة الى ذلك فإن السلطنة نالت العديد من الجوائز وحصلت على مراكز متقدمة في المجال الصحي على مستوى العالم خاصة في مجال الرعاية الصحية الأولية، وقد استطاعت التغلب على العديد من الأمراض المستعصية كالسل والكوليرا والتيفود والرمد والحصبة والملاريا وغيرها من الأمراض في زمن قياسي.

حتى في أوقات الأزمات الاقتصادية التي مرت بها السلطنة حالها حال بقية دول العالم والتي تم فيها تخفيض وتقليص الموازنات لم يتم المساس بمخصصات قطاعي الصحة والتعليم وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية هذين القطاعين في بناء جيل صحي ومعافى وسليم ومتعلم.

خلال الأيام القليلة الماضية تابعنا تصريحات معالي الدكتور وزير الصحة حول توجه الحكومة نحو تخصيص قطاع الصحة من خلال تطبيق التأمين الصحي مطلع العام القادم والذي سيكون بشكل تدريجي حسبما أشار معاليه ليبدأ أولا بالقطاع الخاص من العمانيين العاملين في الشركات ومن ثم سيتوسع ليشمل الجميع وفي معرض حديثه اكد الوزير على أن التأمين الصحي من شأنه أن يرفع من كفاءة وجودة هذا القطاع.

في حقيقة الأمر هناك عدد من المحاذير ينبغي الوقوف معها والانتباه اليها قبل اتخاذ قرار بتخصيص قطاع حساس مثل قطاع الصحة والذي يمس حياة الانسان فترك إدارته للقطاع الخاص لا يعني انه سوف يقوم بتجويده وتطويره، فكما هو معلوم ان القطاع الخاص دائما يطمح الى تعظيم عوائده والحصول على أرباح بأقل التكاليف وفي أقل وقت ممكن وبالتالي فالخوف ان يتحول قطاع الصحة الى قطاع اقتصادي تجاري بحت في الوقت الذي ينبغي ان يكون قطاعا خدميا له خصوصية معينة ولا يخضع لعوامل الربح والخسارة بشكل مباشر.

دول غربية كثيرة طبقت نظام التأمين الصحي منذ فترة طويلة وأصبحت الآن تعاني كثيرا حيث تحول المريض في تلك الدول الى سلعة يتم المتاجرة بها والطبيب الى تاجر يقدم وصفات طبية كثيرة أحيانا لا يحتاج لها المريض، وبعض الدول بدأت في إعادة النظر في التأمين الصحي وفي تدخل الحكومة في إدارة هذا النظام.

نحن نقول نعم لتجويد قطاع الصحة وتطويره من خلال استقدام أطباء أكفاء وتأهيل وتدريب الطبيب العماني وفي السلطنة لا تنقصنا المؤسسات الصحية والمباني ولا الأجهزة الطبية فهي متوفرة بمواصفات عالية إلا انه ينقصنا الطبيب الكفء الذي يستطيع ان يشخص المرض ويعالجه وأيضا لا نقول إنه لا ينبغي ان يقوم القطاع الخاص بدوره في توفير الخدمات الصحية وهو قائم الآن فلدينا عدد لا بأس به من المستشفيات والمستوصفات الخاصة والتي يقصدها عدد من المرضى من المواطنين والأجانب إلا أننا ما زلنا بحاجة الى المزيد من المستشفيات الخاصة التي تقدم خدماتها بجودة عالية بعيدا عن المتاجرة.

لذا نعتقد أنه ينبغي ان يظل قطاع الصحة تحت إشراف ومراقبة ومتابعة الحكومة ولا يترك تحت رحمة القطاع الخاص وفي الوقت نفسه لا بد من تشجيع وحث القطاع الخاص على تجويد خدماته الصحية وفتح مستشفيات جديدة متخصصة والسوق لا يزال يستوعب عددا كبيرا من المجمعات الطبية في ظل وجود اكثر من مليون و800 وافد مقيمين في السلطنة والذين أغلبهم يرتادون هذه المستوصفات.