1125347
1125347
المنوعات

أشرف أبو اليزيد ... رحّالة بين الشعر والرواية

04 أكتوبر 2017
04 أكتوبر 2017

استضاف صالون الشموع بالقاهرة أمسية ثقافية بعنوان «أشرف أبو اليزيد ... رحالة بين الشعر والرواية»، تحدث فيها الكاتب محمود قاسم، والشاعر مصطفى عبادة، والناقد خالد سليمان وأدارها الشاعر أحمد الشهاوي.

الأمسية بدأت بعرض فيلمين قصيرين للمخرجة فاطمة الزهراء حسن ؛ الأول عن كتاب أدب الرحلة (نهر على سفر) وهو قصيدة للشاعر مصاحبة بموسيقى سيرج جينسبور Serge Gainsbourg ، والثاني سيرة ذاتية ترويها الإعلامية التونسية سعيدة الزغبي يعنوان قطرة وحيدة مستلهمة من قصيدة الشاعر (في المطر المنهمر | لا يشعر أحدٌ | بقطرة وحيدة) والموسيقى المصاحبة للموسيقار الهندي إيه آر رحمان، من فيلمه الأشهر؛ جودا أكبر: عظيم الشان شاهنشاه.

ورأى الشاعر أحمد الشهاوي أن حصْر تجربة أشرف أبو اليزيد في الشعر والرواية ؛ وحسب، يظلم تلك التجربة المنفتحة على أكثر من عالم، مثل الفن التشكيلي سواء الرسم الذي توقف عنه منذ سنوات أو نقد التشكيل الذي قدم فيه عملين أولهما «سيرة اللون»، وثانيهما «نجيب محفوظ السارد والتشكيلي»، فضلا عن ترجمة السيرة الذاتية الكاملة لسلفادور دالي، «أنا والسوريالية». كما تناول الشهاوي بالتفصيل رحلة الترجمة التي التفت فيها ـ عكس السائد ـ إلى الآداب الآسيوية، فقدم الشاعر الكوري كو أون؛ المرشح لنيل جائزة نوبل في الآداب في ديوان مختارات أسماه «ألف حياة وحياة»، والشاعر تشو أو هيون، الراهب والفيلسوف، الذي صدر عن بيت الغشام في السلطنة بعنوان «قديس يحلق بعيدا»، وكذلك الشاعر الهندي «هيمانت ديفاتي» الذي يعد مدخلا يعيدنا إلى فضاء شعري لم يلجه القارئ المصري منذ طاغور، وقد ترجم له في سلسلة إبداعات طريق الحرير ديوانه : فضاء رتيب يبعث على الكآبة.

في الأمسية تحدث الناقد محمود قاسم عن رواية أشرف أبو اليزيد (31)، التي رآها تكمل ثلاثية من الأعمال المجددة في التجريب الروائي، بعد «المحاكمة» لفرانس كافكا وبطله جوزف ك.، الذي يستيقظ ذات صباح فيجد نفسه معتقلا لأسباب لا تذكرها الرواية، ورواية «صحراء التتار» للكاتب الإيطالي دينو بوتزاتي الذي يشيخ في قلعة يحاصر بها نفسه منتظرا عدوا لن يأتي، لتأتي الرواية الثالثة (31) بلعبة الزمن ذاتها، في عد تنازلي يستمر 31 يوما وتبدأ بالفصل 31 حتى نصل للفصل رقم 1 ، لرجل يعمل في مدينة خليجية تصله رسالة إنهاء عمله، وضرورة سفره بعد انتهاء مهلة شهر، و يمثل كل فصل زمنا روائيا مدته 24 ساعة، وهكذا يلعب الزمن والتفاصيل دور البطولة بينما يحمل الأبطال أرقاما لا أسماء، وهم يتحركون تحت عين كبرى يمثلها زيوس كبير آلهة مراقبة العالم.

