1112051
1112051
الرئيسية

إحلال 10% يوفر 150 ألف وظيفة ولكن القطاع الخاص له اشتراطاته!

18 سبتمبر 2017
18 سبتمبر 2017

50 ألف باحث عن عمل ينتظرون التوظيف -

كتبت- شمسة الريامية -

تشير أحدث بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن عدد الباحثين عن عمل النشطين تجاوز بنهاية يوليو الماضي 50 ألف باحث، من بينهم 28 ألفا يحملون مؤهلات بين الدبلوم الجامعي والشهادة الجامعية .. كما أن قرابة 37 ألفا منهم بين سن 18 إلى 29 عاما.

أرقام الباحثين عن عمل تتزايد بشكل سنوي مع كل دفعة جديدة من الكليات والجامعات والمدارس، ولكنها زيادة يقابلها بطء في استيعاب هؤلاء الشباب من قبل القطاع الخاص الذي يعتبر مستقبل التوظيف بعد أن تشبعت الحكومة وأصبحت حاجتها تتركز في بعض التخصصات.

وإذا كانت عملية الإحلال هي السبيل لتوفير الوظائف للشباب العمانيين فإن القطاع الخاص استقطب عددا كبيرا من القوى العاملة الوافدة تجاوز بنهاية يوليو 1.5 مليون عامل حسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات: منهم 140 بشهادات بين الدبلوم والجامعة .. إذن ما الأسباب التي تجعل القطاع الخاص يتجه إلى القوى العاملة الوافدة رغم تكلفتها التي ربما تتجاوز تكلفة القوى العاملة الوطنية؟ كيف يمكن إحلال مواطن بدل وافد مع تزايد الحاجة وقناعة الشاب وخصوصا الجامعي بالعمل في القطاع الخاص إذا ما وجد راتبا وبيئة عمل مناسبة .. ألا يمكن للشركات أن تثق في قدرات المواطن العماني بعد تدريبه؟ أسئلة كثيرة تثيرها الزيادة المطردة في أعداد الباحثين عن عمل..

خبراء اقتصاديون ومسؤولون بالقطاع الخاص التقى بهم (عمان الاقتصادي) أشاروا إلى أن محدودية المشاريع الحالية سبب رئيسي وراء المشكلة، حيث لا توجد مشاريع ضخمة في مجالات كالتعدين والبتروكيماويات يُمكن أن توفر فرص عمل بشكل أكبر ، مؤكدين على ضرورة جذب الاستثمارات الأجنبية، وتسهيل الإجراءات لذلك، وفي المقابل طالبوا الشباب بتطوير مهاراتهم بما يتناسب والتطورات الحالية.

توظيف نوعي

يقول صالح بن محمد الشنفري رئيس لجنة الأمن الغذائي بغرفة تجارة وصناعة عمان: «إن القطاع الخاص في الفترة المقبلة سيكون تركيزه على التوظيف النوعي وليس الكمي، حيث سيتجه إلى توظيف الشباب العمانيين الذين يملكون الكفاءات والخبرات المختلفة في المناصب القيادية، الأمر الذي يفتح المجال لتوظيف أقرانهم من الشباب في وظائف مختلفة. ويؤكد هنا أنه لابد من تضافر الجهود بين القطاعين الحكومي والخاص لتدريب الشباب العمانيين على المهارات المتعددة التي يحتاجها القطاع الخاص لتحل محل القوى العاملة الوافدة، فضلا عن خلق حوافز للشركات لتوظيف الشباب العمانيين من خلال مجموعة من السياسات والإجراءات كالاحتفاء بالتعمين على سبيل المثال لا للحصر».

ويشير الشنفري إلى أن التحدي الرئيسي الذي يواجه القطاع الخاص في عملية التوظيف هو قلة المشاريع الموجودة حاليا، ولذلك ينبغي إطلاق المزيد من المشاريع العملاقة في مجال التعدين والبتروكيماويات والنفط، وذلك بالتعاون مع الصناديق الاستثمارية، الأمر الذي من شأنه أن يسهم في رفد الاقتصاد الوطني، وجذب الاستثمارات الأجنبية إلى السلطنة، وبالتالي توظيف الشباب الباحثين عن عمل.

ويطالب الشنفري بضرورة توجيه الشباب نحو التوظيف الذاتي، بإقامة مشاريعهم الخاصة، وتوفير الدعم المالي لهم، وأن تقوم البنوك التجارية بدورها في هذا الجانب، وإلزامهم بإنشاء صناديق تمويلية تستهدف تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة ذات الطابع الابتكاري، بحيث تكون سياسة تلك الصناديق مغايرة تماما للعمليات التمويلية التقليدية الأخرى.

أهمية التدريب

ويرى أحمد بن سعيد كشوب رئيس قطاع الاستثمار في الأسواق المالية بالشركة العمانية لتنمية الاستثمارات الوطنية «تنمية»: إن القطاع الخاص لا يستطيع توفير فرص عمل جيدة للمواطنين، لأن أغلب الشركات الموجودة تحت مظلة هذا القطاع من الدرجة الرابعة والخامسة، وعدد بسيط جدا من الشركات ذات الدرجة الأولى، والممتازة، وهذه هي الوحيدة القادرة على توفير فرص جيدة؛ ولذلك من الضروري جدا أن يتم استقطاب الاستثمار الأجنبي في السلطنة من خلال مجموعة من التسهيلات في هذا المجال.

