العرب والعالم

ميركل تبحث عن شركاء لحكم ألمانيا «المنقسمة»

26 سبتمبر 2017
26 سبتمبر 2017

بعد أسوأ نتيجة انتخابية لتحالفها منذ 7 عقود -

برلين - (أ ف ب) : بدأت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل أمس العمل على تشكيل غالبية تخولها الحكم وتحييد اليمين المتطرف الذي حقق اختراقا في انتخابات تشريعية جاءت نتائجها أشبه بـ«زلزال» أحدث انقساما في المشهد السياسي الألماني.

واجتمعت ميركل مع النواب المحافظين في مقر مجلس النواب الألماني حيث تقلص حجم تحالفها المحافظ من 309 مقاعد إلى 246 مقعدا عقب أسوأ نتيجة انتخابية له منذ سبعة عقود.

والتقت في الوقت نفسه كتلة حزب «البديل من أجل ألمانيا» التي دخلت البرلمان لأول مرة وشغلت 93 مقعدا ويصفها مسؤولون ووسائل اعلام ألمانية بأنها يمينية متطرفة.

وقال الكسندر غاولاند أحد الأعضاء البارزين في الحزب اليميني من أمام مقر البرلمان إن «لغة الحملة تختلف عن اللغة المعتمدة في البرلمان».

وأضاف غاولاند «نعلم انه أمامنا مسؤولية كبيرة في البرلمان، وأيضا تجاه ناخبينا».

وكان غاولاند المنشق عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي أثار غضبا كبيرا في الحملة الانتخابية جراء تصريحاته النارية ولا سيما تلك التي دعا فيها الألمان للتخلص من عقدة الذنب من الحربين العالميتين ومحرقة اليهود و«الافتخار» بالمحاربين القدامى.

ولكن مع رغبة الحزب في ابداء استعداده لشغل دوره البرلماني، نغصت إحدى زعيماته فراوكي بتري احتفاله بالفوز بإعلانها الثلاثاء مغادرة الحزب بسبب خلافها مع الآراء المتشددة لبعض زملائها.

وقالت بتري إنها ستشغل مقعدها في البرلمان بصفتها نائبة مستقلة.

ولم يعلن أي نائب آخر انشقاقه معها رغم إعلان عدد من نواب الأقاليم إنهم سيغادرون الحزب.

وضع أكثر تعقيدا

وحظي حزب البديل من أجل ألمانيا بتأييد بين قواعد المحافظين والاشتراكيين الديمقراطيين، وهما المعسكران السياسيان الرئيسيان في البلاد. وكان الحزب الاشتراكي الديمقراطي دخل في ائتلاف حكومي قاد ألمانيا على مدى ثمانية أعوام من أصل 12 عاما من حكم ميركل. وحل حزب البديل من أجل ألمانيا ثالثا في الانتخابات التشريعية بنسبة 12,6% من الأصوات.

وخسر الائتلاف الحاكم أصوات خمسة ملايين مقترع صوت 1,5 مليون منهم لحزب البديل من أجل ألمانيا.

وبحسب استطلاعات الرأي، فإن غالبية هؤلاء عبروا عن الغضب من سياسة ميركل حيال اللاجئين، والتي سمحت لأكثر من مليون طالب لجوء بدخول ألمانيا منذ 2015.

وبعد ان سجل الحزب الاشتراكي الديمقراطي أسوأ نتائجه الانتخابية منذ انتهاء الحرب حاصدا 20,5 بالمائة من الأصوات، استبعد الحزب متابعة التعاون من ميركل ما يعني ان بحثها عن ائتلاف حاكم بات مهمة شديدة التعقيد.

من بافاريا إلى جامايكا

ويرى محللون ان الخيار الوحيد المتبقي لميركل هو السعي للتحالف مع الديمقراطيين الأحرار وحزب الخضر، إلا أن هذا الخيار محفوف بالمخاطر.

وهذا التحالف الذي يشار إليه بتسمية تحالف «جامايكا» بسبب ألوان الأحزاب الثلاثة الأسود والأصفر والأخضر، غير موجود حاليا في ألمانيا سوى على الصعيد المحلي في ولاية شليسفيغ-هولستاين الشمالية، ومنذ الربيع الماضي فحسب.

وأوردت صحيفة «بيلد» اليومية، التي وصفت الانتخابات بأنها «زلزال سياسي»، ان زعماء الاحزاب تحادثوا هاتفيا ليل الاحد الماضي حول امكانية التعاون مع ميركل في ولايتها الرابعة.

ويبدو أن الألمان تحمسوا لهذا الطرح مع إظهار استطلاع أجراه معهد «إنفراتست» المستقل ان 57 بالمائة منهم يؤيدونه.

الا ان الخلافات الايديولوجية الكبيرة قد تعرقل مثل هذا التحالف.

ويقول يورغن فالتر العالم السياسي في جامعة ماينتس غرب ألمانيا لصحيفة بيلد «هناك العديد من العراقيل أمام قيام ائتلاف جامايكا».

وأشار فالتر إلى أن حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي البافاري المتحالف مع حزب ميركل الاتحاد المسيحي الديمقراطي والذي غالبا ما ينتقد سياستها حيال اللجوء، لم يتبق لديه ما يخسره بعد الخسارة القاسية التي مني بها في الانتخابات.

ويرجح فالتر ان يشدد حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي موقفه من الهجرة وهو ما يضع إمكانية التوصل إلى اتفاق مع حزب الخضر خارج المعادلة، لا سيما وأن بافاريا ستشهد انتخابات في 2018.

ويختلف حزبا الخضر والليبراليين حول الكثير من الملفات الأساسية مثل الهجرة ومستقبل الديزل والتخلي عن الفحم، كما أن لكل منهما خلافات أساسية مع المحافظين. وقال فالتر إن «مفاوضات الائتلاف ستكون شائكة للغاية لأن الاحزاب الصغيرة سيكون لديها الكلمة الفصل حيث يبدو قيام (ائتلاف) جامايكا هو الخيار الأوحد». وقال زعيم كتلة المسيحيين الاجتماعيين الجديد الكسندر دوبرند إن على المحافظين أن يعيدوا ترتيب بيتهم قبل الحديث مع شركاء محتملين.

وكانت ميركل أعربت عن أملها بتشكيل حكومة جديدة بحلول عيد الميلاد الا أن صحيفة «دي فيلت» ذات الميول اليمينية حذرت من أن الوصول إلى طريق مسدود قد يؤدي إلى إجراء انتخابات جديدة.

ولا يتوقع كثيرون بدء المحادثات الجدية لتشكيل ائتلاف قبل اجراء انتخابات في مقاطعة ساكسونيا السفلى في 15 اكتوبر.