العرب والعالم

المفاوض البريطاني ينفي استعداد لندن لدفع الكلفة المادية للخروج من الأوروبي

24 سبتمبر 2017
24 سبتمبر 2017

حزب العمال يعقد مؤتمره السنوي ويطمح للعودة للحكم -

لندن - برايتون (المملكة المتحدة) - (أ ف ب): نفى المفاوض البريطاني في ملف بريكست ديفيد ديفيس أمس تقريرا أشار إلى استعداد لندن دفع فاتورة قدرها 40 مليار جنيه استرليني (54 مليار دولار) كلفة خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وكانت صحيفة «ذي تايمز» نسبت معلوماتها التي وردت في تقرير أمس الأول إلى «مصدر في بروكسل»، لكن ديفيس قال لقناة «بي بي سي» التلفزيونية «لقد اخترعوا ذلك نوعا ما».

وقال «لن اعطي رقما على الهواء، سيكون القيام بذلك أمرا سخيفا، ولكن لدينا فكرة جيدة حول وجهتنا» في هذه المسألة. ووصف دعوات الاتحاد الأوروبي لبريطانيا للمساهمة في ميزانية معاشات التقاعد في التكتل بأنها مسألة «قابلة للنقاش على أقل تقدير».

والجمعة، كشفت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي عن خطط المرحلة الانتقالية التي ستستمر عامين بعد خروج لندن رسميا من التكتل عام 2019، وهي فترة ستظل بريطانيا خلالها خاضعة بشكل كبير لقوانين الاتحاد الأوروبي الحالية. وأكد ديفيس أن بريطانيا لن تقبل «تحت أي ظرف» القبول بهيمنة محكمة العدل الأوروبية بعد الفترة الانتقالية، وهي قضية تعد جوهرية بالنسبة للمدافعين المتشددين عن بريكست. وفي هذا السياق، رجح أن يتم التوصل إلى نظام مشترك للمحاكم البريطانية وتلك التابعة للاتحاد الأوروبي لحل النزاعات. وتواجه حكومة ماي انقسامات بشأن مسائل عدة مرتبطة ببريكست، لعل أبرزها الشروط التي ترغب بها بريطانيا للحصول على منفذ إلى السوق الأوروبية الموحدة بعد خروجها من التكتل.

ويحاول الفريق المؤيد للاتحاد الأوروبي في الحكومة، بقيادة وزير المالية فيليب هاموند، الاحتفاظ بعلاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي، فيما يمارس وزير الخارجية المؤيد لبريكست بوريس جونسون قطيعة كاملة.

وارتفع مستوى التوتر الأسبوع الماضي مع مقالة لجونسون تشرح رؤيته للخروج من الاتحاد الأوروبي فيما ذكر العدد الأخير من صحيفة «صنداي تلغراف» أنه قدم مطالب إضافية. وقال جونسون إن على بريطانيا عدم تبني أي قواعد أوروبية جديدة توضع خلال الفترة الانتقالية كما أعرب عن رغبته في أن تكون لندن قادرة على توقيع اتفاقيات تجارية مع دول خارج الاتحاد الأوروبي خلال تلك المدة، حسب الصحيفة.

من جهته، نفى ديفيس أن تكون مقالة جونسون غيَّرت مضمون خطاب ماي، قائلا «لا أعتقد أنه طرأ أي تغيير على سياسة (بريطانيا) خلال الأسابيع الأخيرة». وسيتوجه ديفيس إلى بروكسل اليوم لإعادة إطلاق مفاوضات بريكست مع الاتحاد الأوروبي. برلمانيا افتتح حزب العمال البريطاني أمس مؤتمره السنوي متشجعا بنتائجه الجيدة في الانتخابات التشريعية المبكرة بفضل برنامج مناهض للتقشف يعول زعيمه جيريمي كوربن على الاستمرار في التركيز عليه بهدف العودة الى الحكم.

وكان حزب العمال احدث مفاجأة في انتخابات يونيو 2017 بحصوله على 30 مقعدا اضافيا في مواجهة حزب المحافظين ما شكل تأييدا واضحا للإجراءات اليسارية التي دافع عنها كوربن وذلك بعد عام من انتخابه المثير للجدل على راس الحزب. وقال كوربن في مقابلة مع صحيفة الجارديان الجمعة «هذه الانتخابات غيرت السياسة في بلادي» مضيفا ان «قوة الحزب» ستكون المحور المركزي للمؤتمر الذي ينظم في منتجع برايتن جنوب انجلترا ويستمر أربعة ايام.