وقال كشوب: «بالرغم من الإجراءات التي اتخذها القطاع الخاص في الفترة الماضية، ليتساوى موظف القطاع الخاص مع الموظفين العاملين في القطاع الحكومي كنظام الإجازات على سبيل المثال، إلا أن هناك بعض الحوافز التي من المهم أن يسعى القطاع الخاص إلى تطبيقها ليستقطب العمانيين للعمل معه مثل نظام التقاعد، ونظام التأمين الصحي». مشيرا إلى أن أغلب الوظائف التي يعمل فيها الوافدون في القطاع الخاص لا يحبذ العمانيون العمل فيها كأعمال التشييد والبناء على سبيل المثال، وأما في الأعمال الهندسية فقد تتردد الشركات في توظيف العمانيين لعدم امتلاكهم الخبرة والمهارات الكافية للعمل في هذا المجال؛ ولذلك من الأهمية أن تقوم الجهات المختصة بتدريب مخرجات التعليم العالي بما يتلاءم مع احتياجات القطاع الخاص، أي يتم تدريبهم أولا ثم توظيفهم بما يتوافق مع خبراتهم، بحيث يتم إلغاء ما يُعرف بالتدريب المقرون بالعمل.

واقترح كشوب إعادة هيكلة قطاع تمويل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بحيث تكون جهة واحدة هي من تقدم التمويل المالي لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة، مطالبا بتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة، والثقة الكاملة، لصناعة رائد أعمال قادر على الاكتفاء الذاتي، وتوفير فرص عمل لغيره من الشباب. موضحا أن الأموال أو الدخل الشهري الذي يحصل عليه المواطن من عمله في القطاع الخاص أو من مشروعه الخاص يتم تدويرها في داخل السلطنة من خلال استهلاكه، الأمر الذي سيخلق قيمة مضافة في الاقتصاد الوطني.

استقطاب الاستثمارات

أما الدكتور إبراهيم بن باقر العجمي رئيس لجنة التطوير العقاري بغرفة تجارة وصناعة عمان فيؤكد أن القطاع الخاص لابد أن يقوم بدوره في عملية التوظيف في المرحلة الحالية؛ لأن القطاع الحكومي لا يمكن أن يقوم بهذا الدور بمفرده، مشيرا إلى أن الشركات من الدرجات الأولى هي القادرة على استيعاب أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل، وهذه الشركات محدودة أو عددها بسيط جدا بالسلطنة؛ ولذلك من الضروري استقطاب الاستثمارات الأجنبية في مجال السياحة والصناعات الثقيلة، إذ إن السلطنة يتوفر بها العديد من المناطق الصناعية خاصة منطقة الدقم الاقتصادية، ولكن من الضروري توحيد الجهود، وتسهيل الإجراءات لجذب كافة الاستثمارات سواء من الداخل والخارج، الأمر الذي من شأنه أن يوفر فرص عمل مستدامة للعمانيين بدلا من العمل بعقود.

ويشير العجمي إلى أن من بين الأسباب التي تحد القطاع الخاص من عملية توظيف العمانيين هو عدم رغبتهم في تطوير مهاراتهم وقدراتهم؛ ولذلك من الضروري أن يسعى الباحث عن العمل إلى تطوير مهاراته المختلفة بشكل مستمر بما يتناسب و متطلبات العمل الحالية.

الإحلال الوظيفي

ويوضح أيمن بن أحمد الشنفري مدير عام الجمعية العمانية للأوراق المالية أنه يمكن مرحليا أن يُفرض الإحلال الوظيفي على الشركات، أي يتم توظيف العمانيين مكان الوافدين، بحيث يتضمن الإحلال في كل مستويات الوظائف ابتداء من التنفيذية الوسطى إلى العليا، وللحفاظ على الجودة أو للحصول على الخبرة يمكن تعيين العمالة الأجنبية في الوظائف الاستشارية فقط. ففي السلطنة يوجد مليون وتسعمائة عامل وافد، ولو قمنا بعملية إحلال لمن هم في القطاع الخاص والبالغ عددهم 1٫5 مليون عامل بعمالة وطنية عمانية بنسبة 10% فقط، لاستطعنا تعيين مائة وخمسين ألف مواطن عماني، بشرط أن يكون ذلك في كل مستويات الهرم الوظيفي.

ويشير الشنفري أيضا إلى أن القطاع الخاص يعتمد بشكل كبير على مصروفات الحكومة التي هي بدورها تعتمد على الإيرادات النفطية، ولذلك يجب النظر في تطوير القطاعات الاقتصادية الأخرى التي لا تعتمد بشكل مباشر على العائدات النفطية، إضافة إلى استقطاب استثمارات جديدة تفي بحاجة التوظيف المحلي، داعيا إلى الابتعاد عن البيروقراطية وتسهيل الإجراءات، وتفعيل دور الصناديق الاستثمارية الحكومية والخاصة والجهات الممولة للمساهمة في إقامة مشاريع عديدة، وبالتالي توفير فرص للمواطنين.

ويضيف أن الشاب العماني الباحث عن العمل قد ينفر من العمل في القطاع الخاص بسبب تباين المميزات وخاصة الرواتب بين القطاع العام والقطاع الخاص؛ ولذلك يجب أن يعالج هذا الجانب بشكل جدي وعلمي مدروس من خلال إعادة النظر في الرواتب في مختلف مستويات الهرم الوظيفي في المؤسسات بالقطاع الخاص وخصوصا كبريات الشركات.