1090404
1090404
إشراقات

نشر صور الأضاحي والتعليق عليها.. ليس من تعظيم شعائر الله

24 أغسطس 2017
24 أغسطس 2017

الخوالدي: تتفيأون هذه الأيام ظلال أيام مباركات أقسم الله بها إعلاء لشأنها وبيانا لفضلها

أيام العشر الأوائل من ذي الحجة ترفع فيها الدرجات وتضاعف الأجور.. وصوم عرفة فضله عظيم

متابعة: سالم بن حمدان الحسيني -

أوضح فضيلة الشيخ خالد بن سالم الخوالدي أن المسلمين يتفيأون هذه الأيام ظلال أيام مباركات معظمات خيّرات زاكيات أقسم الله تعالى سبحانه وتعالى في كتابه إعلاء لشأنها وبيانا لفضلها وهي الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة، قال الله تعالى: (وَالْفَجْرِ، وَلَيَالٍ عَشْرٍ) إنها أيام ترفع فيها الدرجات وتضاعف فيها الأجور وتتقبل فيها الأعمال، ويحب الله تعالى فيها من العبد التقرب بالعمل الصالح، ولا يكون العمل الصالح أحب إلى الله تعالى في شيء من الأيام أكثر من التقرب به في هذه الأيام، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام العمل الصالح فيه أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام -أي من هذه الأيام العشر من ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع بشيء من ذلك»، فعظموا فيها شعائر الله فان ذلك من تقوى القلوب، وعظموا فيها حرمات الله، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ)، تقربوا إلى الله تعالى فيها بما يحب، ففي الحديث القدسي: «وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليه مما افترضته عليه».

وأضاف: فعظموا فرائض الله، يا معاشر المسلمين، صونوا صلاتكم، أدوها جماعة مع عباد الله، أدوا ما عليكم من فرض الصلاة، بروا آباءكم وأمهاتكم، صلوا أرحامكم، أحسنوا إلى جيرانكم، تصدقوا من افضل أموالكم، قولوا الخير ومروا به، انتهوا عن الشر وانهوا الناس عنه، وتناصحوا فيما بينكم، تقربوا إلى الله تعالى بطاهرة الألسن من الفحش والبذاءة والغيبة والكذب والنميمة والفجور من القول، تقربوا إليه بطهارة القلوب من الشح والبخل والغل والحسد، تعلموا العلم النافع وعلموه، قولوا القول الفاضل ومروا به، تقربوا إليه سبحانه بنوافل الصلاة، خاصة قيام الليل، فانه افضل الصلاة بعد الفرائض، وصوموا ما استطعتم من هذه الأيام، فقد وردت في الآثار والأحاديث بتحبيب الصيام فيها، وخصوا اليوم التاسع من ذي الحجة يوم عرفة بالصيام فانه مشروع مسنون، فقد سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية» أي يكفر السنة الماضية والسنة اللاحقة.

ودعا فضيلته في خطبة له إلى قراءة القرآن وترتيله، والاتعاظ بمواعظه وزواجره ونواهيه حيث قال: اقرأوا القرآن ورتلوه، واتعظوا بمواعظه وزواجره ونواهيه، اذكروا الله ذكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا، اجأروا إلى الله تعالى بالدعاء واعلموا أن هذا كله محفوظ موفور عند الله.. (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)، (إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا، أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا).

