176091_ECO_02-10-2017_p05-1
176091_ECO_02-10-2017_p05-1
آخر الأخبار

خبراء يشيدون بتقدم السلطنة في مؤشر التنافسية العالمي

01 أكتوبر 2017
01 أكتوبر 2017

مسقط/١ اكتوبر٢٠١٧/ أمل رجب: أكد خبراء اقتصاديون ان التحسن الذي أحرزته السلطنة مؤخرا في مؤشر التنافسية العالمي يعد إنجازا يعكس قدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة التحديات وجدية جهود تعزيز التنويع الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال وتبسيط الإجراءات أمام الاستثمارات وكذلك حسن الادارة المالية للأوضاع المالية في ظل أزمة تراجع النفط، واعتبر الخبراء أن المشاريع العملاقة التي تشهدها السلطنة والتي اجتذبت استثمارات أجنبية مهمة تعد من العوامل التي دعمت تحسين تنافسية السلطنة، كما أن استمرار تنفيذ مبادرات البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي من العوامل الرئيسية في تحسين جاذبية الاستثمار وبيئة الأعمال، وأكد الخبراء على ضرورة استمرار دعم التنافسية والاهتمام الكبير بالابتكار لتحسين قدرات الاقتصاد وتعزيز نمو كافة قطاعاته.

أكد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد رياض حمزة إنه كان متوقعا أن تحقق السلطنة تقدما في مؤشر التنافسية العالمي حيث جاءت في المرتبة 62 في تقرير التنافسية العالمية لعام 2017-2018 والذي صدر مؤخرا عن منتدى الاقتصاد العالمي.

وأشار إلى أن التنافسية هي مجموعة معايير لقياس أداء السياسة الاقتصادية للبلدان والعوامل الجاذبة للاستثمارات التي تساهم في دفع عجلة النمو. وحدّد دليل التنافسية العالمي مجموعة من المعايير التي يتم تقييم الأداء الاقتصادي على الأسس الكمية وتتضمن: الإطار القانوني والإداري الذي يتعامل فيه الأفراد والشركات مع الحكومات لإنتاج الثروة. والبنية الأساسية المتطورة والفعّالة المُيسرة للأنشطة الاقتصادية، واستقرار مكونات الاقتصاد الكلي للبلد، وإنتاجية اليد العاملة واستقرارها حيوية لتنافسية ومدى تطور مؤسسات التعليم العالي والتدريب. وحركة وفاعلية سوق السلع. وكفاية ومرونة سوق العمل. وسعة وتطور سوق المال. ومدى توفر نظم التكنولوجيا المحدثة لدى القطاعين العام والخاص. وكذلك العنصر المهم وهو حجم السوق وديناميكيتها. وتطور الأعمال وأساليب توسع الشركات ونموها. ومدى تفاعل كافة العوامل لاستدامة التنمية.

ويمكن القول إن عوامل أساسية أدت إلى التقدم الذي أحرزته السلطنة في مؤشر التنافسية العالمي ذلك يتمثل اولهما في منجزات هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم وتوالي تطوير المشاريع العملاقة التي أنجزت وتلك المخطط لإنشائها في الدقم في إطار الخطة الخمسية التاسعة (2016 - 2020). وتُبْذَلُ جهود متواصلة لتسويق مشاريع المنطقة وجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية لمشاريع ذات عائد مضمون وتعد مشاريع الدقم مهمة للغاية ليس على مستوى السلطنة فقط بل على المستوى الإقليمي أيضا. والعامل الثاني كذلك هو البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي (تنفيذ)، الذي يعتبر واحدا من البرامج الوطنية التي انبثقت من الخطة التنموية الخمسية التاسعة التي بدأت اعتبارا من بداية العام الحالي 2016 وحتى نهاية عام 2020 والذي شمل جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لمشاريع قطاعات السياحة، والصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية وقطاع التمويل والثروة السمكية والتعدين. وتهيئة سوق العمل لما تحتاجه مشاريع البرنامج على أن يتابع إنجاز مشاريع البرنامج بمؤشرات قياس وأهداف محددة، وآلية متابعة وتنفيذ دقيق، بالإضافة إلى تحديد نسبة من الاستثمارات الرأسمالية غير الحكومية بحيث لا تقل عن 80%.

