1089934
1089934
إشراقات

الصوافي: الأيام العشر أفضل أيام الدنيا.. وصيام التاسع فيه من الخيرات أكثر من أن يحصيه العادّون

24 أغسطس 2017
24 أغسطس 2017

الصدقة في هذه الأيام تقعُ من الفقير بالموقع الذي يحبُّه اللهُ سبحانه وتعالى -

قال فضيلة الشيخ حمود بن حميد الصوافي في خطبة له عن فضل أيام عشر ذي الحجة: إن الله سبحانه وتعالى جعل الشهورَ والأعوامَ واللياليَ والأيّامَ مقاديرَ للآجالِ، ومواقيتَ للأعمالِ، وجعلَ للخيرِ مواسمَ، فقد اختصَّ أيّامًا من أيّامِه بمزيدٍ من الخير، وفضّلَ بعضَ الأزمنةِ على بعضٍ؛ ليتنافسَ فيها المتنافسون، ويتسابقَ فيها المتسابقون، ويعملَ فيها المُجدِّون المشمِّرون الذين عرفوا سرَّ وجودِهم في هذه الحياةِ، وحكمةَ خلْقِ اللهِ لهم في هذا الكونِ (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).

وأضاف: إنَّ من الأزمنةِ التي اختصَّها اللهُ سبحانه وتعالى، وجعلَها ميقاتًا للتجارةِ الرابحةِ؛ هذه الأيامُ العشرُ التي تسيرُ بكم الآنَ فيها مركبةُ الحياة، وهي عشرُ ذي الحجّةِ، فهي الأيامُ المعلوماتُ التي ذكرَها اللهُ سبحانه وتعالى في قولِه: (ليشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).. وهي العشرُ التي أتمَّ اللهُ بها ميقاتَ موسى عليه السلامُ (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)، ولشرَفِ هذه الأيامِ أقسمَ اللهُ سبحانه وتعالى بلياليها في قولِه عزَّ من قائلٍ: (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ)، وقد بيّنَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنَّ العملَ الصالحَ في هذه الأيامِ أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ من العملِ في غيرِها، فعن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ما من أيّامٍ أعظم عند اللهِ سبحانه، ولا أحبّ إليه العملُ فيهنَّ من هذه الأيامِ العشرِ، فأكثِروا فيهنَّ من التهليلِ والتكبيرِ والتحميد». وعن ابنِ عباسٍ -رضيَ اللهُ عنهما- قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ما من أيامٍ العملُ الصالحُ فيها أحبُّ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ من هذه الأيامِ»؛ يعني الأيامَ العشرَ، قالوا: يا رسولَ اللهِ، ولا الجهاد في سبيلِ اللهِ؟! قال: «ولا الجهادَ في سبيلِ اللهِ إلا رجلٌ خرجَ بنفسِه ومالِه، ثمّ لم يرجعْ بشيءٍ من ذلك».

وأوضح فضيلته: إن العمل الصالح الذي يحبُّ اللهُ سبحانه وتعالى الإكثارَ منه في خاصّةِ هذه الأيامِ العشرِ يشملُ الصلاةَ والصيامَ، والدعاءَ والذكرَ والاستغفارَ، والصدقةَ بالمالِ، وسائرَ أفعالِ البرِّ والإحسانِ، فللصدقةِ في هذه الأيامِ شأنٌ كبيرٌ وفضلٌ كثيرٌ؛ لأنّها تُصادِفُ من الفقيرِ موضعَ حاجتِه، وشدّةَ فاقتِه؛ لما يتطلّبُه الفقيرُ للعيدِ من النفقةِ والكِسوةِ وسائرِ المؤنةِ الضروريةِ، فالصدقةُ في هذه الأيامِ تقعُ من الفقيرِ بالموقعِ الذي يحبُّه اللهُ سبحانه وتعالى من تفريجِ كربتِه، وقضاءِ حاجتِه، وإدخالِ السرورِ عليه وعلى أهلِ بيتِه.. (من ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ). ويقول تعالى: (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ)، ويقول سبحانه: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).. فالصدقةُ تطفئُ الخطيئةَ كما يُطفئُ الماءُ النارَ».. و«الصدقةُ تطفئُ غضبَ الربِّ»، و»الصدقةُ تقي مصارعَ السوءِ، وتدفعُ ميتةَ السوءِ»، «في كلِّ يومٍ ينادي ملكانِ، يقولُ أحدُهما: اللهمَّ أعطِ مُنفِقاً خلَفَاً، ويقولُ الآخرُ: اللهمَّ أعطِ مُمسِكاً تلَفَاً»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَن نفّسَ عن مؤمنٍ كُرْبةً من كُرَبِ الدنيا نفّسَ اللهُ عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومَ القيامةِ، ومَن يسّرَ على مُعسِرٍ يسّرَ اللهُ عليه في الدنيا والآخرةِ، ومن سترَ مسلماً سترَه اللهُ في الدنيا والآخرةِ، واللهُ في عونِ العبدِ ما دام العبدُ في عونِ أخيه».

