كلمة عمان

ضرورة التعاون الدولي الجاد لمكافحة الإرهاب

19 أغسطس 2017
19 أغسطس 2017

في ليلة دامية، وغير مسبوقة أيضا، تابعت الملايين على امتداد العالم، وبقلق كبير، أمس الأول، العمليات الإرهابية، سواء تلك التي وقعت في مدينتي برشلونة وكامبريلس الأسبانيتين، وبفارق زمني محدود، وما تبع ذلك من عمليات طعن في كل من ألمانيا وفنلندا، وكأن هناك موجة عمليات إرهابية، تسعى الى ترويع الآمنين في أكثر من دولة أوروبية، خاصة وأنها تمت كلها تقريبا إما عن طريق الدهس بالسيارات والشاحنات، أو بالطعن بالسكاكين أو الآلات الحادة، نظرا لصعوبات استخدام الأسلحة النارية في مثل تلك العمليات، بسبب تضييق أجهزة الأمن والشرطة الأوروبية على امتلاك واستخدام الأسلحة النارية .

وفي الوقت الذي أدانت فيه السلطنة، وبشدة، حادث برشلونة الإرهابي، وهى إدانة تمتد بالتأكيد إلى كل عمل إرهابي، يستهدف الأبرياء، سواء أكان في أسبانيا أو ألمانيا أو فنلندا، أو أي دولة أوروبية أو عربية أو غيرها، انطلاقا من الموقف المبدئي والمعروف للسلطنة في هذا المجال، والذي يدين الإرهاب بكل صوره وأشكاله، وأيا كانت دوافعه، فإن موجة العمليات الإرهابية في أوروبا، والتي تبناها تنظيم داعش الإرهابي، فور وقوعها، لن تكون الموجة الأخيرة، التي تحاول الخلايا النائمة، والذئاب المنفردة، وبعض الإرهابيين الذين اندسوا ضمن تدفقات اللاجئين إلى أوروبا، القيام بها، وهو ما تشير إليه التحقيقات التي كشفت السلطات الإسبانية عن بعض جوانبها .

ومع الوضع في الاعتبار أن مثل تلك العمليات الإرهابية، التي تستهدف المدنيين والسائحين بشكل عشوائي، ولمجرد القتل أو إحداث أكبر عدد من الإصابات في صفوفهم، تترك عادة آثارا سلبية متزايدة ومتسعة ضد الجاليات العربية والإسلامية في أوروبا والعالم، إلا أن تنظيم داعش الإرهابي يسعى إلى تمرير رسالة محددة، مفادها أن ما يتعرض له من ضغوط وتدمير لمواقعه ومناطق تمركزه في العراق وسوريا، لا تفت في عضده، وأنه لا يزال قادرا على التحرك والضرب في أكثر من دولة أوروبية في وقت واحد، بكل ما يعنيه ذلك من قدرة على تحريك عناصره الإرهابية على المسرح الأوروبي وغيره. وبالنظر إلى طبيعة العمليات الإرهابية التي وقعت على مدى الأشهر الأخيرة، والتي تعتمد أساليب الدهس والطعن، فإنه من الواضح أن التنظيم يمر بمرحلة انحسار، صحيح أنه لن يتلاشى وينتهي قريبا، ولكن الصحيح أيضا أن أساليبه تتراجع بشكل ملحوظ. وفي مواجهة ذلك، فإنه من الأهمية والضرورة أيضا، أن تتضافر جهود مختلف الدول، عربية وأوروبية وآسيوية ولاتينية، وغيرها من أجل العمل الجاد والفعال لوضع حد لظاهرة الإرهاب البشعة، أو على الأقل العمل على احتوائها وتطويقها، تمهيدا للقضاء عليها. ونظرا لأن الإرهاب بات تهديدا لمختلف الدول، فإن التعاون الحقيقي والجاد، أمنيا واستخباراتيا وفي مختلف المجالات ذات الصلة، بين الدول المختلفة، وإعطاء دور للمنظمات الدولية المعنية، هو أمر لاغنى عنه من أجل تخليص العالم من هذه الآفة، ومن أجل أن يكون عالمنا أكثر أمنا وأقل تهديدا اليوم وغدا.