1115230
1115230
المنوعات

القرنة في الأقصر.. أغنى جبل أثري في العالم

22 سبتمبر 2017
22 سبتمبر 2017

الأقصر «د.ب.أ»: - يصفه علماء المصريات، بأنه أغنى جبل أثري في العالم، لاحتوائه على مئات المقابر الفرعونية، و11 معبدا مصريا قديما، فيما لا يزال باطنه، يحتوى على قرابة 850 مقبرة، تنتظر كشف الغبار عنها، والوصول لمحتوياتها من آثار ونقوش ورسوم مضى عليها قرابة خمسة آلاف عام.

إنه جبل القرنة الأثري، الممتد لأكثر من خمسة كيلو مترات، في البر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية، الغنية بكنوز الفراعنة، في صعيد مصر، ويضم الجبل معبد دير شلويط، المكرس لعبادة الآلهة إيزيس، وقصر امنحتب المعروف باسم «الملقطة» ومعبد هابو «بيت ملايين السنين»، ومقصورة الرب تحوتى، ومعبد الملك امنحتب الثالث، و معبد الملك مرن بتاح، والرامسيوم، الذي شيده الملك رمسيس الثاني، ومعبد الملك تحتمس الرابع، والدير البحري الذي شيدته الملكة حتشبسوت، ومعبد الملك سيتي الأول، ومعبد الملك منتو حتب نب حبت رع. كما يضم مقابر وادي الملوك، ومقابر وادي الملكات، ومقابر دير المدينة، ومقابر الأشراف، ومقابر العساسيف، ومقابر ذراع ابوالنجا، ومقابر قرنة مرعي، ومقابر باب الحجر بالطارف، وهي المناطق التي تضم بين جنباتها مئات المقابر الأثرية.

تهجير السكان: ظل جبل القرنة، لقرون عدة، يحتفظ بالكثير من أسراره، حتى العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، حيث تم تنفيذ مشروع ظل مؤجلا لعقود طوال، وهو مشروع تهجير 3200 أسرة كانت تقيم فوق مئات المقابر الفرعونية، في حضن جبل القرنة، على يد محافظ الأقصر السابق، الدكتور سمير فرج، والذي نجح في إقناع الأهالي بالرحيل والسكن في مدينة جديدة، أقيمت لهم، وحملت اسم القرنة الجديدة، ليبدأ الأثريون في الكشف عما في باطن الجبل التاريخي من كنوز ومقابر تركها ملوك وملكات ونبلاء مصر القديمة.

وكان سكان جبل القرنة، يسكنون في أربعة نجوع ببطان الجبل وأعلاه، وهى نجوع الحروبات والعطيات والغابات والحساسنة، ويقول مؤرخون بأن سكان تلك النجوع، لجأوا للسكن بباطن الجبل، في العام 1850، هربا من بطش الفرنسيين، إبان الحملة الفرنسية على مصر.

سور لحماية مقابر الجبل: وما إن نزح السكان إلى منازلهم الجديدة، حتى سارعت وزارة الآثار المصرية إلى الاستعانة ببعثة أمريكية، يترأسها عالم المصريات، الدكتور جون شير.

ويتضمن المشروع المصري الأمريكي بحسب مسؤولين بآثار الأقصر رفع مخلفات الأبنية والمنازل، التي أزيلت من فوق تلك المقابر، والكشف عن مداخل المقابر الفرعونية، التي شيدها نبلاء الفراعنة، بمناطق راع أبوالنجا والعساسيف، وقرنة مرعي، ووضع خريطة لها، لتيسير أعمال الكشف عنها.

وشرعت بعثة أثرية من جامعة لاجون الإسبانية، بتنفيذ أعمال الكشف والتنقيب والترميم لثلاث مقابر فرعونية، بمنطقة العساسيف الغنية بمقابر نبلاء الفراعنة، والتي تحتوى على مجموعة كبيرة من مقابر الأفراد والوزراء وكتاب الدولة، وكبار الكهنة، ورجال البلاط الملكي، وتوثق مقابر المنطقة لفنون وعلوم مصر القديمة، وتسجل طقوس الحياة اليومية لقدماء المصريين. كما جرى بناء سور بطول عدة كيلو مترات، لحماية المنطقة من التعديات، وتوصلت بعثات أثرية وفدت من بلدان أوروبية عدة، إلى الكثير من المقابر الفرعونية بالجبل. وخضع جبل القرنة، خلال العقد الماضي، لمشروع ضخم لإنارة معالمه التاريخية، وتكلف المشروع عشرات الملايين من الجنيهات.