وشدد أمس في تصريحات لبي بي سي ان حزب العمال «اقوى من اي وقت مضى» في حين ان الحكومة المحافظة «تتراجع».

وبحسب استطلاع لمعهد «يوغوف» في منتصف سبتمبر الجاري فان حزب العمال بات يتفوق على حزب المحافظين بزعامة تيريزا ماي في نوايا التصويت ب 42 بالمئة مقابل 41 بالمئة.

وهي نتيجة لم يكن احد ليتوقعها قبل عام حين كانت سلطة كوربن المناهض للفكرة الأوروبية موضع احتجاج من قسم مهم من كوادر حزب العمال ونوابه.

وكان هؤلاء يرون حينها ان زعيمهم الذي رسخ سلطته حاليا، ليس قادرا على قيادتهم الى العودة للحكم ويأخذون عليه قلة حماسه في الدفاع عن بقاء المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي أثناء حملة استفتاء يونيو 2016.

وبعد عام من ذلك لم يوضح حزب العمال رؤيته بشأن بريكست الملف الحارق الذي سيكون في صلب نقاشات المؤتمر حتى وان كان الحزب تعهد بان يبقي في حال توليه السلطة المملكة في السوق الأوروبية المشتركة خلال فترة انتقالية.

وردا على سؤال هل ستبقى المملكة المتحدة عضوا في السوق المشتركة بعد المرحلة الانتقالية؟ قال كوربن في بداية سبتمبر لبي بي سي «الأمر مفتوح للنقاش».

وفي رسالة مفتوحة نشرتها اوبزيرفر أمس دعا 30 رئيس بلدية ونائبا أوروبيا من حزب العمال، الحزب الى الالتزام الواضح بابقاء المملكة المتحدة في السوق المشتركة والاتحاد الجمركي الأوروبي.

لكن زعيمهم يبدو ممزقا بين ضرورة أخذ هذا الموقف في الاعتبار وضرورة احترام إرادة ملايين الأشخاص الذين صوتوا في معاقل العماليين للخروج من الاتحاد الأوروبي.

وقال كوربن لبي بي سي انه يريد «ضمان الدخول بلا رسوم جمركية للسوق الأوروبية» مضيفا في الآن ذاته انه يتعين «دراسة بنود كل علاقة تجارية بعناية» لان السوق المشتركة تنطوي بذاتها على «قيود» خصوصا في مجال مساعدة الدولة. وقال «اعتقد انه علينا ان نكون حذرين بشأن السلطات التي سنكون بحاجة كحكومة وطنية».

وكان كوربن (68 عاما) النقابي السابق تجاوز هذه المعضلة أثناء حملة الانتخابات التشريعية بتركيز حملته على القضايا الداخلية والاجتماعية للمملكة المتحدة، وهو تكتيك حقق نتيجة جيدة وينوي الاستمرار فيه.

وقال اثناء اجتماع أمس الأول عشية المؤتمر ان المحافظين «حزب أغنياء في خدمة الأثرياء».

وحتى مجلة «ايكونوميست» البريطانية التي تحظى بنفوذ، أقرت بنجاح كوربن ولا تستبعد إمكانية ان يصل ذات يوم الى الحكم في مواجهة يمين بات في وضع هش منذ أن فقد غالبيته المطلقة في البرلمان.

ووضعت عنوانا لمقال خصصته لكوربن الذي غالبا ما تنتقده انه «الأقرب لان يكون رئيس وزراء بريطانيا المقبل».

واكد كوربن للجارديان «نحن مستعدون للانتخابات».

وكان دعا مرارا تيريزا ماي للاستقالة وتنظيم انتخابات جديدة.

والانتخابات التشريعية القادمة مقررة في 2022.

في الأثناء، عزز كوربن سلطته في حزب العمال من خلال دفعه اللجنة التنفيذية الوطنية لإقرار إجراء يمنح المزيد للقاعدة والنقابات المؤيدة له في هذه اللجنة القيادية.