1100817
1100817
الاقتصادية

البنك الدولي: خدمات المياه تحتاج إلى 150 مليار دولار سنويا للوصول إلى الأمن المائي

04 سبتمبر 2017
04 سبتمبر 2017

حدد التدابير اللازمة للحد من التأثير على النمو والاستقرار -

«عمان»: أكد تقرير للبنك الدولي أن تحقيق هدف التنمية المستدامة المتمثل في الحصول على خدمات المياه والصرف الصحي المدارة على نحوٍ آمن بحلول عام 2030 سيتطلب أن تنفق بلدان العالم 150 مليار دولار سنويا، أي بزيادة الاستثمارات في مياه الشرب والصرف الصحي والصحة العامة أربعة أضعاف ما يُنفق في الوقت الراهن، وهذا أمر بعيد المنال لكثير من البلدان، مما يهدد التقدم نحو إنهاء الفقر.

جاء ذلك في تقرير للبنك الدولي طرح الأسبوع الماضي خلال أسبوع المياه العالمي بعنوان «الحد من التفاوتات في مياه الشرب والصرف الصحي والصحة العامة في عصر أهداف التنمية المستدامة» والذي يشير إلى ضرورة إجراء تغيير جذري في أسلوب إدارة البلدان مواردها وتقديم الخدمات الرئيسية، واستهدافها لضمان وصولها إلى من هم في أشد الحاجة إليها، ومعالجة أوجه القصور لضمان أن تكون الخدمات العامة مستدامة وفعالة.

وعلاوة على ذلك، يشير التقرير إلى ضرورة تنسيق الإجراءات التدخلية المتعلقة بالمياه والصحة والتغذية لتحقيق تقدم ملموس في مكافحة تقزم الأطفال ووفياتهم. وفي حين أن تحسين المياه والصرف الصحي وحده يحسّن رفاه الطفل، فإن التأثيرات على مستقبل الطفل تزيد حتى عندما تقترن بالإجراءات التدخلية الصحية والتغذوية.

وتم تدشين التقرير في جلسة خاصة تركزت على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال مؤتمر أسبوع المياه العالمي في العاصمة السويدية ستوكهولم . ويقدم التقرير تحليلا شاملا لواحد من أهم التحديات التي تواجه المنطقة، ويستعرض استدامة الإدارة الحالية للموارد المائية وكفاءتها، وتكلفة شبكات توزيع المياه الحالية وانتظامها، والوعي العام بالمخاطر المتصلة بالمياه وكفاية الإجراءات التي تم اتخاذها للتصدي لها.

وفي معرض التعقيب على التقرير، قال حافظ غانم، نائب رئيس البنك الدولي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «إذا كنا نفكر في موارد المياه كحساب مصرفي، فإن المنطقة قد سحبت الآن على المكشوف بشكل خطير. فسحب المياه من الأنهار ومكامن المياه الجوفية بمعدل أسرع من معدل تجديدها يماثل أن يعيش المرء في مستوى يتجاوز موارده ، فذلك يقوض رأس المال الطبيعي لكل بلد، مما يؤثر على ثروته وقدرته على الصمود على المدى البعيد. لكن هناك حلولا لهذا الوضع، وهي تبدأ بوضع حوافز واضحة لتغيير الطريقة التي تدار بها المياه ».

ويعيش أكثر من 60% من سكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مناطق إجهاد مائي مرتفع أو مرتفع للغاية، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يصل إلى نحو 35%. ورغم ندرة المياه ، فإن المنطقة لديها أدنى تعريفة للمياه في العالم، وأعلى نسبة من دعم المياه إلى الناتج المحلي الإجمالي عند 2%، فانخفاض الأسعار يثبط كفاءة استخدام المياه. ومن شأن رفع رسوم خدمات المياه أن يشير إلى القيمة الحقيقية للموارد الآخذة في النقصان وتشجيع الحفاظ عليها. كما يمكن أن يتيح التمويل لحماية الموارد المائية، وصيانة البنية التحتية، وضمان تقديم خدمات على نحوٍ منصف ومنتظم.

وفي هذا الشأن، قال جوانجزهي تشن، المدير الأول لقطاع الممارسات العالمية للمياه بالبنك الدولي، «إلى جانب تحسين الإدارة، هناك مجال لزيادة المعروض من خلال الطرق غير التقليدية مثل تحلية المياه وإعادة التدوير... ولحسن الحظ ، أثبت العديد من البلدان نجاحا في تنفيذ برامج مبتكرة للحد من كمية المياه التي يتم إنتاجها وفقدانها قبل أن تصل إلى المستهلك، فضلا عن إنتاج المياه بطرق غير تقليدية. كما أن فعالية هذه التكنولوجيات من حيث التكلفة تتحسن سريعا أيضا، مما يغير المشهد للخيارات المتاحة أمام الجيل القادم من القائمين على إدارة الموارد المائية».

