المنوعات

مغربية تبدع بقدميها لوحات فنية

24 أغسطس 2017
24 أغسطس 2017

الرباط، «الأناضول»: في كل يوم يتجدد موعدها مع سائحين في زاوية من ساحة «القمرة» الشهيرة، وسط مدينة «أصيلة» شمالي المغرب، حيث تجلس كريمة الجعادي (38 سنة) عن يسار لوحاتها التشكيلية، فيما تنهمك في إكمال لوحات أخرى مُستعملة طريقة فريدة.

تُنجز كريمة رسوماتها بواسطة أصابع قدمها اليسرى؛ بسبب ولادتها بإعاقة تمنعها من تحريك يديها؛ لأنهما غير مُكتملتي النمو.

تستوحي رسوماتها من مُحيطها في مدينة «أصيلة»، حيث يهيمن لون السماء والبحر على الفضاء كله.

وتستعمل قطعًا خشبيةً تنقل على سطحها شواطئ المدينة المغربية وأزقتها وأقواس أبوابها التاريخية.

تقول كريمة الجعادي للأناضول، إنها ولدت بيدين وقدمين غير مكتملتي النمو، ما جعلها تسلك طريقًا طويلًا من العمليات الجراحية الفاشلة في المغرب، إلا أن مساعدة إحدى الجمعيات الخيرية الإسبانية مكنتها من السفر إلى إسبانيا وإجراء عمليتين جراحيتين.

تكللت العمليتان الجراحيتان بالنجاح، ومنحتاها قُدرة على تحريك نسبي ليديها، وإمكانية لتحريك قدميها، خُصوصا اليسرى.

بشكل كبير تعتمد كريمة في حياتها على قدميها، إذ تنظف منزلها الصغير، وتطهو، وتعتني بنفسها بواسطة رجليها.

وعن اعتمادها الكبير في حياتها على قدميها تقول كريمة: «لما تُحرم من عضو أو حاسة أو خاصية ما، فإن عُضوا آخر يعتاد على تعويض تلك النقائص، ولهذا اعتدت تدبير أموري اليومية بقدمي، لكنني لا أخفي أن في الأمر صعوبة كبيرة».

تعود أول محاولة رسم قامت بها كريمة إلى أربعة وعشرين سنة مضت (عام 1993)، فبعد تعافيها من آخر عملية جراحية، بدأت تصنع الدمى وترسم، رفقة أختها، ما شكل بداية لإخراج موهبتها في الرسم.

وتمثلت أول محاولة لكريمة في رسم المستشفى الذي عولجت فيه بإسبانيا، لتكون هذه اللوحة بداية مسارها الفني بعد دعم جمعيات غير حُكومية لها.

وتقول الشابة المغربية: «وجدت الريشة خفيفة وسلسة جدا بين أصابع قدمي، فكان الرسم رفيقي ومصدر دخلي الأول، خُصوصا بعد وفاة والدتي وانشغال العائلة عني».

وشاركت كريمة في معرضين بإسبانيا، أولهما (وهو الأول لها) عام 1995 وكان عمرها آنذاك نحو 15 سنة، وثالث في فرنسا، إضافة إلى معارض بالمغرب، في حين تتخذ من ساحة «القمرة»، في مدينة أصيلة، معرضا دائما لها.

يُشكل بيع اللوحات مصدر الرزق الوحيد لكريمة، خُصوصا بعد وفاة والدتها التي كانت تعيلها.

وتقول إنها قررت الاستمرار في الرسم من أجل تحدي الإعاقة، وأيضا تحدي الظروف الاجتماعية التي تعيشها.

وتحرص كريمة على حضور ورشات الرسم، خُصوصًا تلك المفتوحة للعامة، إذ تجد فيها فرصة لبيع لوحاتها، سواء لمغاربة أو أجانب.

ورغم إقبال الناس على لوحاتها، إلا أن كريمة تجد صعوبة في تغطية مصاريفها اليومية في فصل الشتاء، مرجعة ذلك إلى كونها تشتغل في فضاء مفتوح في الهواء الطلق، ما يجعل لوحاتها عرضة للتلف، إن عرضتها في الشتاء.