1119453
1119453
الاقتصادية

مؤتمر التأمين الصحي يناقش دور التقنية والابتكار في تطوير الرعاية الصحية

28 سبتمبر 2017
28 سبتمبر 2017

شهد مؤتمر الشرق الأوسط الحادي عشر للتأمين الصحي، والذي تستضيفه الهيئة العامة لسوق المال، تقديم أوراق عمل ومناقشات حول تطبيقات هذا النوع من التأمين وأبرز متطلبات التطبيق الإلزامي والتوجهات التنظيمية المثلى إلى جانب الوقوف على التحديات وآلية تجاوزها، كما تناولت المناقشات كيفية تنظيم العلاقة بين الأطراف المعنية بالتأمين الصحي بداية من حامل الوثيقة التأمينية والجهات التنظيمية وشركات التأمين والمؤسسات المقدمة لخدمات الرعاية الصحية.

وفي ختام أعماله أمس أوصى المؤتمر بالتخطيط السليم ووضع النظم والسياسات المناسبة قبل مرحلة التطبيق، مع التركيز على أهمية التنسيق الناجح فيما بين الجهات التنظيمية والحكومية والأطراف ذات العلاقة وذات المصلحة، ووضع إطار واضح ومحدد على أعلى المستويات بحيث يتم توضيح المخاطر والتحديات التنظيمية وآثارها الاقتصادية والاجتماعية واتخاذ القرار والتوجيه المناسبين لمعالجتها لضمان سلاسة التعامل وعدالة الوصول إلى خدمات صحية أساسية.

كما أوصى المؤتمر بضرورة الالتفات إلى حماية مصالح جميع الأطراف لا سيما حملة الوثائق، والاهتمام بالضوابط التنظيمية والرقابية للتصدي للاستغلال السيئ للتأمين الصحي أو لضمان تحقيق الأغراض المنشودة من تطبيق النظام، والأخذ بعين الاعتبار السلوكيات وأنماط الحياة التي تؤثر على الخارطة الصحية للمجتمعات في المنطقة والتعاون بشأن الوقاية منها، وتجنيب دخولها منظومة التأمين الصحي، وإدماج المرونة الكافية والاستجابة السريعة في التشريعات وعمليات السوق لتواكب التطورات التقنية في مجال توفير الخدمات الطبية والتحديات التي تفرزها، بالإضافة إلى الفرص التي تقدمها في تقليل المخاطر وإدارتها.

وتضمنت التوصيات التأكيد على أهمية صياغة نظم حوكمة فعالة لقطاع التأمين والمؤسسات العاملة تأخذ بعين الاعتبار المبادئ الاحترازية والرقابية على حد سواء، والانطلاق من أن لكل دولة نظامها التأميني الخاص الذي يأخذ بعين الاعتبار سلة المخاطر المحتملة وللمشهد الديموغرافي والطبوغرافي ومستوى الخدمات الصحية المقدمة ونظمها وتشريعاتها، لا سيما تلك المتعلقة بالمؤسسات الصحية الخاصة ومستويات جودة الخدمة المقدمة، وحق الاستفادة منها، واعتبار التأمين الصحي الإلزامي عاملا ممكنا لتحقيق التغطية الصحية الشاملة شريطة توافر عدد من عناصر النجاح مثل عمليات وإجراءات واضحة، والاعتماد على نظم الأتمتة والميكنة واستخدام التقنيات المتطورة، وحوكمة فاعلة وكفؤة للقطاع بما في ذلك آليات صنع القرار وأوجه السياسات التنظيمية والرقابية، وموارد بشرية مؤهلة وكفؤة.

وقد شارك في أعمال المؤتمر عدد من الخبراء والمختصين من أسواق إقليمية ودولية لتستعرض تجاربها وخبراتها. وقدم روبن علي مسؤول الممارسة في كونسيلينت للاستشارات ورقة عمل تبحث حول المسائل التنظيمية في تأمين الرعاية الصحية والتأمين الطبي في الشرق الأوسط موضحا العلاقة بين المريض ومقدمي الخدمة والجهات الممولة لا تعد علاقة بسيطة كما تناول التحديات التي يتعين على الجهات التنظيمية التعامل معها عند تبني مفهوم التأمين الصحي كأداة لتمويل الرعاية الصحية في سوق رقمية يسعى فيها الكثير من المشاركين لتحقيق مكاسب شخصية على حساب الحصول على خدمة رعاية صحية ذات جودة وميسورة التكلفة لكل من المواطنين والوافدين والأغنياء والفقراء.