وأضاف: « الملايين محاصرون حاليا في الفقر بسبب نقص خدمات مياه الشرب والصرف الصحي، مما يسهم في تقزم الأطفال وانتشار الأمراض المنهكة مثل الإسهال. ومن أجل منح الجميع فرص متساوية في إمكانية تحقيق كامل إمكاناتهم، من الضروري توفير مزيد من الموارد التي تستهدف مناطق تعاني من أوجه ضعف شديد ونقص إمكانية الحصول على هذه الخدمات، وذلك لسد الفجوات وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي السيئة. ويقدم هذا التقرير خطة عمل لسد هذه الفجوة».

ويقدم التقرير تحليلا شاملا لمؤشرات المياه والصرف الصحي، ويغطي 18 بلدا حول العالم، كما يحدد لأول مرة أجزاء جغرافية محددة داخل البلدان تعاني من نقص خدمات المياه والصرف الصحي والصحة العامة. ويسلط التقرير الضوء على أوجه التفاوت الرئيسية في مياه الشرب وخدمات الصرف الصحي بين الريف والمدن والمناطق الفقيرة وغير الفقيرة.

ويكتشف البحث تناقضا صارخا بين المدن والريف. ففي البلدان الثمانية عشر، يعيش 75% من الأشخاص الذين يفتقرون إلى مرافق الصرف الصحي المحسنة في الريف، ولا يحصل سوى 20% من سكان الريف على مياه محسنة. ويتيح هذا التقرير لصانعي السياسات خط أساس وإرشادات توجيهية بشأن كيفية تحسين استهداف الاستثمارات لضمان وصول الخدمات الأساسية إلى أشد المجتمعات المحلية والأسر فقرا.

وعلى مدى عامين، جمعت فرق البحث بيانات عن إمكانية الحصول على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والصحة العامة ومستوى جودتها، وتوصلت إلى ما يلي:

ففي نيجيريا، يعيش أكثر من 60% من سكان الريف على مبعدة أكثر من 30 دقيقة من مصدر المياه العاملة.

وفي إندونيسيا، يتم التعامل مع 5% فقط من مياه الصرف الصحي في المدن والتخلص منها بشكل آمن، والأطفال الذين يعيشون في مجتمعات تشهد ممارسات التغوط في العراء يزيد احتمال تعرضهم للتقزم بمقدار 11 نقطة مئوية خلال الألف يوم الأولى من العمر.

وفي بنغلاديش، كان ميكروب إي. كولاي موجودا في حوالي 80% من صنابير المياه التي تم أخذ عينات منها، وهو معدل مماثل للمياه التي تم جمعها من البرك.

وفي الإكوادور، يشرب 24% من سكان الريف مياها ملوثة؛ و21% من الأطفال يعانون من التقزم؛ و18% يعانون من نقص الوزن.

وفي هايتي، انخفضت إمكانية الحصول على مصادر مياه الشرب المحسنة في السنوات الخمسة والعشرين الماضية، وتوقفت إمكانية الحصول على خدمات الصرف الصحي المحسنة عند 33%، وانخفض عدد الأسر التي لديها إمكانية الوصول إلى المياه المحسنة في منازلها من 15% إلى 7%.

ويقول رشيد بن مسعود، مدير مكتب البنك الدولي في نيجيريا «تحتاج خدمات المياه والصرف الصحي إلى التحسّن بشكل كبير، وإلا ستكون العواقب سيئة على الصحة والرفاه. فاليوم، الإسهال هو السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الأطفال دون الخامسة. ويعاني الأطفال الفقراء أيضا من أمراض معوية، والتي تسهم إلى جانب نقص التغذية والالتهابات في التقزم. إننا نخاطر بمستقبل أطفالنا: إن إمكانياتهم تتعثر بسبب عدم التكافؤ أو عدم المساواة في الحصول على ما يحتاجونه من خدمات من أجل تحقيق الرخاء».

ويبرز التقرير حقيقة أن الخدمات في العديد من البلدان لا تصل إلى الفقراء بسبب سوء التنفيذ لا بسبب سوء السياسات - ويعاني أطفالنا نتيجة لذلك. ويقدم التقرير منظورا جديدا بشأن التعقيدات التي تحيط بأسباب قصور الخدمات.

ويأتي هذا التقرير مع دعوة واضعي السياسات والممارسين إلى عقد أسبوع المياه العالمي في ستوكهولم من 27 أغسطس وحتى مطلع سبتمبر الجاري. ويأتي هذا البحث ضمن مبادرة البنك الدولي الحالية بشأن تشخيص أوضاع الفقر في مجال المياه والصرف الصحي والصحة العامة، والتي تتألف من 18 تقريرا في البلدان المتعاملة معه.