1120790
1120790
المنوعات

منارة الإسكندرية تهدي الحائرين منذ عهد الإسكندر المقدوني

29 سبتمبر 2017
29 سبتمبر 2017

القاهرة «العمانية»: تعد مدينة الإسكندرية المصرية إحدى أقدم مدن العالم وأجملها وأشهرها على حد سواء فتاريخها ضارب في الأعماق منذ عهد الإسكندر المقدوني، فقد وضع التخطيط الأول لها عام 331 قبل الميلاد، وقسمت أرضها الفضاء إلى طرق وميادين وأحياء.

ومن أشهر معالم الإسكندرية فنارها أو منارتها التي صنفت كإحدى عجائب الدنيا السبع ودرة على جبين عروس البحر المتوسط ودليل على أصالتها ورونقها المتجدد الذي لا ينقطع حتى وان كانت تلك المنارة دمرت في زلزال عام1323 م وبقي بعض آثارها في «متحف الآثار الغارقة».

ووفقا لمحمد عبد الفتاح مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية السابق فإن بداية إنشاء المنارة كان في عام 279 قبل الميلاد، عندما بدأ بطليموس الأول بتأسيسها لكنه رحل واستكمل البناء ابنه بطليموس الثاني في 280 قبل الميلاد، وقد جاء إنشاء المنارة لاستكمال مجد الإسكندرية التي أنشئت على النسق اليوناني.

ويشير مدير عام متاحف وآثار الإسكندرية السابق إلى أن منارة الإسكندرية استحوذت على اهتمام الرحالة والمؤرخين الذين قدموا إلى مصر وزاروا الإسكندرية، حيث سطروا في كتبهم الكثير عن جمال وروعة هذا الفنار.

فقد سجل الرحالة العربي ابن جبير أن ضوء الفنار كان يرى من على بعد 70 ميلا في البحر، ويقال إن الصعود إلى الفنار والنزول منه كان يتم عن طريق منحدر حلزوني أما الوقود فكان يرفع إلى مكان الفانوس في الطابق الأخير بواسطة نظام هيدروليكي.

وكتب الرحالة العربي الاصطخري أن الفنار قائم على صخرة في البحر وبه أكثر من 300 غرفة ولا يهتدي فيها الزائر إلا إذا هداه دليل.

أما الرحالة ابن حوقل فوصف الفنار بأنه بني من الصخور المنحوتة حيث جمع بعضها ببعض وشدت بالرصاص ولا يشبهها شيء على وجه الأرض.

ووصف عالم الجغرافيا الشهير الإدريسي المنارة بأنها لا يماثلها شيء ببلاد العالم في قوة بنائها ونظامها، فهي من اصلب الصخور فقد صب بينها الرصاص المنصهر، ويصل إليها ماء البحر من جهة الشمال وعلوها نحو 300 ذراع.

وتفيد الكتابات التاريخية بان الغرض من إنشاء منارة الإسكندرية هو هداية البحارة عند سواحل مصر المنخفضة، فقد كان النور المنبعث من النار الموضوعة في قاعدة المنارة ينعكس من المرايا النحاسية كضوء يتجه إلى المناطق المحيطة بالمنارة.

وبلغ إجمالي تكاليف المنارة 8 آلاف تالنت-وهو عملة البطالمة-أي ما يعادل ربع مليون جنيه مصري، وكانت المنارة مكونة من أربعة طوابق، ارتفاعها يتراوح بين 120 مترًا إلى 135 مترًا، حيث بلغ ارتفاع الطابق الأرضي من المنارة حوالي 60 مترًا، وهو مربع الشكل وبه العديد من النوافذ وعدد من الحجرات يبلغ عددها 300 حجرة كانت تستخدم كسكن لعمال تشغيل المنارة وأسرهم، كما كانت تستخدم لتخزين الآلات والأدوات الخاصة بالمنارة، وينتهي هذا الطابق بسطح في جوانبه 4 تماثيل ضخمة من البرونز.

واتخذ الطابق الثاني شكلا مثمن الأضلاع، وارتفاعه نحو 30 مترًا، بينما الطابق الثالث اتخذ شكلا مستديرا تعلوه قمة المنارة وبها مصباح كبير، وهو مصدر الإضاءة في المنار، وقد أقيم على 8 أعمدة تحمل قبة فوقها تمثال يبلغ ارتفاعه حوالي 7 أمتار.

وفي عهد الأمير أحمد بن طولون، جرى ترميم المنارة، وجعل في أعلاها قبة خشبية ليصعد إليها من داخلها، وفي الجهة الشمالية من المنارة كتابة بالرصاص بقلم يوناني طول كل حرف يبلغ ذراعا وبعرض شبرٍ ومقدارها من الأرض نحو 100 ذراع.

وفي عهد السلطان الظاهر بيبرس تداعت بعض أركان المنارة فأمر ببناء ما هدم منها وبنى مكان القبة الخشبية التي في أعلى المنارة مسجدا، إلا أنه هدم عام 702 هـ، ثم أعيد بناؤه فيما بعد.

وفي عام 1996م تم إنشاء إدارة للآثار الغارقة بالإسكندرية تابعة للمجلس الأعلى للآثار، تضم مجموعة من الأثريين للبحث عن الآثار المدفونة في البحر المتوسط ومنها فنار الإسكندرية.

الجدير بالذكر قامت بعثة أثرية فرنسية بقيادة جان إيف بالتنقيب عن آثار منارة الإسكندرية للحصول على كتل حجرية تنتمي لأنقاض الفنار القديم، مع البحث عن لوحة تذكارية كانت في واجهة المنارة منحوتة بحروف يونانية ضخمة.