1094118
1094118
المنوعات

علي سـوفان: الإسـلاموفــوبيا أخـطـر من الإرهـاب

26 أغسطس 2017
26 أغسطس 2017

يتناول كتاب «تشريح الإرهاب» الصادر أخيرا للكاتب علي سوفان الجماعات الإرهابية التي تمكنت من البقاء برغم خوضها الحروب ومعاناتها الهزائم والقصف والاغتيالات والنفي والسجن، وبقيت تمثل تهديدا سواء للدول الإسلامية أو الغرب.

ـ إذا أردت أن توجز قدر استطاعتك أسباب المرونة التي تحظى بها قضية منيت بكل تلك الهزائم والخسائر البشرية في صفوفها، فماذا تقول؟

ـ إنها الأيديولوجيا. إنها السردية. هم يعتقدون أنهم يقاتلون دفاعا عن تفسيرهم للدين. نحن في حرب مع تنظيم. ونحن ناجحون في إضعاف هذا التنظيم تكتيكيا. غير أنهم استراتيجيا استطاعوا التكيف لأننا نركز على مهاجمة البنية. وهم يركزون على الأيديولوجيا والرسالة. والأيديولوجيا في واقع الأمر هي عنق تلك الهيدرا.

وفقط حينما ننجح في قطع العنق، حينما نقطع الأيديولوجيا ونستأصل السردية، يمكننا حينئذ أن نقدر على إضعاف التنظيم الذي توسع بصورة هائلة كما لا يخفى عليك بعد وفاة ابن لادن. لقد شهدنا أخيرا الذكرى السادسة لوفاته، والتنظيم اليوم أقوى كثيرا مما كان عليه قبل ست سنوات حينما أجهزت القوات البحرية على أسامة بن لادن.

ـ في نهاية كتابك تشير إلى شمال أيرلندا باعتبارها مثالا لصراع عرف الإرهاب والقهر وانتهى إلى حل. اقتضى ذلك إدخال أشخاص اعتبرهم البريطانيون متورطين في الاغتيال والقتل والتفجير مجال السياسة، بل وإدخالهم البرلمان. هل مثل هذه النتيجة ممكنة في حال القاعدة في ضوء أنه حتى انتخاب الإخوان المسلمين في مصر لم يفض إلا إلى الإطاحة بهم وتقديمهم للقضاء؟

ـ أعتقد أن التفكير في أن تكون القاعدة جزءا من أي حل سياسي في الشرق الأوسط أمر بعيد المنال للغاية. فالقاعدة لا تزال بطبيعتها منظمة إرهابية. هم لا يؤمنون باستيعاب الناس في أنظمة حكمهم مهما تكن. لا يؤمنون بالديمقراطية. لا يؤمنون بالانتخابات. وأعتقد أن المثال الذي أضربه في نهاية الكتاب بأيرلندا الشمالية يتعلق في الغالب بالأفراد.

في أيرلندا الشمالية كنت أتحدث إلى شخص سبق أن كان من كبار قادة عمليات الجيش الجمهوري الأيرلندي. وطوال حديثنا كان دائم الإشارة إلى الكاثوليك والبروتستنت. هو يرى الصراع كله عبر نظرة طائفية، ينظر إلى أنه كاثوليكي يضطهده البروتستنت، ويضطهدون عائلته.

وبعض ما قاله لم يكن له معنى مطلقا لأي شخص يؤمن فعلا بالرب، كالقتل مثلا والاغتيال. فسألته سؤالا شديد البساطة: هل أنت مؤمن بالرب؟ وأعتقد أنه صدم فعلا. بدا كأنما لم يطرح عليه أحد هذا السؤال من قبل. قال، لا أريد أن أهين أحدا ـ في هذه الغرفة، لكنني أعتقد أن فكرة الرب فكرة غبية.

ولا أعرف إن كان خالد شيخ محمد أو محمد عطا أو أي ممن عملوا مع ابن لادن قد مروا بلحظة حقيقة واحدة، أو إن كان إيمانهم هو نفسه إيمان الجيش الجمهوري الأيرلندي. انظر إلى ممارساتهم، وسلوكياتهم. لقد كان خالد شيخ محمد معروفا في مواخير الفلبين.

