1115406
1115406
الاقتصادية

تقرير يتهم الشركات الماليزية والسنغافورية بعدم الشفافية في استخدام زيت النخيل

22 سبتمبر 2017
22 سبتمبر 2017

سنغافورة ـــ (د ب أ) :ذكر تقرير صادر عن الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية أن نحو ثلثي الشركات الموجودة في سنغافورة وماليزيا والتي تستخدم زيت النخيل في نشاطها الاقتصادي رفضت الكشف عن مصادر حصولها على الزيت.

أجرى الصندوق مسحا شمل 47 شركة تستخدم زيت النخيل منها 27 شركة في سنغافورة و20 شركة في ماليزيا. وقد ردت 16 شركة فقط على أسئلة الصندوق بشأن مصادر الحصول على زيت النخيل، في حين رفضت 31 شركة الرد.

وبحسب التقرير فإن «الشركات التي لم ترد لا يعرف عنها تبني سياسات الاستدامة العامة فيما يتعلق بزيت النخيل».

وقال نصف الشركات التي ردت على الأسئلة إنها تبنت ممارسات تضمن استدامة الموارد، أو في طريقها نحو ذلك. أما النصف الثاني فلا ينظر إليها على أنها تحقق تقدما في هذا المجال.

من ناحيته قال «إلاين تان» الرئيس التنفيذي للصندوق العالمي للحياة البرية في سنغافورة «نسعى إلى تحقيق الشفافية فيما يتعلق بمصادر زيت النخيل» مضيفا أن الهدف هو التأكد من أن 100% من كميات زيت النخيل المتداولة موثقة ومسجلة. يذكر أن صناعة زيت النخيل من أهم محركات النمو الاقتصادي في جنوب شرق آسيا، حيث تمثل حوالي 38% إجمالي الزيوت النباتية التي يتم تداولها على مستوى العالم، بحسب بيانات وزارة الزراعة الأمريكية.

وبحسب بيانات منظمة «شبكة عمل الغابات المطيرة» المعنية بالبيئة فإن 85% من نخيل الزيت ينمو في غابات إندونيسيا وماليزيا وغينيا الجديدة.

في الوقت نفسه ذكر تقرير الصندوق العالمي لحماية الحياة البرية أن زيادة الطلب العالمي على زيت النخيل أدى إلى انتشار الممارسات الزراعية غير المستدامة وإزالة مساحات واسعة من الغابات المطيرة من أجل الزراعة والحرائق المسببة للتلوث وفقدان التنوع الأحيائي.

المادة الخام المثيرة للجدل

■ وتقول الإخبارية الألمانية « دويتشة فيلا» إن هناك عاملا مشتركا واحدا بين البيتزا والوقود الحيوي، إنه زيت النخيل الذي يدخل في العديد من المنتجات، لذا فالطلب عليه مرتفع. لكن زراعة نخيل الزيت تتم في كثير من الأحيان بعد قطع الغابات المطيرة، ما يؤثر سلبا على المناخ والبشر.فمساحات شاسعة من الغابات المطيرة تتعرض للتدمير بسبب التوسع في زراعة نخيل الزيت.

في إحدى المزارع التي تعرف في كولومبيا بـ«هاسيندا»، والتي تقع في لاس بافاس على بعد حوالي 300 كيلومتر شمال العاصمة بوغوتا، قامت الشرطة في عام 2009 بهدم الأكواخ وإخلاء السكان. هذه الصور وصلت إلى ألمانيا عبر التقارير الإعلامية، صور السكان الذين يفوق عددهم 500 شخص الذين لجأوا إلى القرية المجاورة، بعد أن كانوا يزرعون بالقرب من منطقة سكناهم محصولي الكاكاو واليوكا.

تنمو ثمار نخيل الزيت في المناخ الاستوائي الحار .لكن تاريخ منطقة لاس بافاس معقد، فالفلاحون الذين عاشوا هناك على مدى عقود وامتهنوا الزراعة، قاموا برفع دعوى بهدف الحصول على ملكية الأراضي التي يزرعونها. وبعد مضي وقت قصير على رفع الدعوى، اشترت شركة دابون لكولومبية أرضا بمساحة 1100 هكتار في تلك المنطقة، بهدف زراعة نخيل الزيت عليها. وكان هذا فاتحة لنشوب نزاع قانوني طويل. ويقول فيليبي غيريرو المسؤول عن الزراعة المستدامة في مجموعة دابون ، إن شركته لم تفعل شيئا خاطئا. ويضيف: «إننا نعرف أن لدينا مسؤولية كبيرة تجاه السكان المحليين، وهدفنا هو التعاون مع الناس».

ــــ اهتمام دولي: ولفت الوضع القائم في لاس بافاس انتباه المجتمع الدولي والمشترين الأوروبيين من شركة دابون على حد سواء. وأقدمت شركة مستحضرات التجميل البريطانية الشهيرة The Body Shop بقطع علاقاتها التجارية مع شركة دابون، وباعت الأرض في عام 2011.

أما سلسلة محلات الغذاء الصحي Alnatura الألمانية، فأرسلت خصيصا خبيرا من خبرائها إلى كولومبيا. وكما يرى الخبير الزراعي كارل مولر سيمان، فإن الأخطاء التي ارتكبتها السلطات الكولومبية هي السبب في هذا الصراع، حيث كتب الخبير الزراعي في تقريره، أن الحل النهائي «موجود حصرا في الإطار القانوني».