وأوضح قائلا: إن خاتمة الأيام العشر يوم عظيم معظم عند الله الا وهو يوم النحر، جعله الله تعالى يوم فرحة وبهجة وعيد للمسلمين لأنه يوم يستكمل الحجيج فيه اكثر النسك، ويتقربون فيه بنحر الهدي، ويتقرب المسلمون في الآفاق إلى الله تعالى بنحر الأضاحي فعظموا ذلك اليوم فإنه عظيم القدر عند الله يا معاشر المسلمين، (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) فاستفتحوا ذلك اليوم بتطبيق سنته صلى الله عليه وسلم بالاغتسال والتطيب بأطيب الطيب، ولبس أحسن الثياب، والتبكير إلى مصلى العيد لشهود صلاة العيد مع جماعة المسلمين وأكثروا من ذكر الله حال الخروج إلى المصلى، وأن من أعظم ما يتقرب إلى الله تعالى به في ذلك اليوم أداء صلاة العيد، فإنها سنة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي من شعائر الله، ومن شعار الدين، فحافظوا عليها أيها الناس ومروا أبناءكم وإخوانكم بالمحافظة عليها، وأدوها مع جماعة المصلين في المصليات، وان من احب ما يتقرب به العبد إلى الله في ذلك اليوم نحر الأضاحي فإنها سنة أبيكم إبراهيم، وهدي رسولكم محمد -صلى الله عليه وسلم- وما تقرب ابن آدم في يوم النحر بعمل أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم، وإن له بكل صوفةٍ حسنة، وبكل شعرة من أضحيته حسنة، واعلموا أيها الناس أن الأضاحي لها أربعة شروط لابد أن يحرص المسلم على تحققها فشرطها الأول: النية، فلابد أن ينوي الإنسان بأضحيته النسك، ينوي به الأضحية، فمن لم ينو بذبيحته الأضحية لم تعتبر كذلك، والشرط الثاني الذبح في الوقت المحدد شرعًا، ووقت الأضحية الشرعي من بعد صلاة العيد من يوم النحر، إلى آخر اليوم الثالث عشر من أيام التشريق، فمن ذبح قبل صلاة العيد لم تكن ذبيحته نسكًا، وإنما هي لحم قدمه لأهله، ومن ذبح بعد غروب شمس اليوم الثالث عشر من أيام التشريق لم تكن ذبيحته نسكا، وإنما هي لحم قدمه لأهله، والشرط الثالث: بلوغ الأضاحي للسن المعتبر شرعًا، والسن المجزئ في الأضاحي بالنسبة للضأن، أقل ما يجزئ في الضأن ابن ستة أشهر، وأتم ما يكون فيه ما اكمل السنة ودخل في السنة الثانية، وأما المعز فأقل ما يجزئ فيه ابن سنة وأكمل ما يكون فيه ما اكمل السنتين ودخل السنة الثالثة، وأما البقر والإبل فلا ينبغي للإنسان مع القدرة أن يذبح ما كان دون السنتين، فأكمل ما يكون فيه بنت السنتين التي دخلت في السنة الثالثة، فإنها تجزئ عن البيت وتجزئ عن سبعة بيوت، وان لم يجد أصحاب البيت الواحد من البقر ما بلغ السنتين مع بحثهم فلا حرج عليهم أن ذبحوا ما أكمل سنة من الإبل أو ما أكمل سنة من البقر، لا أقل من ذلك.