وتكلم روبن عن الجوانب التنظيمية التي يجب الالتفات لها في هذه المرحلة المحورية لوضع النظام الصحي في أن تكون اللوائح والقوانين مصاغة بوضوح مع الاستفادة من تجارب الدول الأخرى مؤكدا انه كلما كانت السياسة واضحة ستكون الطريق في ممارسة هذا النوع من التأمين سهلة ويسيرة بما يؤدي إلى اتخاذ القرارات بوضوح وهذا ما يسهل عملية التسريع في تطبيق التأمين الصحي بشكل سليم.

واستعرض المتحدث نظام التأمين الصحي بشكل عام وفي عمان بشكل خاص، ففي عمان هناك عدة جهات معنية بالتأمين الصحي ذات علاقة بالموضوع أولها وزارة الصحة والهيئة العامة لسوق المال والقوى العاملة والغرفة ووزارة السياحة مؤكدا على أهمية وجود آلية واضحة للتنسيق على أن تتولى مؤسسة معينة الإشراف والرقابة حتى لا تضيع المهام والمسؤوليات وسط زحام الجهات المعنية وهذا يعتبر نموذجا تنظيميا مطبقا عالميا، وهناك أنموذج مطبق عالميا يتمثل في وجود مؤسسة واحدة تجمع مهام كل هذه الأطراف، كما تكلم عن طبيعة التشريعات فهناك تشريعات احترازية تعنى الاشتراطات والضوابط التنظيمية وتشريعات رقابية تتدخل في سياسات التسعير المناسبة.

ومن جانب آخر تحدث ستيف كلمنتس مدير أعمال الصحة والمزايا بميدل ايست ويليس تاورز واتسون والذي استعرض البحوث التي تناقش التكلفة الطبية وأسبابها وتكلفة أساليب الإدارة التي يستخدمها أصحاب العمل، كما تحدث عن الأنماط الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية. وأوضح ستيف أن التكلفة الطبية ارتفعت بمعدلات تفوق معدل التضخم وأن السبب الرئيس لارتفاع الكلفة تعود إلى تكاليف العيادات الخارجية والترقيد مع وجود تفاوت من مكان لآخر، كما تكلم عن المخاوف التي عبرت عنها شركات التأمين وأبرزها استغلال توظيف نظام التأمين الصحي من قبل المؤمن عليهم والمؤسسات الصحية وتكلم عن أبرز وسائل تمويل التأمين الصحي والمساهمات والتمويل المشترك بين رب العمل والموظف مثلا.

وحول تأثير التقنية الرقمية في تطوير قطاع الرعاية الصحية أفادنا هاوارد غوغ الرئيس التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لغلوبات اندفيدوال ملخصا بـأن هناك ثلاث فوائد يمكن أن يتم جنيها من خلال التقنية الرقمية، فاستخدام التقنية الرقمية مثلا في اختزال الأعمال الإدارية وهو ما سيوفر الإنفاق على الموارد البشرية اللازمة ويتركز الصرف نحو تطوير الرعاية الصحية من خلال استقطاب أفضل الكفاءات واحدث التقنيات، كما أنها وسيلة سهلة لحفظ البيانات وإنها المعاملات بين شركات التأمين والمؤسسات الصحية إلى جانب سهولة الرجوع إليها وهو ما يساعد على تسريع تقديم الرعاية الصحية المناسبة، ومن جهة أخرى تساهم التقنيات الرقمية في تعزيز شعور المؤمن له الاطمئنان والرضى من الخدمات المقدمة.