«الفائدة قليلة بالنسبة للسكان المحليين»

وتضاعف إنتاج زيت النخيل عالميا خلال الأعوام الـ 15 الماضية. وتعتبر لاس بافاس مجرد واحدة من أمثلة عديدة على النزاعات بين شركات زيت النخيل والمجتمعات المحلية. وتأتي في هذا السياق أيضا منطقة شمال سومطرة الإندونيسية، والتي قامت منظمة الإغاثة الألمانية «خبز من أجل العالم» بإعداد دراسة حديثة عن الوضع هناك.

وكما تقول كارين نويماير التي تعمل في المنظمة الألمانية: «إن السكان المحليين لا يعرفون حقوقهم في الغالب. وينبغي توعية السكان بخطط شركات زيت النخيل، وإشراكهم في عملية اتخاذ القرار، وذلك وفقا للمبدأ القائم على الموافقة الحرة والمسبقة والواعية». لكن المزارعين يجدون أنفسهم في نهاية المطاف، مضطرين غالبا للعمل بشروط سيئة في هذه المزارع الجديدة. وتضيف نويماير «إنهم غالبا ما يحصلون على أقل من الحد الأدنى للأجور وشروط العمل لا تتضمن التأمين الصحي. ولا تعود زيادة الطلب العالمي على زيت النخيل، بفائدة تذكر على السكان المحليين في المنطقة».

■ زيت النخيل رخيص ومتعدد الاستخدامات:وبفضل الطلب المتزايد توسعت الشركات المصنعة لزيت النخيل كشركة سينار ماس الإندونيسية، أو شركة فيلمار السنغافورية التي تعتبر أكبر الشركات العاملة في هذا المجال. وفي عام 2010، بلغت كمية زيت النخيل المنتجة على نطاق العالم 50 مليون طن، أي أن حجم الإنتاج تضاعف خلال 15 عاما. وتعد إندونيسيا وماليزيا أهم الدول المنتجة، وهما تنتجان مجتمعتين 90 في المائة من الإنتاج العالمي لزيت النخيل.

بفضل زيت النخيل من المتوقع زيادة حصة الوقود الحيوي في الاتحاد الأوروبي

وبالمقارنة مع الزيوت النباتية الأخرى، يعتبر زيت النخيل أرخص ثمنا واستخدامه بالتالي هو الأوسع انتشارا. ولزيت النخيل أيضا استخدامات متعددة، ونجده يدخل في تصنيع نصف المنتجات التي تنتجها الأسواق الأوروبية. ويستخدم حوالي خمسة في المائة فقط من الإنتاج العالمي لإنتاج الوقود الحيوي، لكن من المنتظر أن ترتفع هذه النسبة، فبحلول عام 2020 ، يسعى الاتحاد الأوروبي لتغطية 10 في المائة من استهلاك الوقود عبر الوقود الحيوي المصنع من المحاصيل الغذائية المختلفة ومن ضمنها زيت النخيل أيضا.

ـــــ مشكلة تهدد صحة المناخ: لكن ارتفاع الطلب على زيت النخيل يمثل مشكلة بالنسبة للطبيعة في الدول المنتجة، إذ تتعرض مساحات واسعة من الغابات المطيرة للتدمير من أجل إنشاء مزارع جديدة لزراعة نخيل الزيت. وفي اندونيسيا وحدها تم في السنوات العشرين الماضية، إزالة 4.2 مليون هكتار من الغابات المطيرة، وأنشئت في مكانها مزارع زيت النخيل، وللمقارنة فإن هذه المساحة تعادل مساحة دولة صغيرة في الاتحاد الأوروبي، كالدنمارك مثلا.

يدخل زيت النخيل في تصنيع نصف المنتجات الموجودة في السوبر ماركت وتستهلك أشجار نخيل الزيت الكثير من المياه، الأمر الذي يتسبب في جفاف التربة، كما أن المبيدات الحشرية والأسمدة تتسبب بدورها في تلوث المياه الجوفية والأنهار. ويحذر كلاوس شينك من منظمة «Rettet den Regenwald» غير الحكومية ويعني اسمها «انقذوا الغابات المطيرة»، من أن التوسع في مزارع نخيل الزيت، «سيدمر النظم البيئية في المناطق المنتجة، وستقضي على التنوع البيولوجي فيها».

وسيتأثر المناخ بدوره سلبا، وذلك لأن الغابات تخزن كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون، وتعرض الأشجار للقطع يعني بالضرورة ارتفاع نسبة الانبعاثات، هذا بالإضافة إلى أن 20 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة عالميا، ناجمة عن قطاع صناعة زيت النخيل.

البدائل متاحة

لكن دابون تتجه الآن بشكل جزئي إلى زراعة زيت النخيل بأساليب صديقة للبيئة، ففي المزارع بالقرب من سانتا مارتا، لا يمارس القطع الجائر للأشجار ولا تستخدم مبيدات، كما أن النظام الزراعي المتبع لا يقوم على زراعة محصول واحد. ومن الممكن أيضا الاستعاضة عن زيت النخيل بالزيوت النباتية الأخرى. وكما يرى كلاوس شينك فمن الواضح أن :«زيت النخيل ليس زيتا لا يمكن الاستغناء عنه، كما يقال في كثير من الأحيان، على سبيل المثال، يعتبر زيت عباد الشمس أو زيت الكانولا بديلا جيدا، وبالفعل تعمل ألمانيا على زراعة هذين المحصولين البديلين. وكذلك المستهلك يتحمل قسما من المسؤولية في التأثير على حجم وكمية وطرق زراعة نخيل الزيت».