1091196
1091196
إشراقات

الحج فريضة لازمة.. والإنسان مأمور بأن يعجل أداءها

24 أغسطس 2017
24 أغسطس 2017

الخليلي: التلبية تعني الوفاء بعهد الله والوقوف عند حدوده والانقياد لأمره والإذعان لطاعته

الإنسان عندما يلبي يستحضر الاستجابة لداعي الله.. وصرخة إبراهيم الخليل

متابعة: سالم بن حمدان الحسيني -

أوضح سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة أنه من الخطأ أن يؤخر الانسان فريضة الحج من حال إلى حال بسبب ما يتوهمه من العسر والمشقة، حيث انها فريضة لازمة، والانسان مأمور بأن يعجل أداءها، لأن الانسان شأنه بعد عمر الفتوة وعمر القوة أن يؤول إلى الضعف عندما يتقدم في العمر.. موضحا أن الأعمال التي يمارسها الحاج فيها سهولة ويسر، والنبي صلى الله عليه وسلم درأ على الناس كل ما فيه مشقة، مشيرا سماحته إلى أن الإنسان قد تعوقه عوائق تحول بينه وبين أداء هذه المناسك فلذلك يجب عليه أن يسارع إلى أداء فريضته.. حيث إن الأحوال تزداد ضيقا ومشقة عندما يؤخر الإنسان هذه الفريضة من حال الى حال.

وأضاف: ان من معاني التلبية أنها تدل على التحول من وضع الى وضع، فهي ليست شقشقة باللسان يرددها الإنسان من غير التزام بما تتضمنه من المعاني، إنما يلزم ان تكون هذه التلبية وفاء بعهد الله، ووقوفا عند حدوده وانقيادا لأمره وإذعانا لطاعته، ودعا سماحته إلى مراعاة ظروف المرأة في الأسفار وأثناء أداء هذه الشعيرة وتذليل العوائق التي تعيقها عن أداء مناسك الحج.. جاء ذلك في احد لقاءاته في برنامج سؤال أهل الذكر من تلفزيون سلطنة عمان.. نتابع المزيد مما قاله سماحته في هذا اللقاء:

لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. هذه الجملة عميقة المعاني لها أثر كبير في النفس.. والمسلم عندما يرددها وتنشق بها حنجرته يشعر براحة وسعادة، وهو هنا بحاجة الى ان يتعلم أسرارها وان يقف عند معانيها حتى يكون لها أثر في حياته كلها بإذن الله..

يقول الله تبارك وتعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ).. هذا الخطاب موجه الى خليل الله إبراهيم عليه السلام الذي بوأه الله سبحانه وتعالى ذلك المبوأ العظيم، ومنّ عليه بأن جعله ممن خدم بيته المحرم، إذ نزل هناك ببعض ذريته فأسكنهم هناك بالبيت المحرم ليقيموا الصلاة، وكانت عمارة البيت على يديه ويدي ابنه إسماعيل عليهما السلام، اذ يقول سبحانه: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ، رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) فقد أمر إبراهيم إليه السلام بعدما أتم الله سبحانه وتعالى على يديه تجديد بناء البيت العتيق بأن يؤذن في الناس بالحج ليستجيب من استجاب، ويحرم من يحرم من هذه الاستجابة، والناس عندما يلبون انما يلبون استجابة لذلك النداء، وتحقيقا لأمر الله سبحانه وتعال بأن يأتي الناس رجالا وعلى كل ضامر ومن كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم.