ـ خالد شيخ محمد؟

ـ نعم، العقل المدبر لهجمات 11/‏‏9. ومحمد عطا، قائد العملية، شرب جرعات من الفودكا في حانة قبل أن يركب الطائرة. وبعض مختطفي الطائرات كانوا يحضرون في مراقص التعري في نيوجيرسي. فهؤلاء ليسوا، ليسوا بأية حال...

ـ نعم

ـ ليسوا بأي حال مسلمين، شكلا أو مضمونا.

ـ يذكّرني كلامك هذا بقول قرأته يقول إن ما نحن بصدده ليس إسلاما راديكاليا، بل هو راديكالية متأسلمة. بمعنى أن هناك من لديهم مظالم وشكاوى، ويجدون أن الإسلام يوفر لهم لغة يستعملونها أو يستغلونها لتبرير أفعالهم.

ـ بالقطع، أوافق على هذا تماما. وأعتقد أن ما أحاول القيام به في هذا الكتاب هو أنني أحاول التركيز على القصة عبر أعين العديد من قادة القاعدة، ابن لادن على سبيل المثال، وأبي مصعب الزرقاوي، وسيف العدل، والظواهري، والبغدادي، لأرى العالم عبر أعينهم، وأعرف مظالمهم. ما الذي يسوء الناس فعلا لدرجة أن يذهبوا لتفجير أنفسهم؟ كيف يرون حرب العراق، وأي دور لعبته حرب العراق في سرديتهم، لأنني أعتقد أننا لا نزال بحاجة بعد خمسة عشر عاما أو ستة عشر على أحداث 11/‏‏9 إلى أن نفهم العدو الذي لم نفهمه بعد.

وأعتقد أنني حاولت في هذا الكتاب أن أتمثلهم. وأرجو أن يقرأ القراء هذا الكتاب بوصفه رواية خفيفة لأنه ليس كتابا في الإرهاب. لقد كتب عن القصص الخاصة بأولئك الأفراد موجها للقارئ العام الذي لا يعرف الكثير عن الإرهاب وعن الجدل حول القاعدة وداعش وما يجري في العالم الإسلامي اليوم.

ـ كيف تميز بين محاربة القاعدة في خطابنا السياسي وبين الوقوع في شرك الإسلاموفوبيا والاكتفاء بقولنا إنهم مجرد مسلمين مجانين. كيف تفعل هذا؟

ـ حسن، الإسلاموفوبيا لن تفضي إلى غير المزيد من قدرة هذه الجماعات على التجنيد. هذه الجماعات تعتقد أن هناك معسكرين، معسكر المؤمنين ومعسكر الكفار. ولا شيء بينهما. في كل دعايتهم، كما يرددها العولكي على سبيل المثال، وهو أمريكي يمني الأصل، يردد طول الوقت أن هدفه هو أن يقلب الغرب على مسلميه لأنه يريد صدام الحضارات. فعلينا أن نعالج هذا الموضوع لا من منظور صراع الحضارات، بل من منظور الصدام داخل الحضارات. فما يحدث الآن هو صراع داخل الإسلام بين الراديكاليين والمعتدلين، وبين السنة والشيعة، وبين الأكراد والتركمان، وبين العرب والفرس. وأعتقد أن علينا أن ندرك طبائع تلك الصراعات. وأعتقد أيضا أننا لا ينبغي أن نكتفي بحرب على المكان الفعلي، بل الأهم أن نشن حربا دولية، وحملة عالمية، على المكان الذي يحتله أولئك في عقول الضعفاء والمستبعدين. وهذا هو الجزء الصعب. وحينما نبدأ في تحقيق النصر في هذه المعركة، سوف يتسنى لنا الانتصار في الحرب كلها.

حوار مع إذاعة أمريكا الوطنية

عنوان الكتاب: Anatomy of Terror: From the Death of bin Laden to the Rise of the Islamic State

تأليف: Ali Soufan

الناشر: W. W. Norton & Company

اللغة: الإنجليزية

الصفحات: 384