1094298
1094298
تقارير

أزمة الكهرباء تفاقم مشكلة تلوث البحر وتهدد حياة سكان قطاع غزة

26 أغسطس 2017
26 أغسطس 2017

97 % من المياه الجوفية غير صالحة للاستخدام -

غزة (الأراضي الفلسطينية) بقلم عادل الزعنون - (أ ف ب):

سلطت وفاة الطفل محمد السايس اثر تسممه بعد سباحته في بحر غزة الضوء على تزايد التلوث بمياه الصرف الصحي لتوقف محطات المعالجة عن العمل جراء تفاقم أزمة الكهرباء في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل منذ أكثر من عقد.

توفي محمد ابن الخمسة أعوام نهاية يوليو بعد أيام من نقله إلى المستشفى مصابا بإعياء مع أشقائه بعد أن سبحوا في البحر الذي تصب فيه المياه العادمة وحيث تصل نسبة التلوث قرب الشاطئ إلى «73%» ببعض الملوثات الفتاكة ولا سيما الجراثيم المسبب للمرض، حسب سلطة جودة البيئة في غزة استنادا إلى فحص عينات من مناطق مختلفة.

وأكدت وزارة الصحة في غزة أن الطفل أصيب بتسمم بسبب ابتلاع مياه البحر الملوثة، وتحدثت عن إصابته بجرثومة «أحدثت تلفا في الدماغ» دون مزيد من التوضيح. لكنها قالت إن مستشفيات القطاع قدمت العلاج لعشرات الحالات التي أصيبت بالتسمم بعد السباحة في البحر هذا الصيف.

ويشرح والد الطفل السايس ان العائلة توجهت إلى البحر في منطقة الشيخ عجلين جنوب غرب غزة، وقال «أولادي سبحوا في البحر طيلة اليوم، لكن بعد عودتنا للمنزل أصيبوا جميعا بإعياء شديد. قمت ينقلهم للمستشفى لكن محمد توفي بعد أيام».

ويصب 23 مصرفا لمياه المجاري المياه المبتذلة على شواطئ القطاع الفقير الممتدة لنحو 40 كيلومترا.

وتعمل محطات معالجة المياه العادمة بربع طاقتها نتيجة أزمة الكهرباء بحسب تقرير لمركز الميزان لحقوق الانسان وهي تصب لذلك تصب «100 ألف متر مكعب من مياه المجاري على الاقل يوميا في البحر».

وقدرت الأمم المتحدة أن قطاع غزة سيصبح مكانا غير صالح للعيش بحلول 2020 لكن تقريرا حديثا قال ان الكارثة وشيكة.

وقرب بلدة بيت لاهيا المحاذية للحدود الشمالية مع إسرائيل، تنبعث رائحة كريهة من مضخة رئيسية لمعالجة مياه المجاري والصرف الصحي وسط برك تجميع كبيرة للمجاري.

ويقول موظف في المضخة «نضطر لضخ كميات كبيرة من المجاري في البحر بسبب أزمة الكهرباء حتى لا تطفح وتغرق المزارع ومنازل المواطنين القريبة».

ويقول أحمد حلس المسؤول في سلطة البيئة «شاطئ بحر غزة ملوث. وصل هذا التلوث حتى الى الشواطئ جنوب تل ابيب» حيث أغلق شاطئ الشهر الماضي لهذا السبب.

وحددت منظمة تابعة للامم المتحدة أحد عشر مكانا ملوثا على شاطئ البحر في القطاع لا تصلح للسباحة، تشكل ثلثي شواطئ القطاع.

وقال حلس ان «تداعيات الحصار والانقسام زادت من المشاكل الكارثية خاصة ان محطات معالجة المجاري وعددها 12 لا تعمل في ظل أزمة الكهرباء».

ويعاني القطاع من أزمة كهرباء منذ عشر سنوات لكنها تفاقمت بعد تخفيض السلطة الفلسطينية في ابريل قيمة فاتورة كهرباء غزة التي تدفعها لإسرائيل التي خفضت بدورها كمية الكهرباء التي توردها إلى القطاع.

ومع تقليص الكهرباء من إسرائيل أعلنت شركة كهرباء غزة تطبيق برنامج طوارئ بتوفير الكهرباء فلقط لأربع ساعات، مقابل 20 ساعة انقطاع يوميا.

وفي مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة لجأ همام (34 عاما) لشراء الماء من عربة مياه ليستحم به أطفاله الأربعة أمام منزله المطل على البحر قبالة مصب لمياه المجاري على الشاطئ.

ويقول همام «نحن مضطرون لشراء مياه مفلترة للشرب والاستحمام لأن المياه التي تصل إلى المنازل غير صالحة لا للشرب ولا للاستحمام ومياه البحر ملوثة بالمجاري».

إلا أن التلوث لا يمس فقط مياه البحر، إذ أكدت مصلحة بلديات الساحل في قطاع غزة ان «اكثر من 97% من المياه الجوفية لا تصلح للاستخدام المنزلي».

ويوضح ياسر الشنطس رئيس سلطة المياه في غزة ان القطاع يعاني من «عجز يصل الى 120 مليون متر مكعب سنويا في المياه و85% من آبار غزة غير صالحة للشرب او الاستهلاك الآدمي وتزداد تلوثا وخطرا يوما بعد يوم».

وتحتاج البلديات في القطاع الذي تسيطر عليه حركة حماس منذ نحو عقد إلى 400 ألف لتر من مازوت السولار لتشغيل مولدات كهرباء وبالتالي المضخات لعدة ساعات إضافية يوميا، لكنها تشكو من عدم توفر المال. ويحتاج القطاع وعدد سكانه نحو مليوني نسمة إلى 200 مليون متر مكعب من المياه سنويا.

وتكتظ شواطئ القطاع بآلاف المصطافين خصوصا في عطلة نهاية الاسبوع ولا تمنع التحذيرات من خطر التلوث مئات الأطفال من السباحة على شواطئ القطاع بصبحة عائلاتهم او خلال رحلات تنظمها جمعيات خيرية.

ويقول والد الطفل المتوفى إن «الجو حار والرطوبة مرتفعة ولا يوجد كهرباء ولا حتى مياه في المنزل، والبحر متنفسنا الوحيد».

ولا يبدو الأمر مختلفا بالنسبة لمصطفى الخطيب (47 عاما) الذي اصطحب أسرته المكونة من 7 أفراد إلى البحر في منطقة تل الهوى غرب غزة ويقول «كل الشواطئ غير نظيفة للسباحة، لكن لا متنفس أمامنا غير البحر».

ويؤكد حلس أن الحلول «في ظل التدمير الإسرائيلي الممنهج للبيئة خاصة في الحروب الثلاث الأخيرة (بين نهاية 2008 و2014) تجعلنا بحاجة لمشاريع ضخمة لمواكبة علاج المشاكل الصحية والبيئية الخطيرة جدا والتي تتهدد حياة الناس في غزة».