وأضاف: الله سبحانه وتعالى كتب لمن شاء له ان يستجيب أن يلبي ذلك النداء، فالإنسان عندما يلبي أولا يستحضر انه يستجيب لداعي الله سبحانه وتعالى، يستجيب لتلك الصرخة التي نادى بها إبراهيم عليه السلام على جبل أبي قبيس فشاء الله سبحانه وتعالى ان يستجيب لمن كتب له ان يحج او يعتمر، وهذه التلبية انما تعني انسلاخا من عهد ودخولا في عهد، تعني انسلاخا من العهد الماضي الذي هو حافل بالمعاصي والمخالفة لأمر الله والخروج عن حدود الله سبحانه وتعالى واتباع هوى النفس الى عهد جديد، عهد يكون حافلا بطاعة الله سبحانه وتعالى بحيث يتحول مجرى الحياة بأسرها من الشر الى الخير، ومن المعصية الى الطاعة من الضلالة الى الهدى ومن الغي الى الرشد ومن النفرة الى الألفة، من التشتت الى الاجتماع، فمن أحسن ذلك الاجتماع.. الاجتماع العظيم الذي يجمع ذلك اللفيف من عباد الله تعالى، ووفوده الذين يأتون من بقاع الأرض ملبين داعي الله سبحانه وتعالى مستجيبين لذلك النداء، نداء إبراهيم عليه السلام بقولهم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، ان الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك» فالناطق بهذا النداء وان كان إبراهيم عليه السلام الا انه في الحقيقة هو نداء الله، ولذلك كانت التلبية لله سبحانه وتعالى، فالإنسان يقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك» أي إقامة على طاعتك بعد إقامة، ومعنى ذلك ان تستمر هذه الإقامة على طاعة الله سبحانه وتعالى والامتثال لأمره والازدجار عن نهيه، والاتعاظ بموعظته والاقتداء بخيرة خلقه الذين اصطفاهم من خلقه بأن جعلهم هداة مهتدين ارسلهم بعدما صُنعوا على عينه ليكونوا مبشرين ومنذرين وعلى خاتمتهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي اختاره لحمل هذه الأمانة الى الامة ولتجديد الحنيفية التي بعث بها إبراهيم عليه السلام وجاء بها النبيون من قبل، فإذن هذه التلبية من معانيها وأبعادها أنها تدل على التحول من وضع الى وضع، فلذلك يجب ان تكون هذه التلبية ليست شقشقة باللسان يرددها الانسان من غير التزام بما تتضمنه من المعاني، انما يلزم ان تكون هذه التلبية وفاء بعهد الله، ووقوفا عند حدوده وانقيادا لأمره وإذعانا لطاعته.

هذه الكلمة التي جعلت المسلمين خالصين لله سبحانه وتعالى، يجتمعون في ذلك المكان الطاهر استجابة لهذه الكلمة العميقة، ومعنى ذلك انهم سيجسدون معاني الإسلام كلها في ذلك الاجتماع العظيم لأداء المناسك.. هنا لكم دعوة معلومة في ضرورة إعادة صياغة الأمة .. في جانب الحج ما هي الدعوة التي توجهونها حتى يكون لهذا الموسم العظيم أثره في جانب الأخوة وفي جوانب العبادات المختلفة حتى يكون له الأثر الملموس على واقع المسلمين؟

لا ريب ان الحج فرصة للقاء الأمة ببعضها ببعض والتئام شملها وانتظام أمرها وتحطيم الحواجز التي بينها، فان كل قطر من أقطار الإسلام، وكل صقع من أصقاع هذه الأرض يأتي منه من يمثل أهل ذلك القطر وأهل تلكم الناحية في هذا اللقاء العظيم، فإذن هؤلاء الذين يمثلون الأمة بحضور هذا الاجتماع العظيم والالتفاف حول بيت الله الحرام في ذلك اللقاء الذي يجمع بين الأعجمي والعربي، بين الأبيض والأسود وبين الغني والفقير، بين الحاكم والمحكوم، بين القوي والضعيف، هذا الذي يأتي ممثلا يجب ان يكون متحملا للأمانة بجدارة، وعارفا لما يتطلبه الأمر، عليه أولا ان يكون على وعي بحال الأمة وقادرا على الأخذ والعطاء، ولا يعني هذا ان يتكلف الإنسان ما لا يتحمله ولكن لكل احد طاقات، ولكل احد قدرات، فهذه الملكات يجب ان تطلق حتى تتنفس وتجد الميدان الذي تؤدي فيه وظيفتها، فالناس مختلفون في شؤون حياتهم في هذه الدنيا منهم الفقهاء ومنهم الخبراء في مجالات أخرى من مجالات هذه الحياة، ومنهم المصلحون ومنهم كما هو معلوم الأطباء ومهم المهرة في شؤون شتى.. هذه الشؤون كلها يجب ان تنظم، ويجب ان تؤطر كلها في الإطار الشرعي، وان يكون كتاب الله سبحانه وتعالى هو الذي يوجهها، فإذن من المفروض ان يكون كتاب الله سبحانه وتعالى هو الذي يُمكّن من إطلاق هذه الملكات، وتفجير هذه الطاقات في تلكم الأرض المقدسة لتعود الأمة الى القوة بعض الضعف، وإلى العزة بعد الذل، والى الاجتماع بعد التفرق، وإلى التآلف بعد التنافر.

