randa
randa
أعمدة

عطر : أنا والمقال وهواك

13 سبتمبر 2017
13 سبتمبر 2017

رندة صادق -

المقال كما يُعرف هو:”رغبة الكاتب في التّعبير عن موضوع معيّن يدور في ذهنه، أو موضوع تقاطع معه أو أمر يلبي حاجته في التحدث عن رسالة فكرية أو إنسانية “.

الكاتب يبحث في موضوع يلبي احتياجات القارئ سواء كانت دينيّة أو ثقافيّة أو تاريخية أو اجتماعية، وقد يتحدث عن تجربة شخصية أو مشاعر خاصة أو عامة تفاعلية، وقد يصف فيه الكاتب قضية تخصّه بشكل مباشر.

يعتبر المقال من الفنون الأدبية العربية النثريّة، وللمقال أبوابه وأنواعه منها: المقال العلمي أو التوضيحي: يتناول الكاتب فيه موضوع معين أو قضية ما ويقوم بالشرح والتوضيح عنها بطريقة سلسة موضحة حتى يفهمها القارئ بطريقة علمية بحتة مجردة من العواطف والتشبيهات والصور الفنية والسجع، والمقال الوصفي أو الذاتي :هو أن يقوم الكاتب بسرد موقف معين أو حادث ما أو ربما مكان يصفه ويتحدث عنه بطريقة أدبية فنية نثرية يكثر فيها من التصويرات الفنية والتشبيهات والسجع، يضع فيها بعض من عواطفه أو رأيه الشخصي .

انا هنا لا أُعرف المقال فقط بل أرغب في الايضاح أن المقال بالإمكان شخصنته وجعله منبرا يعرض تجربة انسانية معينة أو حتى “فشة خلق” سياسية، استعنت ببعض التعريفات والتصنيفات من عدة مقالات لأبلغ رسالة المقال واقول ان للمقال حدثا أصغر وحدثا أكبر، الحدث الأصغر هو الشخصي الذاتي والحدث الأكبر هو الحدث العام، وكون اللغة هي وسيلة التعبير تنطلق المشاعر لتقول وتتحدث عن انكسارات ذاتية أو عامة بشرط ان لا يكتب الكاتب ما يتعارض مع العقائد الدينية أو السياسية أو العادات والموروثات للجريدة او المجلة التي يكتب فيها، هي اذا مساحة حرة بأطر راقية تلتزم الآداب فلا يخدش الكاتب حياء القارىء أو يقتحم عالمه وما دون ذلك، لا حدود للمواضيع التي بإمكانه أن يتناولها، من خلال تجربتي في الكتابة لاحظت ان أكثر المقالات التي تفاعل معها قرائي ليست تلك التي تحمل طابعا فلسفيا أو ثقافيا أو أدبيا رفيعا،بل تلك التي تغوص في النفس البشرية وتُبحر بتقلباتها وتركز على ذاتية التجربة ومعاييرها.

اذا هل يحق لنا أن نكتب في المقال عن تجاربنا؟ الإجابة: نعم يحق وبقوة خاصة ان كان للكاتب الصحفي عمودا يمهره باسمه ويطل من خلاله على القُراء الذين يتابعونه أو الذين تحملهم المصادفة لتعرف على فكره، هي مساحة لا هوية لها الا كاتبها والتزامه بسياسة المنبر الذي يطل منه، وهنا بامكان الكاتب ان يكتب من خلال ما يعرف بالمقالة الحديثة أو الذاتية، حيث تعرفها الدكتورة عائشة الحكمي:” بأنها تلك التي تعنى بإبراز شخصية كاتبها وتعتمد الأسلوب الأدبي الذي يشع بالعاطفة ويستند إلى الصور الفنية، وتوضح خصائص المقالة الذاتية بأنها تلك التي تعبر عن وجهة النظر الشخصية، وهذه الميزة هي التي تميزها عن باقي ضروب الكتابات النثرية، اضافة الى الإيجاز، والبعد عن التفصيلات المملة، مع إنماء الفكرة وتحديد الهدف مع التشديد على إمتاع القارئ، وإذا ما انحرفت عن هذه الخاصية أصبحت أي لون آخر من ألوان الأدب وليست بفن مقالة، وتضع لذلك شرطا هو: الوحدة والتماسك والتدرج في الانتقال من خاطرة إلى خاطرة أخرى من الخواطر التي تتجمع حول موضوع المقال”المقالة قد تصل الى ان تخبىء رواية أو تنتقد موقفا حياتيا أو تصنع حدثا يشير الى حياة، هي قد تغير من فكر القارىء أو تلفت نظره الى حالة ما أو حدث ما، باختصار هي نتاج انساني بحت لا أكثر فلنتقبلها كما هي.

[email protected]