1089546
1089546
مرايا

أنعام زغير: التأثر بمبدع معين لا يعني أني أقوم باستنساخ أعماله حرفيا

23 أغسطس 2017
23 أغسطس 2017

ترى أن التشكيلي يشارك المؤرخ في توثيق الأحداث -

بغداد- جبار الربيعي -

حذرت الخزافة العراقية أنعام زغير جاسم من حالة الإهمال التي يشهدها فن الخزف في العراق خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة ندم الكثير من الخزافين الجدد على اختيارهم لهذا النوع من الفن، لكون أعمالهم لا تشترى وكذلك لا تنجز بسهولة نتيجة لعدم توافر الأفران الخاصة بهذا الفن.

عن بداياتها مع عالم الخزف قالت: «منذ كنت بعمر صغير بدأت اللعب بالطين، وكنت أقوم بتنفيذ بعض الأعمال الطينية التي لها علاقة بحضارة وادي الرافدين، وكذلك قمت بتنفيذ أعمال أخرى لحيوانات مختلفة، ومنذ ذلك اليوم ولغاية الآن تعلقت بالأعمال الطينية وعملت الكثير من الأعمال الفنية، وفي عام 1986 دخلت إلى معهد الفنون الجميلة وتخرجت منه 1992 حيث تعلمت فيه بشكل علمي الكثير من الأشياء التي لها علاقة بالخزف، فضلا عن احتكاكي بشكل مباشر مع زملاء وزميلات مختصين بفن الخزف، وهذا الاحتكاك زاد من خبرتي ومنحني الكثير من الآفاق التي أدت إلى تطوير مواهبي في عالم الخزف».

وبعد ذلك دخلت إلى أكاديمية الفنون الجميلة واكتسبت خبرات أخرى وتعلمت أشياء جديدة وظفتها في أعمالي اللاحقة، لأن المكتسبات العلمية جعلتني أتحصن من الأخطاء في أعمالي بمجال الخزف، فضلا عن ذلك أصبحت فنانة أكاديمية وهذا اللقب العلمي زاد من قوتي وكذلك من تجربتي.

وعن المعرض المشترك الذي عرضت فيه مجموعة من أعمالها الفنية على قاعة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة العراقية،قالت: لقد شاركت في هذا المعرض المشترك بستة أعمال خزفية، إذ أن أغلب أعمالي التي عرضتها قد ركزت على الكتابات وكذلك على المرأة والرجل، لأنني أحب كثيرا تجسيد المرأة والرجل في أعمالي الخزفية، كوني أريد أبين إلى المتلقي هيمنة الرجل المفرطة على المرأة التي تصل في بعض الأحيان إلى درجة الظلم والاضطهاد، بعد أن رضيت المرأة بالتهميش وقيام الرجل بمصادرة الكثير من آرائها وأفكارها وخططها في الحياة، حيث أحاول أن أبين للجميع تلك الهيمنة القاسية والتي مهما بلغت قسوتها لم تلغِ دور المرأة وأهميتها في المجتمع.

فالمرأة العراقية اليوم تمكنت من مواجهة الظروف الصعبة والقاسية التي تمثلت بفقدانها الزوج والابن والأخ بسبب العمليات الإرهابية، كذلك تحملت وبشجاعة تحسد عليها عمليات التهجير والنزوح ولاسيما في المحافظات العراقية التي تم احتلالها من قبل تنظيم داعش، حيث سأحاول في المستقبل تجسيد شجاعة المرأة العراقية في مواجهة تلك الظروف الصعبة للغاية بعمل خزفي كبير أتمنى أن يوضع في ساحة عامة من ساحات البلد، حتى يكون شاهدا على بسالة المرأة العراقية في هذه المرحلة، لأن الفنان التشكيلي يشارك المؤرخ في توثيق أحداث المرحلة التي يعيشها من دون أدنى شك.