ويندرج ضمن العوامل أنه لا بد أن يكون مؤشر التنافسية العالمي قد تابع أداء الإدارة المالية للسلطنة في التعامل مع تراجع أسعار النفط وتوفير السيولة للإنفاق العام دون الإخلال بأهداف موازنات السلطنة السنوية من خلال تطبيق سياسات ائتمانية مدروسة عززت الثقة بالاقتصاد العماني، ذلك كله إلى جانب الاستقرار السياسي والأمني الذي يميز السلطنة أن تكون في طليعة الدول لجذب الاستثمارات الخارجية لمشاريعها الواعدة.

قال أيمن بن أحمد الشنفري مدير عام الجمعية العمانية للأوراق المالية إنه مما لا شك فيه أن تقارير التنافسية العالمية تعد من أهم التقارير العالمية التي ترصد بشكل سنوي أداء وتنافسية اقتصادات دول العالم، من حيث نقاط القوة والضعف، وانعكاساتها على مستوى المعيشة والازدهار والرفاهية لشعوبها ، ويعد تقرير التنافسية العالمية، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) في سويسرا، من أهم التقارير العالمية ، ويهدف إلى مساعدة الدول في العالم على تحديد العقبات التي تعترض النمو الاقتصادي المستدام، ووضع الاستراتيجيات للحد من الفقر، وزيادة الرخاء، ويقيّم قدرتها على توفير مستويات عالية من الازدهار والرفاهية لمواطنيها. وأشار أيمن الشنفري إلى أن تقدم السلطنة يرجع إلى دعم القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ، وتضافر جهود العمل في المؤسسات المحلية في القطاع الحكومي والقطاع الخاص، والسلطنة اليوم تؤكد على دورها الفاعل في الساحة العالمية عبر مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية، وأحرزت السلطنة تقدما في مجالات مختلفة مثل معدلات وكلفة الجريمة المنظمة على الأعمال وتأثير الضرائب على الحوافز للعمل، وتأثير الضرائب على حوافز الاستثمار، وحصلت السلطنة أيضا على مركز متقدم في المرتبة العاشرة بين الدول الأقل هدراً للإنفاق الحكومي، وأظهرت تحسنا في مؤشرات أخرى مثل مؤشرات الاقتصاد الكلي والتعليم العالي والتدريب، بسبب تبني حكومة السلطنة حزمة من الاجراءات المالية للحفاظ على استقرار المالية في ظل الاوضاع الجديدة التي نتجت عن ازمة النفط، لذا فإن هذه النتائج هي بمثابة نتيجة حقيقية لسياسة السلطنة وهذه النتائج هي بمثابة حافز لكافة مؤسسات الدولة للعمل كفريق واحد، وبرؤية واحدة ، ويجب مواصلة العمل بخطط متجددة، تتأقلم مع المتغيرات العالمية، بشكل مستمر، وبما يتوافق مع طموحات القيادة في أن تصبح السلطنة من أفضل دول العالم ضمن جدول زمني متسارع يحقق الرخاء الاقتصادي للسلطنة مع الأخذ في الاعتبار معايير التنافسية التي تفضي بنا لمواكبة الركب الاقتصادي في كافة أنحاء دول العالم .