وقال: كما قلنا ان إعادة صياغة هذه الأمة انما يجب ان تكون هذه الإعادة لتتحول الأمة الى أمة قرآنية، قرآنية المعتقد والنزعة، قرآنية المورد والمصدر، قرآنية العقيدة والفكر، حتى تكون هذه الأمة يتجسد في حياتها القرآن، بكل ما فيه من هداية، وبكل ما فيه من خير، وبكل فيه من جمع لكلمتها، وتأليف لقلوبها، ورأب لصدعها وتوحيد لصفها، عندئذ يمكن لهذه الأمة وهي الآن بهذا العدد الهائل في هذه الأرض ان تحقق العجب العجاب، يمكن ان يعيد الله سبحانه وتعالى عليها كرّة الخير، حتى تنعم الإنسانية بأسرها بهذا الخير كما نعمت من قبل عندما قاد تلك الحملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت على يديه دورة تأريخية ما عرف التاريخ لها نظيرا.

هناك فكرة ربما يظنها بعض الناس ان الحج فيه مشقة كبيرة، وان الذي يذهب الى الحج كالذي يذهب الى مغامرة لا يدري ما هي نهايتها، يشاهد مثلا زحمة في رمي الجمرات وفي الطواف، فيتبقى في نفسه شيء من الخوف، ولذلك البعض يؤجل فريضة الحج الى ان يمضي به العمر، لهذه الأشياء التي يسمعها.. نريد من سماحتكم ان تحدثوننا من منطلق شرعي عن مظاهر التيسير في فريضة الحج وكيف أنها سهلة حالما وعى المسلمون وحالما انتبهوا لهذه القضايا؟