تحدث الدكتور سيفن روهت المدير التجاري من الشركة الوطنية للتأمين الصحي حول النصائح المتعلقة باستراتيجية تأمين الرعاية الصحية قال فيها إن هناك عدة أسباب تؤدي إلى الأمراض والوفيات المبكرة على مستوى العالم مع وجود تفاوت من منطقة إلى أخرى، فهناك أسباب تتعلق بالبيئة وأسباب وراثية وأخرى تتعلق بالحوادث بأنواعها والحروب والكوارث الطبيعية إلا أن اكثر الأسباب تأثيرا وتقود إلى الموت والإصابة بالأمراض تتعلق بمنهجية وأسلوب الحياة فهذا السبب الطاغي، فقد أشارت الدراسات إلى أن هذا العامل يؤدي إلى 40% من الوفيات المبكرة، ولذلك فإن التركيز على أنماط الحياة الصحيحة كالبعد عن التدخين وتناول الوجبات الصحية السليمة وغيرها الكثير، وكلما كان هناك وعي مجتمعي واتباع نمط حياة سليمة سيكون هناك انعكاس بشكل إيجابي على حجم الإنفاق في الرعاية الصحية إلى جانب المحافظة على الأرواح البشرية وهو الأهم.

وأكد على أنماط الحياة في كل مجتمع تختلف على حسب مستوى الوعي الصحي فهناك مجتمعات تسودها عادات التدخين وبالتالي هناك حجم إنفاق أكبر للرعاية الصحية وشركات التأمين تصنف مثل هذه المجتمعات على أنها اكثر خطورة عند توفير التغطية التأمينية الصحية السليمة.

فيما تحدث ماركو بانرمان المدير التنفيذي للتوزيع ام ني ايه انترناشونال حول الابتكار في الرعاية الصحية وكيف يدعم التأمين الصحي أصحاب العمل مع واجب العناية بالقوى العاملة المتحركة عالميا، فقد بين فيها ما تقوم به المؤسسات وأربابها من تقديم خدمة التأمين الصحي للموظفين كميزة وظيفية تنافسية لاستقطاب الكفاءات والكوادر الفاعلة في تعزيز مستوى الإنتاجية وكيف ينعكس ذلك بشكل إيجابي على أداء المؤسسة والأرباح التي تجنى، مشيرا إلى التغطيات التأمينية للموظفين تتفاوت مستوياتها في عدد أفراد العائلة التي تشملها التغطية لكل موظف وكذلك نوعية الوثيقة التي يتم توفيرها للموظف مســــتعرضا تجــــارب الشركات الرائدة عالميا في هـــذا الجـــانب.

وتحدث المحاضر أيضا حول المؤسسات المقدمة لخدمة الرعاية الصحية وطريقة التعامل معها للحيلولة دون استغلال المريض والاستفادة من زيارته للمؤسسة في حدود تتجاوز الحاجة الأساسية مؤكدا أن على القائمين على تقديم الخدمات الصحية ومزودي الخدمات التأمينية القيام بالواجبات على أكمل وجه في توفير التغطية التأمينية من خلال تجويد الرعاية الصحية بشكل سليم وبدرجة عالية من الأمانة لأنها تتعلق بصحة وسلامة الأفراد وعدم التركيز على الربحية فقط .

وأشار أيضا في ورقته إلى أهمية أن يعمل القائمون على الخدمات الصحية وأصحاب العمل في توعية الموظفين بأهمية التأمين الصحي قبل السفر نظرا لتكاليف الرعاية الصحية العالية في تلك الدول حيث يصل معدل تكلفة الفرد المسافر من 2 مرات إلى 3 مرات عن تكلفته في بلده الأصلي.

وأضاف إن على القائمين على الرعاية الصحية القيام بالمراجعة المستمرة والدورية للعوامل التي تتعلق بالتكاليف الصحية العالية ومحاولة تجويد الخدمات من خلال السيطرة على تلك التكاليف التي من شأنها تطوير القطاع الصحي متى ما تمت السيطرة عليها، وأشار إلى أن التوعية تعتبر عنصرا أساسيا في تطبيق نظام التأمن الصحي على اعتبار أنها من أهم العوامل التي تعمل على تجنيب القطاع الصحي الأعباء والتكاليف العالية ويأتي بعدها آليات وسياسات الاكتتاب الصحيحة والسليمة.