hameed
hameed
أعمدة

توعويات :ظاهرة اللعن في المجتمع

06 سبتمبر 2017
06 سبتمبر 2017

حميد بن فاضل الشبلي -

عندما يعيش الفرد في عالم الظلام والجهل، فمن الطبيعي أن يتولد لديه بعض الممارسات والسلوكيات التي لا تتوافق مع هدي القرآن ولا السنة النبوية ولا العادات أو الأعراف، ولذلك نسمع ونرى كثيرا من الأفعال والأقوال التي يقوم بها بعض أفراد المجتمع، وللأسف الشديد لا يدركون عظم اثمها عند الله تعالى، ولا يبالون بعواقبها العظيمة، وتأتي ظاهرة اللعن على ألسنة أفراد المجتمع من ضمن تلك الممارسات السيئة في واقع حياتنا اليومية، لذلك أصبح اللعن في المجالس فاكهة لبعض المتمازحين حين يلعن كل شخص منهما الآخر، كما أن اللعن تسمعه في حوار كثير من المتخاصمين ( الله يلعنك، يلعن وجهك، يلعن شرفك، يلعن أبوك..الخ )، وما أكثر المتلاعنين في شبكات ومواقع التواصل الأجتماعي، إن العين لتدمع من هول الحوارات البذيئة التي نراها بين أفراد أمتنا في المواقع الدينية والسياسية والرياضية..الخ ، والتي نذكرهم فيها بقول الله تعالى ( وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖبِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚوَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) الحجرات ﴿١١﴾، كل ذلك يحدث بسبب ضعف الوازع الديني لدى بعض الأفراد، وابتعادهم عن مجالس العلم والمعرفة التي تعين الفرد على تنوير حياته، وكذلك هي تقليد أعمى لممارسات بعض الأفراد التي تعودت ألسنتها على السب والشتم واللعن في كل وقت وحين، مما يتطلب من الجميع التعاون على توعية تلك الفئة وإرشادها إلى المسار الصحيح.

لذلك أعزائي القراء نحن اليوم نتناول هذه الظاهرة ليس من باب تجريح أصحابها، ولكن نتناولها بنية النصح والتوجيه لأولئك الذين قد لا يعلمون خطورة وعظم اثم هذه العادة السيئة، واللعن كما تعلمون هو الطرد والإبعاد من رحمة الله، فمن يتمنى أو يحب أن يكون مطروداً من رحمة رب العزة تبارك وتعالى!، وحول هذا الأمر أخرج البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لعن المؤمن كقتله )، كما أن الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه مسلم أنه قال: ( إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة ) وفي حديث آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء ) رواه الترمذي، وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار ) رواه أبو داود والترمذي، وهناك آيات كريمة واحاديث شريفة أخرى عديدة قد حذرت من عقوبة ممارسة المسلم اللعن على لسانه .

إن الرسالة التوعوية التي نود إرسالها من خلال موضوع مقال اليوم، أنه ينبغي على كل فرد أن يحاسب ويراقب جميع أفعاله وأقواله، وأن لا يتعذر بحجة أنه لا يستطيع التحكم بنفسه عندما ينفعل، فهذا عذر اقبح من ذنب، بل العبد المسلم مطالب أن يكون متزناً في كل قول أو فعل، لذلك فإن هيبة الشخص لا تكون بحجم رفع صوته على الآخرين، ولكن هي بمدى الحكمة والسكينة التي يتميز بها، وللأسف الشديد في كثير من الأحيان عندما لا يحدث توافق في موضوع ما بين شخصين، يتجه الحوار بينهما إلى العصبية والصراخ وربما إلى العراك بالأيادي، بينما رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أمرنا حين قال: ( ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب )، ولذلك يجب على كل فرد أن يحفظ لسانه لأنه من أعظم أسباب النجاة، وما ثقافة اللعن التي اعتاد عليها كثير من الأفراد إلا بسبب عدم إدراك الفرد بحجم أثمها عند الله وملائكته، وعواقبها الكبيرة في حياة الفرد وبعد مماته، والذي يتطلب من جميع الأفراد والمؤسسات المعنية بأمور التوعية والإرشاد من تسليط الضوء على هذه الظاهرة وتنبيه الناس حول خطورتها .

[email protected]