أفكار وآراء

التعاون التجاري العماني- القطري

26 أغسطس 2017
26 أغسطس 2017

حيدر بن عبدالرضا اللواتي -

تشهد العلاقات الاقتصادية بين السلطنة ودولة قطر الشقيقة مزيدا من التعاون في مختلف القطاعات، وخاصة في المجالات التجارية، ومنذ عدة أيام مضت وبتعاون بين الغرف التجارية والصناعية في كل من مسقط والدوحة، فقد تم التوقيع على عدد من العقود في مجال الاستيراد والتصدير بين التجار في البلدين، ومنها عقد توريد المحولات الكهربائية العمانية. فقد أعلنت شركة فولتامب للطاقة، وهي إحدى الشركات التابعة لشركة فولتامب العمانية للمحولات بأنها حظيت على عقدي توريد محولات كهربائية حسب الطلب إلى المؤسسة العامة القطرية للكهرباء والماء (كهرماء) بدولة قطر الشقيقة عن طريق وكيلها وممثلها بدولة قطر، مشيرة إلى أن العقد بين الطرفين تبلغ قيمته 34 مليون ريال عماني (340 مليون ريال قطري تقريبا). وبموجب هذا العقد سوف يتم توريد المحولات الكهربائية إلى كهرماء خلال عامي 2018 و2019م. كما أكدت الشركة العمانية من جانبها على التزامها على تزويد الزبائن بمنتجات عالية الجودة بأحدث التقنيات، والذي يعكس إيجابا سمعة الشركات العمانية، مشيرة إلى أنه سيتم الإعلان عن أي مستجدات أخرى تتطلب الإفصاح عن عقد توريد المحولات. وهذا يعني بأنه في قدرة الشركات العمانية أن تلتزم بتوقيع مزيد من العقود مع الشركات القطرية للحصول على المحولات الكهربائية والمنتجات الأخرى في السنوات المقبلة.

المسؤولون في غرف التجارة والصناعة في البلدين والجهات الرسمية الأخرى يؤكدون على أهمية تعزيز هذه العلاقات التجارية التي يمكن في نهاية المطاف جذب المزيد من الاستثمارات بين البلدين، وإحلال جزء من الواردات من خلال إقامة مصانع مشتركة للمنتجات التي تهم جميع دول المنطقة، وإيجاد مزيد من التكامل الصناعي الخليجي، بجانب الاستفادة من القدرات والتسهيلات التي تتمتع بها السلطنة في القطاع اللوجستي. ولقد أصبحت هذه العلاقات بين البلدين محل تقدير وثناء من المسؤولين في دولة قطر، حيث أشاد سعادة علي بن فهد الهاجري سفير دولة قطر لدى السلطنة مؤخرا بالعلاقات الثنائية المتميزة القائمة بين البلدين منذ أكثر من أربعة عقود.

ومما لا شك فيه فإن العلاقات العمانية الخليجية بصفة عامة والعمانية القطرية بصفة خاصة تتميز بعلاقات قوية ونشطة وأزلية على كافة المستويات، وأن الجانبين يعملان على دفع وتعزيز هذه العلاقات لمجالات أرحب وفي مختلف الجوانب، وخاصة في المجالات الاقتصادية منها. فالأزمة التي تواجهها دولة قطر ساهمت بشكل أو بآخر في زيادة التواصل بين التجار ورجال الأعمال في البلدين، وأدى ذلك إلى تنظيم مزيد من اللقاءات بين الوفود التجارية وفتحت مرحلة جديدة من الشراكة المستقبلية.

وتشير المصادر القطرية إلى ارتفاع وتيرة الاستثمارات المشتركة بين قطر والسلطنة، وتضاعف حجم التبادل التجاري بينهما، إذ يتوقع خبراء ارتفاع حجم التجارة بين قطر وعُمان من ثلاثة مليارات ريال قطري (815 مليون دولار) إلى ستة مليارات (1.6 مليار دولار) نتيجة زيادة واردات قطر من السلطنة بعد الحصار الاقتصادي الذي تعرضت له. وبلغ حجم الاستثمارات المشتركة بين قطر والسلطنة أكثر من 5.5 مليار ريال قطري (1.5 مليار دولار)، منها 427 مليون ريال (116 مليون دولار) استثمارات عمانية في قطر، وتشمل توريد المواد الغذائية ومواد البناء إلى الأسواق القطرية، بالإضافة إلى تخطيط رجال أعمال البلدين لإنشاء مصانع في قطر. وقد تنوعت أوجه الاستثمارات القطرية في السلطنة قبل بداية الأزمة أسوة بالدول الخليجية الأخرى، لتشمل قطاعات مختلفة كالكهرباء، وتجميع السيارات، وقطاع الاتصالات، والمواد الغذائية، والقطاع السياحي، إذ تعد قطر من أبرز الشركاء في محطة توليد الكهرباء العمانية التي أنشئت عام 2015 بتكلفة 15.5 مليار دولار. وفي هذا الصدد، يشير صالح بن حمد الشرقي المدير العام لغرفة تجارة وصناعة قطر إلى إن التعاون والاستثمار المشترك بين السلطنة وقطر تعاون مثمر، ويتم بوتيرة متسارعة للغاية، خاصة بعد الزيارة الأخيرة التي قامت الغرفة بتنظيمها إلى السلطنة بمشاركة عدد كبير من رجال الأعمال القطريين في أوائل يونيو الماضي. وشهدت الزيارة توقيع اتفاقيات تعاون ومذكرات تفاهم وعرض العديد من الفرص الاستثمارية المتاحة أمام المستثمرين من البلدين.

