salem
salem
أعمدة

نوافذ : مع سبق الإصرار!

11 سبتمبر 2017
11 سبتمبر 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

بالأمس أضيفت جريمة أخرى من الجرائم التي يرتكبها أحد أفراد العائلة في حق قريب له، والتي وقعت في صحار، لترتفع وتيرتها، مثيرة مع ما سبقتها بعضا من الأسئلة المفتوحة التي تحتاج إلى الإجابة وهي:

هل فقدت بعض الأسر، لذلك الترابط فيما بينها؟.وكيف أفرز المجتمع مثل هذه الحالات؟

وما هي الأسباب الحقيقية التي تدفع الفاعلين لذلك؟

وكيف يمكن التقليل من تلك الحماقات التي تؤدي إلى إزهاق أرواح؟

كل مجتمعات الدنيا لديها تلك الظواهر بشقيها الإيجابية والسلبية،لكنها تتفاوت فيما بينها.

وفي المنطقة العربية يفترض أن يُحصن أبناؤنا أكثر من رادع أكان أخلاقيا أو دينيا أو عائليا أو تعليميا، لذلك فإن حدوثها مستهجن يخالف الشرائع السماوية.

لكن يبقى أن وراء كل تلك الأفعال دوافع بعيدة عن التي ذكرت، وهي الافتقاد إلى التربية الحقيقية التي تغرسها العائلة في الأبناء وقد نجد مثل ذلك يتكرر، فعند غياب دور الأب نعم فانه متوقع ذلك، وأيضا دور الأم والأخ الأكبر فإن حصانة أفراد المجتمع تكون مكشوفة.

ناهيك عن قلة تحصيل العلم، فلن تجد أحدا يحمل شهادة تعليمية متقدمة يقوم بذلك، لأنها تمثل رادع له.

ولن تجد إنسانا قلبه عامرا بالإيمان يفكر في ارتكاب مثل تلك الخطيئة، لأنه بينه وبينها سور من الحماية ولن تجد من ترعرع في بيوت عامرة بالحب والأخلاق الرفيعة، تقدم على مثل تلك المساوئ.

من يقوم بمثل تلك الأفعال الصادمة والتي تهز أركان المجتمع والضمير قبل كل شيء، فئة تفتقد لأركان التعليم والدين والأخلاق والتربية، ففقدانها أو اختلالها لدى الفرد كفيلة لتكرار تلك الخطايا.

لذلك فإن مثل هذه الظواهر المقلقة التي يتجرد فيها الأب من أبوته والأم من أمومتها والأخ من أخوته والعم من قرابته والخال من إنسانيته،أيا كانت الأسباب والدوافع، فإن هذا يعني لعلماء النفس بالذات والمجتمع عموما شيئا كبيرا يتعدى الحدود ويتجاوز الأخلاقيات وينقلنا إلى مرحلة غير مسبوقه،تستوجب معها التوقف ودراسة الحالة.

فإذا كانت الجرائم بين الأفراد الذين لا تربطهم الصلة محرمة تحريما قطعيا، فما بالك بالذين بينهم قواسم مشتركة يلتقون عندها في العائلة. نحتاج في المرحلة المقبلة إلى دراسة وافية لمثل هذه الحالات حتى نستطيع من نتائجها أن نصوب الخطأ، وأن نساهم في ترسيخ قيمة الإنسان،وتعظيم دوره.

فالروح الإنسانية أغلى ما نملكها على هذا الكون، وأوجدها الله لعبادته، ولتعمر الأرض وتنشر الرحمة والمودة فيما بينها، وليس لتدمر بعضها بعضا، أوجدت لأن لديها رسالة هي أن تبني في العلم والمعرفة والدين والأخلاق ولتنير بعقلها الراجح الكون ولتنشر السلام والمحبة بين أفراد المجتمع.

لا أن تستسلم للحظة الغضب والضعف والشك والأنانية كل إنسان حددت له أدواره في الحياة مهما كبر أو صغر في هذا المجتمع، ودوره مهم للغاية فهو (ترس دوار) في مجموعة من التروس التي تدير هذه المنظومة التي يراد لها تعمير الكون.

علينا بالتوعية التي تبدأ من البيت والمدرسة والسبلة والحارة،التوعية التي توجه ولا تحرض والتي تفكر في حل المعضلات لا أن تفاقم الأزمات، والتي تبتكر في توطيد الوشائج بين أفراد المجتمع لا أن تنافر بينها بالشحناء والتي تساهم في قول الخير أو السكوت، لا أن تؤجج الخلافات بين أفراد العائلة والأصدقاء.

نحتاج إلى الجيل الذي يرحم بعضه بعضا، لا أن يقسو على بعضه، وأن يفترض حسن النية لا سوءها، وأن يمد يده للجميع لا أن يبني المواقف السلبية،نحتاج إلى التلاحم والمودة والرحمة والأخلاق التي تنجب من بيننا قادة ينيرون لنا دروب الحياة ليس بعلمهم فقط، بل بأخلاقهم الرفيعة.