ولكي تتقدم السلطنة وتحرز مراكز متقدمة أكثر وأفضل يجب أن تصب خططها على تفعيل خطط تنافسية شاملة للمؤسسات وتحسين الابتكار، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة والتعليم الأساسي، والتعليم الجامعي والتدريب، وكفاءة أسواق السلع، وكفاءة سوق العمل، وتطوير سوق المال، والجاهزية التكنولوجية، وحجم السوق، ومدى تقدم الأعمال والابتكار. وعلى السلطنة الاستمرار في تحسين مؤشر «الكفاءة في الإنفاق الحكومي» والتركيز على مؤشر «قلة عبء الإجراءات الحكومية». وسوف يزداد نجاح السلطنة تقدماً فيما لو سعت الحكومة خلال الأعوام القادمة إلى إحراز تقدم في تصنيفها مع الاقتصادات العالمية من خلال تحسين خططها وأن تكون استراتيجيتها مبنية على إرساء ثقافة الابتكار في المؤسسات الحكومية، وترسيخ التنافسية كأسلوب أداء ومقياس لنجاح الخدمات والمبادرات الحكومية الرامية إلى سعادة ورفاهية المجتمع .

اكد أيمن الشنفري على أن التركيز خلال السنوات المقبلة يجب أن ينصب على السعي لتحقيق السلطنة مراتب متقدمة أعلى وأن تدرج نفسها ضمن أفضل 20 مركزا عالمياً ، بالتركيز على المحاور الأساسية في تقرير التنافسية ، مثل محور كفاءة سوق السلع، الذي يعد دلالة عالمية على نجاح سياسة التنوع الاقتصادي في الدولة ، ووضوح الرؤى والخطط الاستراتيجية حول أداء وكفاءة سوق الأعمال . والعمل على محور البنية الأساسية في كل أنحاء الدولة، الذي بدوره يدعم اقتصاد السلطنة في جميع المجالات والقطاعات، ليجعلها بيئة جاذبة للاستثمار والأعمال على المستويين الإقليمي والعالمي، ويجب أن لا يخلو التخطيط من التركيز على تحسين محور المؤسسات، وهو المحور الذي يرصد كفاءة المؤسسات الحكومية والتشريعات والإجراءات المقدمة للأفراد والمؤسسات. ومن جانب آخر فحتى يتوج هذا النجاح أكثر يجب أن تركز السلطنة في محور المؤسسات، على تحسين مؤشر «الكفاءة في الإنفاق الحكومي» لكي يتناغم هذا المؤشر مع مؤشر تقليل الهدر وتحقيق قدر أكبر من الفعالية والإنتاجية بحيث يحوز أي إنفاق حكومي يصرف بأن يكون ذا قيمة مضافة للدولة والمجتمع ويساعد في تحسين وتقدم مؤشر «ثقة الشعب بالقيادة» ولا يتأتى ذلك إلا بالاهتمام بمؤشر «قلة عبء الإجراءات الحكومية»، وهو ما يعكس نجاح استراتيجية القيادة الحكيمة والخطوات الثابتة المتخذة نحو تحقيق الأداء العالي والكفاءة في العمل الحكومي على المستويين الدولي والمحلي، بما يضمن سعادة ورفاه المواطنين والمقيمين على أرض الدولة.

البنية الأساسية ميزة مهمة

واضاف:” لا شك ان السلطنة يصب اهتمامها منذ بزوغ عصر النهضة وحتى الآن على تنمية ونمو محور البنية الأساساية، وبالتأكيد إن ذلك كان عاملا مهما في احتلال السلطنة مراكز متقدمة على مستوى العالم وجعلها محط أنظار العالم وشملت هذه البنى المطارات ووسائل النقل الجوي والبحري ،ويعكس هذا الأداء نجاح استراتيجية الدولة في مواصلة ضخ الاستثمارات في تطوير وتحسين البنية الأساسية في الدولة ، ونأمل أن تشمل الخطط القادمة لعمان ربط مناطق السلطنة ببعضها البعض عبر مشروع استراتيجي يكون عبر شبكات السكك الحديدية يربط كل محافظات وولايات السلطنة ببعضها البعض مما سيشكل نقلة نوعية إضافية تساهم في زيادة وحركة النشاط الاقتصادي للدولة ولا ضير في النظر لجذب استثمارات خارجية في هذا المجال ، وآن الآوان للسلطنة أن تستغل كل هذه المقومات في خلق تنمية مستدامة متنامية ومتسارعة بشكل أكبر عما مضى نظرا لما تحتويه من مقومات وجاهزية لديها للانطلاق إقليميا وعالميا وهذا سيساهم أيضا في إحراز مراكز متقدمة اكبر عما هي عليه حاليا في التنافسية العالمية ولا ينقصنا في هذا الجانب سوى تفعيل الجوانب الابتكارية التي تزيد من معدلات التنمية للمساهمة في موارد الدولة والتنوع الاقتصادي”.

