121
121
الاقتصادية

أسعار النفط تتباين لكنها تتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية بدعم تحسن آفاق السوق

29 سبتمبر 2017
29 سبتمبر 2017

57.10 دولار لبرميل «برنت» -

( عمان ) - ( رويترز) : تراجعت أسعار النفط قليلا بالسوق الأوروبية أمس لتواصل خسائرها لليوم الرابع على التوالي، ضمن عمليات تصحيح وجني أرباح بعد ارتفاعها في وقت سابق من هذا الأسبوع لأعلى مستوى في عدة أشهر، وضغط سلبيا على الأسعار تعهد تركيا بالتعامل فقط مع الحكومة المركزية العراقية بخصوص نفط كردستان، وأيضا تجدد المخاوف بشأن المعروض الأمريكي بعد ارتفاع الصادرات لمستوى قياسي وتسارع إنتاج النفط لأعلى مستوى في عامين.

ونزل خام برنت إلى مستوى 57.10 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 57.24 دولار، وسجل أعلى مستوى 57.31 دولار، وأدنى مستوى 56.93 دولار. وتراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 51.50 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 51.61 دولار، وسجل أعلى مستوى 51.62 دولار، وأدنى مستوى 51.32 دولار. وفقد النفط الخام الأمريكي «تسليم نوفمبر» عند تسوية الأمس نسبة 0.9%، في ثالث خسارة يومية على التوالي، بعدما سجل في وقت سابق من التعاملات أعلى مستوى خمسة أشهر عند 52.84 دولار.

يأتي ذلك بعد إعلان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أمس الأول أن تركيا تعهدت بالتعامل فقط مع الحكومة العراقية فيما يخص صادرات نفط كردستان، وتصدر المنطقة الكردية نحو 500 ألف برميل يوميا من خلال خط أنابيب يمر عبر تركيا إلى البحر الأبيض المتوسط. وقفزت أسعار النفط مطلع هذا الأسبوع لأعلى مستوى في عدة أشهر بعدما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوقف تدفقات نفط إقليم شمال العراق إلى السوق العالمية، لمنع تشكيل دولة كردية مستقلة.

في الولايات المتحدة أعلنت وكالة الطاقة الأمريكية الأربعاء الماضي ارتفاع صادرات الخام إلى 1.49 مليون برميل، في أعلى مستوى للصادرات منذ تجميع البيانات الحكومية أسبوعيا، بزيادة أسبوعية قدرها 61%. وبالنسبة لإنتاج الخام ارتفع بمقدار 37 ألف، خلال الأسبوع المنتهي 22 سبتمبر، في ثالث زيادة أسبوعية على التوالي، ليصل إجمالي الإنتاج 9.55 مليون برميل يوميا، وهو أعلى مستوى منذ يوليو 2015.

ــــــ وفي أسواق آسيا تباينت أسعار النفط امس لكن برنت والخام الأمريكي يتجهان لتحقيق مكاسب أسبوعية مجددا مع مراهنة المستثمرين على أن الجهود الرامية لتقليص تخمة المعروض العالمي تحقق نجاحا وأن آفاق الطلب تتحسن.

وتراجع الخام الأمريكي ثمانية سنتات إلى 51.48 دولار للبرميل، بعدما ارتفع قليلا في وقت سابق. ولا يزال الخام يتجه لتحقيق رابع مكاسبه الأسبوعية على التوالي والصعود تسعة بالمائة على مدى الشهر الحالي. وزاد خام القياس العالمي مزيج برنت سنتا واحدا إلى 57.42 دولار للبرميل، متجها لتحقيق خامس مكاسبه الأسبوعية والارتفاع نحو عشرة بالمائة خلال سبتمبر. وجاءت مكاسب الأسعار، ومعظمها في فترة الأسبوعين ونصف الأسبوع الماضية، مع توقع المتعاملين لتجدد الطلب من المصافي الأمريكية التي تستأنف عملياتها بعد إغلاقات تسبب فيها الإعصار هارفي. وخارج الولايات المتحدة، أشار كبار منتجي النفط في العالم أيضا إلى أنهم سيلتزمون بتخفيضات الإنتاج للحد من المعروض. ويتلقى النفط دعما من تهديدات تركيا بوقف خط أنابيب من إقليم شمال العراق.

ــــــ وانخفضت أسعار النفط وسط مبيعات لجني الأرباح بعد مكاسبها التي سجلتها في وقت سابق امس الأول والتي أثارها استمرار التوترات في شمال العراق في أعقاب استفتاء في المنطقة الكردية جاءت نتيجته لصالح الانفصال.

