salem
salem
أعمدة

نوافـذ :استرداد الوعي

04 سبتمبر 2017
04 سبتمبر 2017

سالم بن حمد الجهوري -

[email protected] -

أفراد المجتمع الواعون يوفرون على ميزانية الدولة المليارات من الريالات، وهذه المعادلة ليست في بلدنا بل في بلدان العالم. فالمتعلم عند مستوى الجامعة يدرك الكثير من وسائل التعاطي مع الحياة وبالتالي تقل أخطاؤه، فيوفر على الدولة الكثير من الرجال والأموال لمتابعة شأنه وتصحيحه، وذلك عكس قليل التعليم الذي تكثر أخطاؤه فتزيد تلك الأخطاء الأعباء على الدولة، فقد يرتكب حماقة من نوع ما فيكلف أجهزة الدولة البحث عنه وتقديمه للعدالة ثم المحاكمات والسجون والتغذية والرعاية الصحية وغيرها.

وينطبق الأمر على أوجه أخرى في الحياة، فالمتعلم يحرص على الحياة الكريمة الخالية من الأمراض وعلى سمعته من التلوث وعلى دعم المجتمع بمبادرات فردية وعلى إضافة قيمة على ذلك المجتمع، وعلى توفير الرعاية الكريمة لأبنائه والحرص على تعليمهم، وقبل ذلك الحرص على الدولة.

لكن ما يعانيه المجتمع اليوم يمثل تحديا خطيرا يتمثل في تراجع رغبات النشء في الحرص على نهل العلم، وهذا يعني انه بعد سنوات ليست ببعيدة سوف تظهر طبقة في المجتمع ذات تعليم متدنٍ وهنا خطورة الأمر، لأننا سندفع الكثير في معالجة أخطائهم صحيا وتعليميا ومروريا وفي العلاقات مع الآخرين، وأيضا سيمثلون انحرافا نحو سلبيات كالمخدرات وغيرها التي تضيف الأعباء على جهاز الدولة.

كما ان هذه الفئة سيجرها الأمر الى تطبيق نفس الفكرة على أبنائها في أن يسيروا الى ما صاروا إليه وهنا تكمن الخطورة أيضا. هذه المؤشرات تحتاج الى رصد وقد نجد الكثير من الخلل في الإحصائيات المرصودة والتي تنبه للكثير من الأمور.

الناشئ اليوم اصبح غير قادر على استيعاب أهمية التعليم خاصة أولئك الذين ينتهون من الشهادة العامة والذين يلتحقون بالجامعات والكليات حيث يقل ويتراجع الحماس لديهم، فهؤلاء يمثلون عبئا أكبر، وعند سؤالك لهم يتعللون بمن سبقهم من الناجحين والمجيدين الذين لم تتوفر لهم فرصة عمل في القطاع العام.

أيضا قلة التعليم له من السلبيات ما له، فاليوم تراجع الاهتمام بالوعي البيئي والصحي ولاحظنا والعديد من الزملاء الناشطين في متابعة المواقع السياحية والبيئية التي يرتادها الزوار على شواطئ المحافظات والمواقع السياحية يظهرون لنا أكوام المخلفات التي تنبئ عن تراجع وعي الفرد الذي يفترض ان يحرص على نظافة وطنه كما يحرص على نظافة بيته وهنا يكمن الخل في المعادلة.

لذلك فإن غرس التوعية في الناشئة أصبح أمرا ضروريا جدا لأننا نفقد وعيا بشكل يومي بين شبابنا، كما نفقد مستويات تعليمية أيضا، ونفقد اهتماما صحيا وبيئيا بشكل يومي ونحمل مؤسسات الدولة هذا التراجع، هذا الحمل يكون ماديا واستنزافا لأمور كان يجب ان توجه للتطوير أكان بلديا أو بيئيا أو تعليميا أو صحيا، لأن الاستثمار فيها سيوفر علينا هذا العناء في معالجة أخطاء الغير منا.

ما يحزن الغالبية اليوم، ان تجد بعضا من تلك التصرفات في المواقع السياحية ما زالت تمارس بعقلية عجيبة لا تتوقعها كالاستعراض بالمركبات على المروج الخضراء ورمي المخلفات في مكان عام وترك البقايا في أماكن يرتادها الزوار وتلويث مجاري المياه وحرق بعض الأشجار وبعثرة المخلفات البلاستيكية وكأن هذا الوطن لا تعنيهم نظافته.

أزمة الوعي تحتاج الى مراجعة والى وضع حلول بعيدة المدى من اجل استرداد المواطن الواعي ليخدم بلده ودولته.