salem
salem
أعمدة

نوافـذ: إعادة نظر

25 سبتمبر 2017
25 سبتمبر 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

مثلت محاولة الاعتداء على الزملاء الصحفيين في الفريق التلفزيوني الأربعاء الماضي في ولاية محوت بمحافظة الوسطى، فرصة لمعالجة ما يدور في تلك البقعة من الوطن الذي أصبح لبعده وقفاره المترامية الأطراف وشواطئه الممتدة، مركز جذب لكل عامل هارب عن مؤسسته أو من كفيله في الوقت الذي تقترب جنسية واحدة فقط من 700 ألف عامل ينتشرون في مختلف أرجاء السلطنة.

هي فرصة لمعالجة ظاهرة الجرأة التي تملكها هذه الفئة من الأيدي العاملة الوافدة في التهجم على الفرق الحكومية التي تعمل في ولايات المحافظة من أطقم صحفية وفرق تفتيشية التابعة لوزارات مثل وزارة القوى العاملة ووزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة التجارة والصناعة والوزارات والمؤسسات الخدمية الأخرى التي تعمل ميدانيا وتحتك بهذه الفئة من العمالة، والتي تعرض العديد منها إلى محاولات حرق وإغراق ودهس، وهي محاولات لطمس الوسائل والطرق التي تتبعها في ممارسة أعمالها غير القانونية.

الحادثة الأخيرة التي حملت شقين الأول محاولة الأيدي العاملة الوافدة في الاعتداء بالإغراق من خلال تجمع 20 قاربا ومطاردة الفريق الصحفي، والثاني محاولة بعض المواطنين الاعتداء على ذات الفريق قبيل وصوله الشاطئ بأمتار، وهذا يعني أن الوافد يستقوي بالمواطن في الاستمرار بارتكاب المخالفة، وليس ببعيد قبيل بضع سنوات نتذكر ماذا حصل لأحد الوافدين من أباطرة صيد الأسماك عندما تم القبض عليه وكيف انهالت كمية الاتصالات مطالبة بالإفراج عنه، وكيف تم استقباله بعد الإفراج عنه استقبال الفاتحين من الأهالي في نفس المحافظة.

ماذا يعني هذا؟ يعني أن دور المؤسسات الحكومية يحتاج إلى المزيد من التكثيف والتحرك، وإلى فرض القانون وتطبيق مبدأ المساواة بين الجميع، فليس من المنطق أن يطبق على البعض، ويتم التجاوز عن آخرين ، وكذلك إلى وجود هيبة الدولة والنظام في كل مكان من عمان.

ويعني أن المواطن الذي يوكل بعض المهن كالصيد والزراعة والتجارة إلى العمالة الوافدة لا يستطيع الفصل بين المصالح الفردية التي بينه وبين ذلك العامل، وبين المصالح الوطنية التي بينه وبين الدولة ويتسبب فيها على المدى البعيد الإضرار بتلك المصالح وتفريغ الدولة من هيبتها ودورها.

قد يذهب البعض إلى أن الحادث عرضي ولا يستحق التوقف عنده وقد لا يتكرر، لكن كل الانطباعات التي رصدت في السنوات العشر الأخيرة، تشير إلى أنها مرشحة للتنامي وقد تخرج عن السيطرة عندما يصل الأمر إلى عدم قدرة مؤسسات الدولة ووسائل إعلامها العامة والخاصة من الوصول إلى المواقع وأداء دورها، وعرقلة عملها من قبل فئة من الوافدين ترى في وجودهم ما يهدد مصالحها الشخصية التي يجنون من ورائها عشرات الملايين من الريالات والتي غالبا ما تجد طريقها إلى ما وراء البحار.

لا يمكن أن تتعارض مصالح الدولة مع مصالح الفرد مطلقا، ولا بد من احتواء تلك القلة من المواطنين الذين سلموا قواربهم وتجارتهم ومزارعهم ومراعيهم وابلهم وماشيتهم وبعضهم بيوتهم للعمالة الوافدة، فالكثير من المآسي وقعت كالسرقة والاختلاس والتزوير والتدليس والاحتيال وكل الطرق غير المشروعة من أجل الوصول إلى جيب المواطن الذي سلم كل شئ اليهم.

حان الوقت لكي يتم توجيه هذه الشريحة من الناس إلى آخذ الحيطة والحذر وعدم إعطاء الثقة مهما بلغت العلاقة بين الطرفين، وإلى تعلم مبادئ المحافظة على المال العام والعيني والانخراط في ممارسة المهنة وعدم النظر إلى المبالغ الزهيدة التي يدفعها الوافد له نهاية كل شهر، فهو باستطاعته أن يأتي بأفضل منها، لأنها لا تسمن ولا تغني في مقابل استغلاله لموارد البلد البحرية والبرية والزراعية والتجارية والاستثمارية، وأن لا يكون عونا لهم في مواجهة أبناء بلده، هذا الأمر يحتاج إلى وقفه تصوب المسار.