khaseeb
khaseeb
أعمدة

نبض المجتمع : أغان كورية

13 سبتمبر 2017
13 سبتمبر 2017

خصيب عبدالله القريني -

تتمثل أبرز مثالب التكنولوجيا خاصة تلك المتعلقة بالسوشل ميديا في تأثيرها السلبي على أفكار وقيم الناشئة، بما تروجه وفق خطط مدروسة ومحددة لزعزعة القيم الإيجابية للمجتمعات بغية تحقيق مآرب اقتصادية وفكرية وثقافية تسيطر من خلالها على شخصياتهم وتتحكم فيها، فما يتم الترويج له من خلال البرمجيات المختلفة سواء في الهاتف او التلفاز وغيرها من الوسائط ، وما يتم غرسه باستخدام أساليب الإبهار والإقناع هو في النهاية الوسيلة الفكرية والثقافية للسيطرة الاقتصادية، حيث يبدأ الشباب باقتناء كل ما يمت بصلة لتلك الأفكار والممارسات التي تعرض لها عبر مختلف الوسائط التكنولوجية، وربما يقول قائل ان هذا الامر وجد منذ القدم حيث تقوم الإعلانات بنفس الدور الذي تعنيه، ولكن الرد يتمثل في ان هذه المؤسسات لا تقوم بعمل الإعلان وتترك المستهلك يقرر، بل تحاول بأساليبها الملتوية الى جعله مهووسا بالحصول على هذا المنتج بل وأسيرا له، والأدهى والأمر أن يكون مروجا له ومدافعا عنه وبشراسة وكأنه هو من أنتجه.وهنا لا أتحدث عن منتج بعينه او اركز على نوعية معينة قد تكون منتجات مادية، لا فالأمر ينسحب أيضا على المنتجات المعنوية المتمثلة في الأفكار والفنون والآداب وأنماط الثقافة المختلفة، فمن نشر ثقافة المسلسلات المكسيكية وماجرته من تغيير في أفكار من كان مغرما بهاـ الى فتنة المسلسلات التركية وغيرها من المراحل للحد الذي وصلنا الى مناطق ابعد عن نطاقنا الجغرافي حيث التوجه حاليا لكل ماهو كوري من أغان ومسلسلات ومشاهير، وخاصة عند المراهقين والمراهقات، فالعالم اصبح زاوية في غرفة صغيرة بعد ان كان قرية، واصبح الكل يسعى بأساليبه المختلفة للوصول الى أي مكان لنشر ثقافته وبالتالي السيطرة الاقتصادية، وهنا تغير مفهوم السيطرة الاقتصادية واصبح يركز على الفرد أكثر من تركيزه على الدولة، وبالتالي اضحى تأثير أي فكر وأي ثقافة لا يمكن ربطه ببيئة محددة لا يمكن الخروج عنها، بل أصبح هذا التأثير يعتمد على الأفراد وفي بيئات مختلفة ومتعددة وقد لا يعرفون بعضهم البعض.

إن وصول ثقافات بعيدة عن قيمنا وديننا لبناتنا وأبنائنا عبر الفضاء السيبراني هو أحد ابرز الاخطار التي تواجهها المجتمعات المسلمة، خاصة مع وجود ثقافة هشة قائمة على عدم متابعة في المنزل بحكم عدم لحاق الابوين بالتطور التقني الذي يملكه الأبناء، وترك الحبل على الغارب لهم لممارسة هواياتهم المتمثلة ظاهريا في الألعاب الإلكترونية التي تجرهم في النهاية لهاوية الأفكار، والثقافة المنحرفة التي تتكفل هي الأخرى بمنتجات استهلاكية تدعم هذه الأفكار وتروج لها، وفي النهاية تزعزع القيم الإيجابية بل وتبدلها بقيم سلبية تدعم توجهات تلك الثقافة، وبالتالي يجب على الأسرة ان تكون واعية لما يدخل منزلها من أفكار وقيم عبر هذا الفضاء المفتوح، واذا انتقلنا لدور المدرسة فيجب هي الأخرى ان تعمل على نشر ثقافة إسلامية مبنية على القدوة الصالحة، لمواجهة هذا الطوفان السلبي الذي يهدد أبناءنا في مختلف مجالات حياتهم سواء الحاضرة او المستقبلية، ولا يجب الاكتفاء فقط بالجانب النظري المتمثل في المحاضرات والكلام المباشر، بل يجب التركيز على جوانب تطبيقية كالمعسكرات المحددة الأهداف والمعد لها الإعداد الجيد وورش العمل التي تركز على صنع قادة لا يتأثرون بكل ما يشاهدونه دون تمحيص ونقد، ولعل أبرز عمل يمكن للمدرسة القيام به هو صنع قدوة لهؤلاء الناشئة يتبعون منهجها ويستشيرونها ويسمعون منها، ومن هنا يمكننا الانطلاق للوقوف في وجه هذه الحرب المستمرة، وما يمكن الحديث عنه في موضوع القدوة في المدرسة أيضا يمكن أن ينسحب على ولي الأمر في البيت، فهي السبيل الوحيد الذي قد يساعدنا لتحصين أبنائنا ضد الأخطار المحدقة بها إلكترونيا.