وهبطت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 59 سنتا أو ما يعادل 1.02 بالمائة إلى 57.31 دولار للبرميل. وكان برنت قد سجل أعلى مستوياته في أكثر من عامين عندما بلغ 59.49 دولار الثلاثاء الماضي. وتراجعت عقود الخام الأمريكي الخفيف 71 سنتا أو 1.36 بالمائة إلى 51.44 دولار للبرميل بعد أن سجلت في وقت سابق من الجلسة أعلى مستوى لها في خمسة أشهر عند 52.86 دولار. وقال تاماس فارجا المحلل لدى بي.في.إم أويل أسوسيتس للسمسرة في لندن «كردستان وشمال العراق يصدران حاليا ما بين 500 ألف إلى 550 ألف برميل يوميا. ستكون تلك خسارة كبيرة للسوق».

النفط الصخري الأمريكي يعوق آمال استعادة توازن سوق الخام

ــــ وعلى صيد الإنتاج الأمريكي أظهر استطلاع أجرته رويترز أن من المستبعد أن ترتفع أسعار النفط كثيرا هذا العام فوق أعلى مستوى في عامين الذي سجلته الشهر الحالي، مع استمرار المخاوف بين المحللين من أن نمو إنتاج النفط الصخري الأمريكي سيعوق استعادة التوازن بين معروض النفط العالمي والطلب. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي مزيج برنت 52.60 دولار للبرميل في 2017، بما يزيد قليلا عن توقعات الشهر السابق البالغة 52.53 دولار. وفي عام 2018 من المتوقع أن يبلغ متوسط سعر الخام 54.40 دولار للبرميل مقارنة مع توقعات الشهر السابق البالغة 54.48 دولار. وتوقع الاستطلاع الشهري الذي شمل 36 محللا وخبيرا اقتصاديا أن يبلغ متوسط سعر خام برنت أكثر من 60 دولارا للبرميل بحلول 2020.

وبلغ برنت هذا الأسبوع أعلى مستوياته منذ يوليو 2015، مدفوعا بالطلب على المنتجات المكررة وتقييمات بأن سوق النفط تستعيد توازنها سريعا بعد تخفيضات الإنتاج التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك). وتعهدت أوبك و11 منتجا منافسا خارج المنظمة من بينهم روسيا بتخفيض الإنتاج 1.8 مليون برميل يوميا حتى مارس 2018 للمساعدة في تحقيق التوازن بين العرض والطلب.

في الوقت ذاته من المتوقع أن يزيد إنتاج النفط الصخري الأمريكي للشهر العاشر على التوالي في أكتوبر ليسجل 6.1 مليون برميل يوميا. وقالت دانييلا كورسيني الخبيرة الاقتصادية المعنية بسوق السلع الأولية لدى إنتيسا سان باولو: « نتوقع أن يظل ارتفاع إنتاج النفط الصخري وإنتاج ليبيا ونيجيريا هو الخطر الرئيسي الذي يهدد جهود أوبك لتقييد المعروض العالمي».

وأضافت: «في ضوء تأثره بأسعار (العقود الآجلة الأمريكية)، سيمثل النفط الصخري أكثر الأدوات فاعلية في عملية استعادة التوازن وسيساهم في إبقاء أسعار الخام داخل نطاق ضيق نسبيا». ويتجه خام برنت، الذي بلغ متوسط سعره 52.48 دولار للبرميل منذ بداية 2017، صوب الارتفاع أكثر من 20 في المائة في الربع الثالث من العام الحالي، في أكبر زيادة في الفترة بين يوليو وسبتمبر منذ 2004. وقال راهول بريثياني المدير لدى كريسيل للأبحاث: «مع نسبة التزام أعضاء أوبك المرتفعة بقرار خفض الإنتاج في الأشهر الأخيرة، تشهد السوق تقلص الفجوة بين العرض والطلب... ومع ارتفاع الأسعار، نتوقع أن تواصل الولايات المتحدة ضخ إنتاج أعلى، مما يؤثر بدوره على استعادة السوق توزانها». وزادت علاوة برنت فوق خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي لأعلى مستوى منذ أغسطس 2015 عند نحو سبعة دولارات للبرميل. ويتوقع محللون تقلص هذا الفارق ليبلغ نحو 2.72 دولار للبرميل في 2017 و2.79 دولار في 2018. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 49.88 دولار للبرميل في 2017، على أن يصل إلى 51.61 دولار في 2018 مقارنة مع توقعات الشهر السابق البالغة 50.01 دولار و51.92 دولار على الترتيب.