ويفيد التقريرالشهري لغرفة تجارة وصناعة قطر حول التجارة الخارجية للقطاع الخاص بأن السلطنة تتصدر قائمة الدول المستقبلة للصادرات القطرية غير النفطية في يونيو 2017، بإجمالي صادرات بلغت قيمتها 297 مليون ريال قطري (80 مليون دولار)، أي 37% من إجمالي الصادرات القطرية غير النفطية في الشهر نفسه. كما أن حجم استثمارات القطاع الخاص القطري في السلطنة بلغ 727 مليون ريال قطري (197 مليون دولار)، تتضمن مساهمة مستثمرين قطريين في 148 شركة، في حين تزيد استثمارات القطاع الحكومي القطري في السلطنة عن 4 مليارات دولار حيث إن من أهم المشاريع الاستثمارية القطرية في عمان تتضمن مشروع رأس الحد السياحي، ومصنع لتجميع السيارات في المنطقة الاقتصادية. أما الاستثمارات العمانية في قطر فتكمن في تواجد 115 شركة عمانية في قطر في إطار ملكية كاملة، بالإضافة إلى 106 شركات قطرية عمانية مشتركة يبلغ رأس مالها نحو 427.4 مليون ريال قطري.

ولتعزيز هذه العلاقات فقد بدأت قبل مدة وجيزة مباحثات ومفاوضات بين رجال أعمال قطريين وعمانيين للتعاون في قطاعات صناعية إنتاجية في كلا البلدين سيعلن عنها لاحقا. ويؤكد المسؤولون في قطر بأنه يتم توفير مزايا تشجيعية جاذبة للمستثمرين العمانيين، حيث تتم معاملتهم بنفس معاملة المستثمر القطري، ويحصل العمانيون على المزايا الاستثمارية نفسها التي يحظى بها القطريون، وأن عدة شركات عمانية أبدت رغبتها واستعدادها للعمل في السوق القطري.

إن الحركة التجارية بين البلدين تضاعفت منذ تدشين الخطين البحريين المباشرين من ميناء حمد بالدوحة إلى كل من ميناءي صحار وصلالة العمانيين، وخاصة في مجال واردات الغذاء ومواد البناء الأولية التي تشكل العمود الفقري لحركة الاستثمار والتبادل التجاري بين البلدين حاليا، فيما وقعت غرفة تجارة وصناعة قطر اتفاقية مع وكالة ضمان ائتمان الصادرات العمانية (كريدت عمان) المتخصصة في مجال تأمين الائتمان، وتلتزم بموجبها الوكالة العمانية بتقديم تأمين ائتمان للصادرات العمانية لمشترين قطريين بصورة عاجلة للحفاظ على حقوق المستثمرين في كلا البلدين.

إن الشراكة العمانية القطرية ليست بجديدة على حكومتي وشعبي البلدين الشقيقين، فمنذ بداية السبعينات من القرن الماضي توجت العلاقات بين السلطنة ودولة قطر الشقيقة في المجال التعليمي والتجاري، وقفزات لعدة قطاعات أخرى، خاصة الاقتصادية منها. ومع تأسيس مجلس التعاون الخليجي عام 1981، وتوقيع الاتفاقية الاقتصادية المشتركة بين الدول الخليجية نشطت المبادلات التجارية بين البلدين، وتم تأسيس عدد من الشركات المشتركة منها الشركة العمانية القطرية التي لها مكاتب في كل من الدوحة ومسقط، كما تدفقت بعض الاستثمارات بين البلدين في إطار التعاون الاقتصادي بين دول المجلس.

وهناك اليوم أكثر من تعاون بين البلدين في مجال الاستثمارات المشتركة لتطوير 12 قطاعا إنتاجيا بين البلدين بالإضافة إلى التعاون في العلمي والبحثي، والمساهمة في تمويل المشروعات التنموية في السلطنة، وأن هذا التعاون لا يتوقف على حدوث زيادة الواردات وتسيير المزيد من البواخر والطائرات إلى الموانئ والمطارات القطرية، وإنما يتم إعداد مزيد من الدراسات لإنشاء المصانع الغذائية والصناعات التي تخدم جميع أبناء دول المجلس.

 

[email protected]