وعن تجاربها المقبلة أوضحت: «بعد أن نجحت تجربتي الأولى في المعرض الأخير، كونها أول تجربة لي في حياتي بالنسبة للمعارض الفنية، لذلك أتمنى أن تتكرر في المستقبل القريب، وقد دعيت الآن ومن خلال هذا المعرض للمشاركة في معرض آخر ستقيمه دائرة الفنون التشكيلية في وزارة الثقافة العراقية أيضا وسيقام في الأشهر الأولى من العام الحالي، وسأشارك فيه بأعمال جديدة وبأفكار جديدة».

وحول الوقت الذي تستغرقه في تنفيذ العمل الواحد من أعمالها قالت: «أنا سريعة جدا في تنفيذ أعمالي الخزفية وربما اختلف عن الكثير من زملاء المهنة، إذ أن إنجاز العمل الواحد عندي لا يتعدى أكثر من عشرة أيام على أبعد تقدير وبعد ذلك أقوم بإرساله إلى الفرن المختص ثم بعد ذلك أتولى عملية تزجيجه بشكل يعجب المتلقي. علما أن لديَّ بعض الكتابات التي أكتبها على أعمالي الخزفية تكون بماء الذهب ورغم تكلفتها العالية، إلا أنني أشعر بالفخر والاعتزاز عندما انتهي من إجازتها وأضعها أمام الناس في المعارض الفنية أو في مكان بارز من بيتي الخاص».

وبشأن مدى توافر الأفران الخاصة بالأعمال الخزفية، «للأسف الشديد لا توجد أفران كثيرة في العراق تختص بهذا الجانب، لأن أغلب هذه الأفران قد توقفت عن العمل بسبب تردي وضع التيار الكهربائي في العراق، الأمر الذي جعل أغلب الخزافين يرسلون أعمالهم إلى أفران خاصة والتي دائما تكون أسعارها مرتفعة جدا، لذلك أنا أرى أن أهم المصاعب التي تواجهني في عملي الخزفي هي عدم وجود فرن خاص بي».

وحول كيفية إنجاز أعمالها داخل المنزل قالت «لديَّ مكان خاص في منزلي أمارس فيه أعمالي الخزفية، وهنا لابد من الإشارة إلى شيء معين صادفني كثيرا أثناء عملي في مجال الخزف، إذ في بعض الأحيان أكون متعبة جدا ولا أستطيع أعمل أي شيء، لكني بمجرد أن أرى الطين وأقوم بلمسه يذهب التعب عني إلى غير رجعة وأقوم بإنجاز بعض الأعمال بصفاء ذهني غريب جدا، وهذا يدل على مدى تعلقي بالطين وحبي له، حيث يدفعني هذا الحب إلى التمسك أكثر وأكثر بالطين وبالخزف».

ووحول أمنياتها في عالم الخزف،» أتمنى أن تسنح لي الفرصة في المستقبل القريب بعرض أعمالي الخزفية في خارج العراق ولاسيما في الدول التي لديها اهتمام كبير جدا بالفنون التشكيلية، حتى يطلع عليها جمهور جديد ونقاد جدد واستفد كثيرا من تجارب الآخرين وملاحظاتهم على أعمالي الخزفية».

وعن الفنانين التشكيليين الذين تأثرت بهم في بداياتها مع عالم الخزف، قالت: «لقد تأثرت بالخزافين مثل سعدون العذاري وقاسم نايف ونزار الزبيدي، وكان تأثري بهم كبيرا جدا ووضعتهم قدوة لي في هذا المجال وبالمناسبة فقد قمت بتنفيذ عمل كبير عبارة عن نافورة وعندما شاهده الخزاف قاسم نايف أكد لي أن هذا العمل ينتمي له، وهذا دليل كبير جدا على مدى تأثري به ومحاولاتي الجادة للوصول إلى مستواه المتطور في عالم الخزف، وهنا لابد من التأكيد إلى أن التأثر بمبدع معين لا يعني أني أقوم باستنساخ أعماله حرفيا، لأن لا فائدة ترتجى من عملية الاستنساخ، إنما الفنان المبدع الذي يستطيع أن يجعل الشباب يتأثرون به وبأعماله يعتبر مدرسة فنية وهذه المدرسة مفتوحة أمام الجميع للنهل منها وأنا تأثرت بالأسماء التي ذكرتها ولم أقلدها حرفيا».