وأوضح قائلا: ويمكن في قول بعض أهل العلم أن تجزئ بنت السنة عن البيت والبيتين لا أكثر من ذلك، أما الثلاثة فصاعدا فلابد أن تكون قد بلغت السنتين ودخلت في السنة الثالثة، ومن أهل العلم من يشدد في الإبل والبقر إذا كان عن سبعة بيوت فلابد أن يكون قد أتم خمس سنين ودخل في السنة السادسة، أما الشرط الرابع من شروط الأضحية سلامتها من العيوب، والعيوب المعتبرة في الأضاحي أربعة: العور البيّن، والعرج البيّن، والمرض البيّن، والهزال، فقد ورد عن جابر بن عبدالله -رضي الله تعالى عنه- قال: «نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع من الأضاحي: العوراء البيّن عورها، والعرجاء البيّن عرجها، والمريضة البيّن مرضها، والكبيرة التي لا تلقي، أو قال: والهزيلة التي لا تلقي»، كما أن العبد عليه أن يحرص أتم الحرص على أن تكون أضحيته على أكمل صورة، وأحسنها، فانه ليس لحم يقدمه لأهله فقط، بل هي شعيرة من شعائر الله، ونسك ينسكه لله، وقربة يتقرب بها إلى الله، كلما كان النسك أحسن كان أحرى بالأجر والقبول عند الله، فعليه أن يستشرف الاذان والاسنان وغير ذلك من مظهرها فلا يكون فيها عيب، وفي هذا المقام لابد أن ينبه الناس على تنبيهات، فمن ضمن ذلك ما يقع فيها بعض المسلمين هداهم الله من المبالغة والمباهاة في أسعار الأضاحي، فذلك أمر مرفوض مذموم في الشرع، بل يكون المسلم حريصًا على الاعتدال في قيمة أضحيته، ومن كان غير قادر على شراء الأضحية فلا يتكلف ذلك، فإنها ليست بواجبة، وانما هي سنة مرغب فيها، كما انه يجب على الناس أن يحرصوا أتم الحرص إذا كان من البائعين أن يتنبهوا إلى ضرورة التسهيل على عباد الله، وعدم المبالغة في أسعار الأضاحي، وينوون بذلك إعانة العباد على إحياء هذه السنة العظيمة، وعليهم أن يحسنوا إلى الناس فان الله يحب المحسنين، رحم الله رجلا سمحا إذا باع سمحا إذا اشترى، سماحا إذا اقتضى، وعلى البائعين أيضا أن يتقوا الله في أنفسهم ولا يغشوا المسلمين فيما يعرضون، فلا يخفون ما فيها من العيوب، وليس له أن يلجأ إلى تسمينها في صبيحة يوم العيد مع أنها عجفاء هزيلة، فان ذلك من الغش، وكل رزق جاء من الغش فهو رزق ممحوق البركة، فعنه صلى الله عليه وسلم انه قال: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا، فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وان كذبا وكتما فعسى أن يربحا ربحا، ثم يمحق الله بركة بيعهما». ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من غشنا فليس منا».

وأوضح الخوالدي قائلا: انه مما ينبغي أن ينتبه الناس له أن يترفعوا عن سفاسف الأمور التي يقع فيها بعض الشباب المجترئين –هداهم الله وأصلحهم– من نشر صور للأضاحي وتعليقات سخيفة عليها عبر وسائل التواصل الاجتماعي فان هذا ليس من تعظيم شعائر الله.. (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)، ويقول سبحانه: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ)، وفي الحديث: «وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يظن انها تبلغ ما بلغت فتهوي به في النار سبعين خريفا»، فاتقوا الله فيما تقولون، واتقوا الله فيما تكتبون فان القلم احد اللسانين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «وهل يكب الناس على وجوههم - أو قال على مناخرهم – في النار يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم»، ومما ينبغي أن ينتبه له ضرورة الصدقة من الأضحية فأنها تقسم ثلاثة أثلاث على أكمل ما يكون، يأكلون الثلث ويدخرون الثلث ويتصدقون بالثلث، ولهم أن يتصدقوا بها جميعا، ولهم أن يدخروها أو يأكلوها جميعا، ولكن لا ينبغي لهم ان يفرطوا في شيء من الصدقة، ولو بالشيء اليسير.. يقول تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).

وأضاف: انه مما ينبغي للناس ان يحافظوا عليه في اليوم العاشر من ذي الحجة وما بعده من أيام التشريق ذكر الله امتثالا لأمره جل وعلا: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ)، ويذكروا الله في كل وقت وفي أدبار الصلوات، ويبدأ الذكر من بعد صلاة الظهر من يوم العيد، إلى ما بعد صلاة العصر من اليوم الثالث عشر من أيام ذي الحجة، وهو آخر أيام التشريق، فيذكرون الله بتسبيحه وتحميده وتهليله وشكره على ما انعم عليهم من وافر النعم. فاتقوا الله وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، وعظموا شعائر الله واستفتحوا عيدكم بالخير، وأروا ربكم من أنفسكم خيرا، وجاهدوا أنفسكم حتى تستقيم على أمر الله، وسارعوا إلى ما يحب ربكم ويرضى وعظموا أيام العيد، فلا تفعلوا فيها ما يسخط الله، واعملوا –رحمكم الله– ليوم عصيب أليم شديد رهيب، يوم يقول المولى جل وعلا فيه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ، يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ)، ويقول: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).