ويرجع خصم خام غرب تكساس الوسيط عن برنت في الأساس إلى أثر الإعصار هارفي، الذي أوقف مؤقتا نحو 25 في المائة من الطاقة التكريرية الأمريكية في ساحل خليج المكسيك الشهر الماضي مما قوض الطلب على الخام. وقال أبهيشيك كومار المحلل لدى انترفاكس إنرجي في لندن: «أثر الأعاصير الكبيرة مثل هارفي وإرما سيكون قصير الأمد، وسيتبدد مع استئناف عمل المصافي في الولايات المتحدة بكامل طاقتها خلال الأسابيع المقبلة». وأعطى أو.سي.بيزسي أعلى التوقعات لخام برنت في 2017 عند 57 دولارا للبرميل في حين وضع جوليوس باير أقل التقديرات عند 48.80 دولار.

توقعات تناقض الاستطلاع

وأشار أحدث تقرير لوكالة الطاقة الدولية إلى تراجع الاستثمار في قطاع النفط والغاز إلى أدنى مستوى في 60 عاما، ما ينذر بأزمة في الإمدادات مع النصف الثاني من العام المقبل ويؤدي إلى ارتفاع صاروخي في أسعار النفط أكبر من أي ارتفاع تلا أزمة هبوط أسعار في السابق. وكان تقرير لمنظمة «أوبك» قد صدر قبل أيام أشار إلى استمرار اختلال ميزان العرض والطلب مع تخمة في المعروض، مقابل الطلب العالمي ما يعني استمرار انخفاض الأسعار في العام المقبل.

وحسب تقرير وكالة الطاقة الدولية، التي تقدم النصح في مجال الطاقة لدول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، فإن الطلب العالمي يواصل التراجع مقابل زيادة المعروض.

إلا أن طاقة الإنتاج الاحتياطية في العالم تتراجع بشدة أيضا، ولا تزيد الآن على 1.7 مليون برميل يوميا مع وصول إنتاج كبار المصدرين إلى طاقته القصوى. والطبيعي في أي دورة لأسعار النفط أن ترتفع الأسعار بشدة بعد فترة هبوطها، لكن استمرار هبوط الأسعار منذ صيف 2014 أدى إلى تراجع هائل في الاستثمارات في القطاع وعدم التوصل لاكتشافات نفطية جديدة تلبي الطلب في حال زيادته. وحسب تقرير الوكالة، انخفضت الاستثمارات السنوية في قطاع الطاقة العالمي في العامين الأخيرين من 780 مليار دولار إلى 450 مليار دولار، ولا يبدو أنها ستتعافى في المستقبل القريب. وبلغ معدل نضوب الآبار الحالية نسبة 9 في المائة سنويا، ويضيف التقرير: «هناك أدلة على أن تراجع الاستثمارات أدى إلى انخفاض هائل في الاكتشافات النفطية لتهوي إلى مستوى غير مسبوق منذ 60 عاما».

ويرى المراقبون أن هذا الانخفاض في الاستثمارات والاكتشافات سيعطي منتجي أوبك وروسيا ميزة كبيرة مع استمرار اعتماد العالم على النفط. ويفصل تقرير «استثمارات الطاقة العالمية 2016» الصادر عن وكالة الطاقة الدولية كيف أن الانخفاض الأكبر في الاستثمارات هو في الدول الصناعية الكبرى، أما دول الخليج وروسيا فلم تشهد تراجعا كبيرا.

لكن من فوائد تراجع الأسعار والاستثمارات أن كلفة الإنتاج آخذة في التراجع ما يجعل هامش الربح معقولا حتى في ظل انخفاض الأسعار. ففي أغلب المنتجين من دول أوبك لا تتجاوز كلفة إنتاج البرميل 10 دولارات.

ويقدر المحللون في سوق النفط أن هذه الدورة من حركة الأسعار لا تشبه أي من سابقاتها، إذ أن المعتاد في حال هبوط الأسعار نتيجة زيادة العرض أن يأخذ الطلب في النمو، لكن ما يحدث أن نمو الطلب العالمي في تراجع ولم يزد في الربع الأخير على 800 ألف برميل يوميا. كما أن الاعتقاد السائد بأن مصادر الطاقة الأخرى يمكن ان تعوض الاعتماد العالمي على النفط لا تؤيده أرقام مبيعات السيارات الكهربائية أو الهجين، ولا استبدال الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر متجددة على حساب تلك المولدة من محطات تعمل بالغاز أو مشتقات النفط.

ويجمع كثير من المحللين والمراقبين على أنه إذا استمر الوضع الحالي فإن انخفاض الأسعار حتى النصف الثاني من عام 2017 يمكن ان يقود إلى ارتفاع هائل غير مسبوق ربما يتجاوز مستوى الأسعار قبل يونيو 2014 عندما كان سعر البرميل نحو 120 دولارا.