الله سبحانه وتعالى لم يكلف عسيرا، وإنما كلف يسيرا.. (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) فالله تبارك وتعالى فرض الحج لمصلحة العباد وقد أخبر سبحانه بأن في الحج منافع للناس.. (لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)، فيجب أولا ان يعلم الانسان ان الحج انما فرض على المستطيع.. (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا)، فالحج واجب على من ملك الاستطاعة، والاستطاعة هنا هي الاستطاعة البدنية والاستطاعة المالية، فالإنسان الذي لا يجد الزاد الذي يبلغه الحج، وآلة الركوب التي تبلغه الى الحج أي لا يستطيع سبيلا إليها لفقره وحاجته فانه لا يكلف الحج، إنما الحج على المستطيع وكذلك بالنسبة الى المريض، الذي هو غير قادر على ممارس الحج بنفسه فإن له أن ينيب غيره ان كان واجدا للمال الذي يمكّنه من أداء هذه الفريضة لولا المرض الذي يعوقه عن ذلك، كذلك لو جئنا الى المناسك لوجدنا المناسك كلها ميسرة، فالله سبحانه وتعالى جعل الإحرام ميسرا ليست فيه معاناة وليست فيه مشقة، وإن كان الإنسان يخرج عن مألوفه ولربما كان الخروج عن المألوف فيه شيء من المشقة، إلا ان هذا الخروج لمّا كان لطاعة الله وللانقياد لأمره يجد الإنسان فيه لذة، حسبه ان يكون في احرامه هذا ما يذكّره بالتجرد لله سبحانه وتعالى، والتزام لأمره ليتجرد في حياته لأمر الله ولينقاد لحكمه ويتمكن من السيطرة على نزعاته ونزغاته وان يكون مهيمنا على حركاته وسكناته، ثم ان ذكر المشروع ليست فيه مشقة، يلبي الإنسان بقدر استطاعته فعندما يبح حلقه ولا يتمكن من مواصلة التلبية فليلبي سرا ان كان غير قادر على الجهر بالتلبية او ليسكت فترة ما وليلبي الآخرون وإنما يشاركهم الإحساس بهيبة الموقف والإحساس بعظمة الذكر، ولو جئنا كذلك الى الأعمال التي يمارسها الحاج في حجه فان هذه الأعمال إنما تؤدى بطريقة فيها يسر، والنبي صلى الله عليه وسلم درأ على الناس كل ما فيه مشقة، لما كانت حجته صلى الله عليه وسلم تجسيدا وترجمة لمناسك الحج حتى يتلقى الناس عنه مناسكهم كان صلى الله عليه وسلم حريصا على التنبيه عندما يكون هناك أمر من الأمور حكمه أوسع من فعله صلى الله عليه وسلم ينبه على ذلك لئلا يتقيد الناس بفعله، ومن ذلك انه قال: «وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف» حتى لا يتزاحم الناس على مكان معين وهي البقعة التي وقف فيها صلى الله عليه وسلم ويكون في ذلك ضيق عليهم، وقال صلى الله عليه وسلم: وقفت ها هنا وجمع كلها موقف» يعني في المزدلفة، وقال: «نحرت ها هنا ومنى كلها منحر»، وفي رواية: «نحرت ها هنا ومنى كلها منحر، وفجاج مكة كلها منحر»، ومعنى ذلك انه أينما نحر في ارض الحرم فقد بلغ الهدي محله، كذلك نجد النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يسألونه فيما كانوا يجهلونه او فيما كانوا ينسونه من الأعمال بحيث يقدمون عملا على عمل، او يقدمون نسكا على نسك، وفي ذلك مخالفة على الترتيب الذي عمله صلى الله عليه وسلم كان يقول لسائله: افعل ولا حرج، فعندما جاءه احد وقال: يا رسول الله ما شعرت، نحرت قبل ان ارمي، قال له: ارم ولا حرج، أو نحرت قبل أن أحلق، قال له: احلق ولا حرج، وكل ما سأله عنه مما كان من تقديم أو تأخير كان يقول: أفعل ولا حرج، ومعنى ذلك انه يوسع للإنسان في حال ما إذا كان جاهلا أو ما إذا كان ناسيا حتى لا يقع في حرج، وذلك كله من اليسر في أداء هذه المناسك.

وأضاف: لو جئنا الى طواف الإفاضة فان طواف الإفاضة قد يكون الازدحام فيه اكثر من غيره ولكن هذا الازدحام يمكن ان يتقى بحيث تجعل الأيام كلها أيام طواف، فلا يلزم ان يكون الطواف في يوم النحر نفسه، يمكن للإنسان ان يؤخر طوافه فيطوف في أيام التشريق ويمكنه ان يؤخر طوافه الى ان يرجع من منى، وعندما يكون الانسان في مشقة بحيث يعسر عليه لضيق الأمر إما لكثرة الازدحام وإما لعدم توفر صحته ان يطوف طواف الإفاضة ثم بعد ذلك يطوف طواف الوداع فانه ينفس له ان يطوف طواف الإفاضة عندما يودع فيجتزئ بطواف الإفاضة عن الوداع ويكون طوافه ذلك مغنيا له عن وداعه، وهذا من جملة التيسير الذي جعله الله سبحانه وتعالى في أداء هذه المناسك، وكذلك لو وقع إنسان في ضرورة من الضرورات التي تؤدي به الى ألا يتقي شيئا من محظورات الإحرام كأن يضطر الى الحلق بسبب علاج لمرض به فانه يشرع له ان يفعل ما اضطر إليه ومع ذلك يجبر نسكه بصيام أو صدقة أو نسك، كما جاء في القرآن الكريم وكما دل على ذلك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة كعب ابن عجرة رضي الله تعالى عنه، فإذن هذا كله من التيسير وليس الأمر كما يتصوره الناس.