وأشار إلى ان الصيام من الأعمالِ التي يحبُّها اللهُ سبحانه وتعالى في هذه الأيامِ العشرِ؛ لأنَّ هذه الأيامَ هي أفضلُ أيامِ الدنيا؛ من أجلِ أنَّ فيها يومَ عرفة، الذي نزلَ فيه قولُ اللهِ تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا)، والذي قالَ فيه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ أيامِكم يومُ عرفة، وأفضلُ ما قلتُ أنا والنبيّون مِن قبلي عشيّةَ عرفة: لا إلهَ إلا اللهُ، وحده لا شريكَ له، له الملكُ وله الحمدُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ»، وعن أبي الدرداء قالَ: «عليكم بصومِ أيامِ العشرِ، وإكثارِ الدعاءِ والاستغفارِ، والصدقةِ فيها؛ فإنّي سمعتُ نبيَّكم محمداً  يقولُ: «الويلُ لمَن حُرِمَ خيرَ عشرِ ذي الحجّةِ».

وقال فضيلته: عليكم بصيامِ التاسعِ خاصّةً؛ فإنَّ فيه من الخيراتِ أكثرَ من أن يحصيَه العادّون، وعن أبي قتادةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «صومُ يومِ عرفة يكفِّرُ سنتين ماضيةً ومستقبلَةً، وصومُ يومِ عاشوراءَ يكفِّرُ سنةً ماضيةً». ويكفي الصومَ مزيّةً وشرفاً وفضلاً قولُه صلى الله عليه وسلم: «كلًّ عملِ ابنِ آدم له يُضاعَف، الحسنةُ بعشرِ أمثالِها إلى سبعمائةِ ضِعفٍ، قالَ اللهُ تعالى: إلا الصومَ فإنَّه لي، وأنا أجزي به، يدعُ شهوتَه وطعامَه من أجلي»، «للصائمِ فرحتانِ: فرحةٌ عند فطرِه، وفرحةٌ عند لقاءِ ربِّه»، و«لخلوفُ فمِ الصائمِ أطيّبُ عند اللهِ من ريحِ المسكِ». فاتقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ، وسارعوا إلى الأعمالِ الصالحةِ التي تقرِّبُكم إلى اللهِ عزَّ وجلَّ في يومٍ لا ينفعُ فيه مالٌ ولا بنون، إلا من أتى اللهَ بقلبٍ سليم، والكيّسُ مَن دانَ نفسَه، وعملَ لما بعد الموتِ، والعاجزُ مَن أعطى نفسَه هواها، وتمنّى على اللهِ الأمانيَّ»، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم: «خصلتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ من الناسِ : الصحةُ والفراغُ»، وقوله: «بادروا بالأعمالِ سبعاً، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسياً، أو غنى مُطغياً، أو مرضاً مُفسداً، أو هرَماً مُفنِداً، أو موتاً مُجهِزاً، أو الدجالَ، فالدجالُ شرُّ غائبٍ يُنتَظرُ، أو الساعةَ، فالساعةُ أدهى وأمرُ».