مرايا

ونعم التربية

06 سبتمبر 2017
06 سبتمبر 2017

لقد تابعنا بشغف ما قام به المغامر نجيب المعيني بمعيه أبنائه أحمد وعبد النور، وقد أعجبت بهذه التجربة الفذة التي أراها أنها تربية ليست بالتوجيه القولي فحسب وإنما بالفعل، وما أثار إعجابي حقا هو نزول الوالد لمستوى أبنائه وممارسته هوايته التي يعشقها منذ نعومة أظافره والتي يعشقها الصغار الذين من أعمار أبنائه وما دون ذلك، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على عمق العلاقة بين الأب وأبنائه، وهو تطبيق لمنهج سير الأنبياء والمرسلين وصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبنائهم .

إن ما نراه في عصرنا الحالي من بعض الآباء هو ابتعادهم عن أبنائهم، فمثلا ابن يحب ممارسة كرة القدم ويعشقها حتى النخاع يأتي ليتحدث مع أبيه عن اللاعب الفلاني وكيف هو لعبه وعن عالم المستديرة بشكل عام، فيكون جواب الأب إما الاهمال وعدم الإصغاء لما يقول الابن وإما الزجر، فتتزعزع ثقة الابن بنفسه، وتناسى ذلك الأب أنه كان من عشاق المستديرة في طفولته، فالابن إذا لم يتحدث معك أيها الأب المربي فلمن يتحدث! سوف يلجأ إلى الأصدقاء ويفضي لهم بكل ما في خلجات وجدانه، فإما أن يعبر المركب بسلام من تلك الصحبة وإما أن يغرق .

التربية تكون يا آباء بمصاحبة الابن والنزول لمستواه ومصاحبته، وقد ذكرني ما قام به المغامر نجيب بكلام الدكتور طارق الحبيب - الذي اعتبره قدوتي- فدائما في كل حواراته يحدثنا على مصاحبة الأبناء .

ومثال على ذلك اتصلت به أم تشتكي من أن ابنتها تهوى الرقص، فقال لها: ارقصي معها لا مانع إن كان ذلك في بيتك قالت: يا دكتور لا أجيد الرقص. قال لها: تمايلي معها وإن لم تجيدي الرقص، المهم إشباع تلك الطاقة معها وأمام مرأى عينيك، فالقرب من الأبناء يكسر الحواجز ويفضي لنا الأبناء بكل ما يدور في خلدهم ويقوي شخصيتهم وثقتهم بأنفسهم، ويكونون قادة في مجتمعهم. لذلك علينا من الآن أن نقترب من أبنائنا ونجلس معهم ولو ساعة في اليوم ونلعب معهم، فهذا الشيء لا ينزل من مستوانا، بل بالعكس يكبرنا في نظرهم، وهذا المقال ليس للآباء فحسب، بل هو للأمهات وللأخوة والأخوات ،علينا أن نقترب من بعضنا البعض، لأن الآن أصبحت علاقات الأسرة ليست كالسابق، فكل مشغول بهاتفه المحمول أو الحاسوب والآي باد وغيره، ويتحدث مع العالم الافتراضي ويضحك ويتسامر معهم، عكس السابق عندما كانت الشاشة الصغيرة تجمعنا لمسلسل ما أو برنامج أو نشرة الأخبار ويجمعنا صحن أرز واحد، علينا أن نعيد ترتيب بيوتنا من الداخل وأن نصاحب أبناءنا وبناتنا.

منى بنت خميس البلوشية