وصار جبل القرنة، مكانا لنمط متفرد من السياحة، وهو ما يسمى اليوم بسياحة البالون، حيث يشهد الجبل قبل بزوغ شمس كل يوم، إقلاع عدد من المناطيد، التي تعرف باسم البالون الطائر، والذي ينطلق وعلى متنه عشرات السياح، في رحلة فوق معالم الجبل، وما يحويه من مقابر ومعابد فرعونية، وهو نمط سياحي يشهد إقبالا متزايدا من زوار مدينة الأقصر، من سياح العالم، وباتت أسعار صعوده تتزايد بشكل مستمر، وتضاعف سعر الرحلة خلال العام الجاري لخمس مرات متتالية.

خبيئات أثرية كبرى: ويشهد جبل القرنة، في غرب مدينة الأقصر، الكثير من الاكتشافات الأثرية في كل عام، وكانت منطقة ذراع ابوالنجا الأثرية، الواقعة في شمال الجبل، عند المدخل المؤدى لقرابة 61 مقبرة لملوك الفراعنة، فيما يسمى بوادي الملوك، صاحبة أكبر كشفين أثريين، على يد بعثة أثرية مصرية، برئاسة عالم المصريات، الدكتور مصطفى وزيرى، حيث توصلت البعثة إلى مقبرة «أو سرحات» قاضي طيبة في الأسرة الثامنة عشرة، وحوت المقبرة على خبيئة مكونة من مئات التماثيل وعشرات التوابيت والمومياوات الفرعونية. كما عثرت البعثة مؤخرا، على مقبرة لأحد كبار صناع المجوهرات، وعثر بمقبرته على تماثيل وتوابيت ومومياوات فرعونية، وأختام جنائزية، قد تقود الآثاريين إلى التوصل لعدد أربع مقابر لم يكشف عنها بالمنطقة. وذَكّرت خبيئة مقبرة أوسر حات، بالخبيئة الضخمة، التي عثر عليها في منطقة الدير البحري، في جبل القرنة، وهو الكشف الذي جرى على يد أفراد من عائلة عبدالرسول، إحدى اشهر العائلات المصرية التي عملت في مجال الكشف عن الآثار، إذ حوت الخبيئة المعروفة باسم خبيئة الأقصر، أو خبيئة عبدالرسول، على مومياوات وتوابيت لأكثر من خمسين شخصية فرعونية عالية المقام ما بين ملوك وملكات وأمراء ونبلاء من أسرات مختلفة تناوبت على حكم مصر.

معالم أثرية شهيرة: ويحتوى جبل القرنة، على مجموعة من المعالم الأثرية الفرعونية الشهيرة، التي كانت وماتزال تجذب أنظار العالم، مثل مقبرة الفرعون الذهبي، الملك توت عنخ أمون، والتي اكتشفت بمنطقة وادي الملوك، على يد المستكشف البريطاني، هوارد كارتر، في الرابع من شهر نوفمبر من عام 1922، وهو اليوم الذي اتخذته مدينة الأقصر يوما وطنيا لها.

وهناك مقبرة جميلة الجميلات، الملكة نفرتاري، زوجة الملك رمسيس الثاني، المنحوتة في منطقة وادي الملكات، والتي اكتشفها المستكشف الإيطالي، جيوفاني باتيستا بيلزوني الملقب ببلزونى العظيم، وتعد المقبرة من أجمل المقابر الفرعونية في المنطقة، وذلك لاحتوائها على نقوش ورسوم ذات ألوان زاهية حتى اليوم، برغم إقامتها قبيل آلاف السنين. وهناك معبد الملكة حتشبسوت، المعروف باسم معبد الدير البحري، والذي نحت في باطن الجبل، ويعد أكثر المعابد دقة في هندسته المعمارية، وقد خطط لإقامته، وأشرف على بنائه المهندس الفرعوني الشهير «سننموت»، والذي يروى بأنه ارتبط بعلاقة حب مع الملكة حتشبسوت.