صحافة

القدس : «أجا العيد ... تعالي روحيني» كلمات أصغر أسير إداري!!

01 سبتمبر 2017
01 سبتمبر 2017

في زاوية أقلام وآراء كتب عيسى قراقع مقالاً بعنوان: «أجا العيد ... تعالي روحيني» كلمات أصغر أسير إداري!!، جاء فيه:

اكثر من 350 طفلا لا زالوا خلف قضبان سجون الاحتلال خلت منهم الحارات والشوارع والأزقة والمحلات وحركة الفجر الذي يستيقظ على شقاوة الأولاد.

ان حملات الاعتقال الجماعية والواسعة في صفوف القاصرين أصبحت سياسة ومنهجا وجزء من استراتيجية إسرائيل وعدوانها على الطفولة الفلسطينية والمجتمع الفلسطيني، بهدف تدمير الحياة والمستقبل والعائلة والأحلام الحاضرة والقادمة في الواقع الفلسطيني المشتبك يوميا مع أطول احتلال في التاريخ المعاصر.

ولعلّ الحكايات الكثيرة المزدحمة بالرعب والفزع والصدمات والشهادات التي تفيض ألما من قبل الأطفال وما يتعرضون له منذ لحظة اعتقالهم واقتيادهم الى مراكز التحقيق والمعسكرات تجعل الأمين العام للأمم المتحدة الذي وصل فلسطين ان يقف طويلا طويلا أمام دولة إسرائيل التي تحارب الأطفال وتعتدي عليهم قتلا وإعداما واعتقالا. ربما يشعر الأمين العام للأمم المتحدة بالعار الإنساني والدولي وبالفضيحة المجلجلة بسبب انتهاك إسرائيل كسلطة احتلال وعضو في الأمم المتحدة لكل الشرائع الإنسانية والدولية ولقرارات الأمم المتحدة نفسها، ربما يتغير برنامج زيارته ويطلب اللقاء مع الأطفال الأسرى في سجني عوفر ومجدو، وربما يستطيع ان يخفف ما تعرضت له أرواحهم من تعذيب وتنكيل ومعاملة مهينة، وربما يعود سريعا لطلب اجتماع عاجل للأمم المتحدة لمناقشة استباحة إسرائيل كسلطة محتلة لحقوق أطفال فلسطين.

«أجا العيد .. تعالي روحيني» هي كلمات أصغر أسير إداري يقبع في سجون الاحتلال، الطفل نور كايد فايق عيسى، سكان بلدة عناتا قضاء القدس - 16 سنة - والذي جدد له الاعتقال الإداري للمرة الثانية، يقولها لوالدته عندما قامت بزيارته، غير مستوعب أن عيد الأضحى قد جاء بدون أن يكون في البيت، دون ان يجري ويلعب ويشتري الملابس الجديدة والألعاب.

أجا العيد .. تعالي روحيني، مطلب بسيط عميق من طفل محشور خلف جدران السجون، صوت أطفال حرموا من طفولتهم ومن إشراقة وجوههم وبسماتهم الجميلة في أيام العيد، فكيف يكون العيد دون أطفال يحلقون بأجنحتهم في المكان؟ يطيرون رغم السياج والحصار والجدران والحواجز، يخلقون لأنفسهم سماء أخرى ويرفرفون.

الأسير الطفل نور عيسى يعتقد انه في العيد يجب أن يعود الى امه المتحسرة الباكية، ويعتقد أن ملابس العيد والحلويات الكثيرة وشراء الألعاب والبلالين تنتظره في البيت، لينطلق ويركض في براري طفولته الجميلة ككل أطفال العالم، كأنه لا يرى سجانين وقيود وأقفال وزنازين وكلابا بوليسية، هو لا يراهم، يرى حياته حرّة مفتوحة على المدى وكتاب المدرسة.

أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني ينشد الانعتاق والخلاص من عذاب السجن، لا صوت الرصاص والقنابل وزعيق الجنود المقنعين الذي يقتحمون البيوت ويغتالون نعاس ونوم الأطفال، صوت طفل بريء يحلم أن يجلس تحت شجرة، ان يرى بحرا وشمسا ويغازل قمرا ويلاحق نجمة شاردة.

أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل في سجون الاحتلال، اعتقل دون تهمة او محاكمة عادلة، لا يعرف متى يفرح بالعيد او متى يعود الى أحضان امه لينام على وسادتها بأمان ودون خوف، صوت اعلى من صوت الفاشية والعنصرية الإسرائيلية وهذا التطرف الذي يرى في كل طفل شيطان وقنبلة موقوتة.

أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني، لا صوت المدرسة الدينية الإسرائيلية التي تربي الأطفال ليكونوا جنودا في المعسكرات يقدسون الحرب ويكرهون الآخرين، مستعدون دائما للقتال، ليصبحوا إما محاربين او سجانين مجردين من إنسانيتهم مشبعين بالنزعة العسكرتارية.

أجا العيد .. تعالي روحيني، صوت طفل فلسطيني يريد ان يغني وان يطلق نشيد مدرسته الصباحي، أن يكون على مقعد المدرسة، لا صوت وزارة المعارف الإسرائيلية التي تسمى وزارة الخنق، لأنها تغلق العقول وتنتهج سياسة غير إنسانية تجاه تربية أولاد اليهود.

«أجا العيد .. تعالي روحيني»، نداء مدوي من الأطفال المعتقلين يقول ان الأسرى غائبون عن العقل السياسي الإسرائيلي، لا يظهرون إلا أشباحا مهانين مجردين من آدميتهم، يعيشون خلف ألف مؤبد وعتمة، يتعرضون لشتى أنواع الانتهاكات التي تعبر عن السقوط الأخلاقي الكبير لدولة إسرائيل المحتلة.

أجا العيد .. تعالي روحيني..

صوت يشعل الحناجر..

يخرج من البرد والظلمة القارسة..

يرفع يديه في وجه السجانين..

صرخة على الساحة الدامسة..

اجا العيد، دقت الساعة الخامسة..