وأوضح أن التحسن الذي أظهره تقرير التنافسية العالمية يؤكد قدرة الاقتصاد العماني على الصمود أمام التحديات خاصة مع اتباع الحكومة سياسة زيادة التنويع الاقتصادي، لتعزيز بيئة الاقتصاد الكلي وسيزيد ذلك من قدرة الاقتصاد على مواجهة الظروف الاقتصادية المتمثلة في انخفاض أسعار النفط والغاز، وانخفاض حركة التجارة العالمية، وسيسهم كل ذلك في تسريع وتيرة نمو الأنشطة الاقتصادية بالدولة، والانفتاح التجاري، وتوفير بيئة أعمال مواتية، ليكون كل ذلك ضمن روافد متدفقة تصب في تأكيد مستوى التنافسية المتقدم للدولة.

اشار الكاتب الاقتصادي بخيت بن مسن الكثيري إلى أن تقدم السلطنة في هذا المؤشر يعد إنجازا جيدا حققته السلطنة ويواكب التقدم الذي رصده أحدث تقرير صادر لممارسة الأعمال الصادر عن البنك الدولي 2017م وتضمن حصول السلطنة على المركز الأول عربيا والثاني والثلاثين عالميا في مؤشر بدء الأعمال وهذا الإنجاز يمثل انعكاسا للجهود المبذولة المتواصلة لتعزيز تنافسية بيئة الأعمال ومرونة الولوج للسوق المحلي وذلك بتدشين مبادرات ملموسة استطاعت أن تختزل الإجراءات التقليدية إلى خطوات إلكترونية في دقائق معدودة والحصول على التأشيرة الالكترونية.

وهذا الإنجاز يمثل محفزا حقيقيا للقطاعات الأخرى ببذل مزيد من الجهود في التنافسية لتكاملها مع القطاعات الأخرى التي يتطلب منها مزيدا من العمل في درجات التنافسية وسرعة الإنجاز والاجراءات في بعض الجوانب التي أشار لها التقرير ونتوقع تجاوزها مع الجهود المبذولة الحقيقية التي تحرص السلطنة على تطبيقها بدقة وشفافية من قبل الجهات المعنية وخاصة اللجنة الوطنية للتنافسية الذي يلتزم بتشجيع التنافسية بين مختلف القطاعات بالسلطنة وتحسين بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار والتكامل مع الخطة الوطنية لتنوع الاقتصادي ( تنفيذ ) وتعزز تنافسية السلطنة محليا ودوليا في مؤشرات التنافسية. ونأمل مزيدا من المراكز المتقدمة في مؤشرات التنافسية الدولية كما ذكر سابقا وتعزيز بيئة الأعمال ومرونة الاجراءات وسرعة الانجاز وانعكاسها الايجابي على بيئة الأعمال المحلي وإحراز مزيد من التقدم يتطلب جهدا مضاعفا لزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد الوطني ومحركاتها مثل قطاعات اللوجستيات والمناطق الصناعية والحرة والمحركات الأخرى ومواءمتها مع البرامج التعليمية المستوعبة لمتطلبات العجلة الاقتصادية حتى تكون مخرجاتها البشرية داعمة لمواكبة النمو، فالاقتصاد الدولي يتقدم بسرعة التطور الحاصل في المدخلات والمخرجات وليس مستقرا في حالة الاعتماد على مورد واحد فقط كالنفط في ظل انخفاض أسعاره وتشابك المصالح الدولية والتي تتطلب اقتصادا مرنا يستمد قوته من تنافسيته وكفاءة موارده البشرية وتنوع قطاعاته الاقتصادية لتكون بمثابة الرئة التي يتنفس منها الاقتصاد الوطني.