وتناول الناقد خالد سليمان رواية شماوس ورأى أن الأعمال الروائية التي قدمها، سواء التي صدرت : شماوس، حديقة خلفية ، 31 ، أو تلك تحت الطبع التي قرأها مخطوطة: الترجمان تتفق معا في أنها أعمال استشرافية للرائي أشرف أبو اليزيد. وعرض خالد سليمان لتجربة الشاعر في مجلتي «العربي» و«العربي الصغير» والبصمات التي تركها خلال 14 سنة في عمله الصحفي بالثقافة العربية.

وتناول الشاعر والناقد مصطفى عبادة كتاب أدب الرحلة المعنون «نهر على سفر»، الذي صدر ضمن سلسلة كتاب العربي، خاصة لمختارات من الرحلات نشرت في تلك المجلة الثقافية وقدم بها أشرف أبو اليزيد سعيا إلى المعرفة لا المعلوماتية. وأن أسلوب الرحلة يتغير بين عشق جارف في نصوص الرحلات إلى آسيا، وتوجس في سفراته إلى أوربا، وقلقه بأفريقيا.

وفي سؤال من الإعلامي حسام السكري عن الجانب الشعري في المنتج الأدبي، قرأ أشرف أبو اليزيد مجموعة من القصائد التي تمثل تجربته والتي ترجمت مختارات منها إلى عدة لغات، إذ ترجمت الدكتورة نادية جمال الدين مختارات قصائده إلى الإسبانية، ونقل الشاعر متين فندقچي ديوانه إلى التركية، وقدمت الدكتورة نسرين شكيبي ممتاز أشعاره باللغة الفارسية، وتترجم الآن الشاعرة راتي ساكسينا مختارات إلى الهندية، صدرت نسختها الإنجليزية في مومباي هذا العام مثلما نشرت المترجمة إليسار تعريبا لبعض قصائده إلى الروسية. واختتم بقراءة «شارع في القاهرة» التي صدرت في ديوان ذاكرة الفراشات (2005):

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة.. ليسَ لديْهِ سِوى يَوْمَين؛

يَوْمٌ يَصِلُ.. يَوْمٌ يتهيَّأ للرحيل!

يَوْمٌ يَراهَا فيَبْكِي | يَوْمٌ تبْكِي وَهْو يُودِّعُهَا..

يَوْمٌ يَفتحُ للأصدقاءِ ذراعَيْه | يَوْمٌ يَضمُّ السَّراب.

يَوْمٌ يَحْكِي لهُمْ عَن الحَرْبِ | يَوْمٌ يَحْكون له عن ضحاياها.

يَوْمٌ للحياة.. ثم يوم لموتٍ طويل!

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة يَتذكَّرُ: عندما قامتِ الحربُ كيف وضعوا على عينيه علامات التصويب، وسدوا بفوهات الدبابات فمه، ومات دون أن يشم رائحة البارود.

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة.. يستقبله شَارعٌ في القاهرة، ورصيفان، يسكب بينهما رمل الجسد المتصحر في غربته، يحسب الأوراق التي احترقت في المعَاركِ الخاسِرة

تحتَ أعمدةِ النور والنار.

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة.. يشبه هذا الشارع حين يمر به موكب الحزن

فلا يترك غير وقع الألم..

شَارعٌ في القاهرة | لمْ تعبرْهُ المَرَاكبُ وَالروحُ منذ ألْفَي عَامٍ | جفتْ الأشجارُ فيْهِ والناسُ واختلط الطين بالعظام| لكنه يظلُّ يشبهُ نهرًا | كما تشبه الحياة الموت!

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة : مثل شَارع في القاهرة | تطل عليه شرفة اليأس

ترقصُ النكباتُ داخله | تغوصُ أقدامهن في الدِّمَاءِ والجثثِ التي نامَتْ في قلبه بعدَ أنْ أدتْ دورَها في نشراتِ الأنباء!

الرَّجُلُ العائِدُ في إجَازتِه القصيرة: يقلبُ الفؤادَ والبصرَ في راحةِ الكفِّ بينَ مَدِينتيْن

رَسَمَتهُمَا السَّنوات | من رمال وريح ويَسْألُ: كَمْ نكبة تكفي؟