وأشار الى انه من الخطأ البيّن ان يقول الإنسان بأنه يؤخر فريضة الحج من حال الى حال بسبب ما يتوهمه من العسر والمشقة فان هذه الفريضة فريضة لازمة، والإنسان مأمور بان يعجل أداءها ذلك لان الإنسان شأنه بعد عمر الفتوة وعمر القوة ان يؤول الى الضعف فعندما يتقدم في العمر لا يزداد قوة وإنما يزداد ضعفا فتنقص قوته شيئا فشيئا فان لم يؤد هذه الفريضة في وقت شبابه ووقت قوته وفتوته إذن متى يؤديها؟ هل يؤديها عندما يهرم؟ وكذلك قد يفتقر الغني وقد يشتغل الفارغ، وقد تعوق الإنسان عوائق بعد ان كان منطلقا وقادرا على أداء هذه المناسك فلذلك يجب على الإنسان ان يسارع.. كما قال الحق سبحانه: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) على ان الازدحام نفسه لا يقل فكلما جاء عام كان الازدحام اكثر من العام الذي قبله فالأحوال تزداد ضيقا وتزداد مشقة عندما يؤخر الإنسان هذه الفريضة من حال إلى حال.

تشتكي بعض النساء من بعض أصحاب الحملات لأنهم لا يضعون لهن موقعا، فالمرأة قد تقول ولا يسمع قولها وأيضا لا تستشار في الوقوف وفي التأخر وفي المسكن وفي غيرها.. هل من توجيه في هذا الموضوع؟

المرأة لها ظروف معينة لابد من ان تراعى في الإسفار ولذلك كان من المفروض على الرجال عندما يعوق المرأة عائق عن أداء نسك من الحج كأن يحال بينها وبين الطواف مثلا، من المفروض على الرجال ان ينتظروها وان يقدروا ظروفها فضلا عن الظروف والأحوال الأخرى التي تتعلق بحياة المرأة على ان المرأة حتى في أمور الرجال استشارها الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يعنيها ويعني من عنده، ولم يكن ذلك أمرا خاصا بها، ومع هذا استشارها الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك عندما ضاق الرسول صلى الله عليه وسلم ذرعا بكون أصحابه رضي الله تعالى عنهم شق عليهم ان يتحللوا من إحرامهم عندما صدهم المشركون عن العمرة في عام الحديبية، ودخل على أم سلمة رضي الله تعالى عنها فأخبرها بهذا الأمر، فأشارت إليه صلوات الله وسلامه عليه بأن يخرج الى الناس وأن ينحر هديه وأن يحلق رأسه ففعل الرسول صلى الله عليه وسلم وتزاحم الناس على الحلق اتباعا لما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت المرأة مباركة في مشورتها التي قدمتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أحصف الناس رأيا وأوفرهم عقلا وأكثرهم دراية وذلك أسوة لجميع الرجال.. (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، فإذن على الرجال ان يقدروا ولو جئنا الى رب الأسرة عليه انه يقدر آراء أفزاد الأسرة ومن بينهم المرأة سواء كانت أما أو كانت زوجة أو كانت أختا او كانت بنتا، كذلك بالنسبة للحملة التي فيها نساء لابد من أخذ آرائهن وتقدير ظروفهن والسعي الى حل مشكلاتهن، لا ان يكن تبعا للرجال في كل أمر وهن لا يملكن من الأمر شيئا.. هذه النقطة أدعو الناس الى أن يتنبهوا لها، وأن يقدروها.