أفكار وآراء

المسلمون سيصبحون قوة انتخابية مؤثرة في أوروبا

18 أغسطس 2017
18 أغسطس 2017

سمير عواد -

كشفت وسائل الإعلام الألمانية في الأسبوع الماضي أنه بعد 30 عاما، سيلعب الناخبون المسلمون دورا حاسما في ترجيح فوز الأحزاب الكبيرة وانتخاب الرئيس الفرنسي والمستشار الألماني ورئيس الوزراء في أسبانيا وبلجيكا وهولندا.

فمنذ اليوم فإن بين كل 5 مواطنين في ألمانيا مواطن ينحدر من أصول مهاجرة. وأن عدد المسلمين في ألمانيا في ارتفاع مستمر، وقد وصل عددهم إلى أكثر من 8 ملايين نسمة، غالبيتهم من الأتراك. وفيما ليس هناك أعداد رسمية لعدد المسلمين الذين يحملون الجنسية الألمانية وبالتالي يحق لهم المشاركة في الانتخابات العامة بتاريخ 24 سبتمبر المقبل، إلا أنهم في طريقهم لأن يصبحوا قوة انتخابية مؤثرة في دولة أوروبية كبيرة وهامة مثل ألمانيا، في السنوات القادمة. ويتوقع المراقبون أن تتأسس أحزاب إسلامية في أوروبا في المستقبل، بعد محاولات لتشكيلها سابقا، لكنها لم تلفت الأنظار، ولم تشهد قبولا لدى الناخبين المسلمين. ففي هولندا تأسس عام 2007 حزب إسلامي يتزعمه هيني كليفت اسمه «الحزب الإسلامي في هولندا» NMP». وتأسس «الحزب الإسلامي» عام 1998 بمدينة ميونيخ، لكن لم يعد له في هذه الأثناء حتى رقم هاتف، بعدما تم منع الحزب في عام 2002 من المشاركة في الانتخابات. واليوم لا يوجد هناك حزب إسلامي بالمعنى الصحيح في أي من دول أوروبا لكن من يدري فحين تنتهي الأحكام المسبقة يكون عدد المسلمين في الاتحاد الأوروبي قد بلغ حدا يسمح بتأسيس أحزاب سياسية، فعمدة لندن مسلم ويتمتع بشعبية واسعة لدى سكان عاصمة الضباب من مسلمين وغير مسلمين.لكن هذا لم يمنع من أن يصبح المسلمون في ألمانيا وفي دول الاتحاد الأوروبي قوة انتخابية تنمو باستمرار. فأحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 ثم ما يسمى الحرب ضد الإرهاب، جعلت المسلمين النشطين في السياسة يتراجعون عن فكرة المشاركة في الانتخابات والعملية السياسية، وأصبحوا يتعرضون في كل مناسبة لحملات الأحكام المسبقة. وفي عام 2005 قام وزير الداخلية الألماني فولفجانج شويبلي، بتأسيس «مؤتمر الإسلام» في ألمانيا، بهدف التشاور مع الحكومة الألمانية حول القضايا التي تشغل اهتمامات المسلمين والألمان معا. وتبين في تلك الفترة أن 4.3 مليون مسلم يعيشون في ألمانيا بينهم 4.1 مليون يحملون الجنسية الألمانية وبالتالي يحق لهم الانتخاب. ويقوم مركز «أرشيف الإسلام» في مدينة «سويست» الألمانية، بجمع المعلومات باستمرار حول حياة المسلمين في ألمانيا ويقول سليم عبدالله، مدير المركز : إن المسلمين يشكلون قوة انتخابية بارزة في ألمانيا تصل إلى 7.1 بالمائة من الأصوات التي سيكون كل حزب ألمانيا سعيدا للحصول عليها.على الرغم من أن ألمانيا دولة علمانية، لا يلعب الدين فيها دوراً في العملية السياسية، إلا أن تدفق المهاجرين واللاجئين الذين غالبيتهم من المسلمين إليها منذ سبتمبر 2015، ووقوع اعتداءات إرهابية قام بها إسلاميون متطرفون، جعل الإسلام موضوعاً بارزاً في الحملة الانتخابية على أكثر من مستوى.ودفع ذلك بوزير الداخلية الألماني «توماس دومزيير»، أن قال في أبريل الماضي لدى حديثه عن التقاليد الألمانية: «إن ألمانيا ليست برقعاً». حيث إن موضوع البرقع قد هيمن على النقاشات في ألمانيا حول اندماج المسلمين ومكافحة التطرف الديني، وذلك رغم أن البرقع ليس منتشراً بشكل كبير في ألمانيا. وكان ملفتاً للانتباه أن الرئيس الألماني الأسبق، كريستيان فولف، قد ذكر جملة في كلمة ألقاها عام 2010، جاء فيها «الإسلام أصبح جزءا من ألمانيا». وسوف يتوجه الناخبون الألمان بتاريخ 24 سبتمبر المقبل إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في البرلمان، ولذلك فإن الأحزاب الكبيرة تخشى منافستها من قبل الشعبويين الألمان. وقد تجنب الحزب المسيحي الديمقراطي الذي تتزعمه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يرأسها منافسها مارتن شولتس، حتى الآن، الحديث عن مواضيع كالإسلام والتقاليد الألمانية والاندماج. وفي منتصف يوليو الماضي، أثار شولتس أزمة اللاجئين وعواقبها وأعرب عن خشيته من تدفق موجة جديدة منهم إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لمنعهم. وبحسب «أوسكار نيدرماير»، الخبير السياسي الألماني الملم بشؤون الأحزاب، يعتقد الألمان أن هناك صلة بين أزمة اللاجئين والإرهاب في ألمانيا والإسلام. ويعتقد نيدرماير أن إثارة هذه المواضيع من شأنها أن تجعل الحملة الانتخابية أشد إثارة. وقال «ماتياس روهي»، خبير العلوم الإسلامية، في ندوة أقيمت أخيراً في مدينة فرانكفورت: إن السبب الذي يعرقل النقاش الموضوعي حول الإسلام والشريعة، هو الخلاف حول تعريفهما. فموضوع الشريعة مثلاً يجعل الناس يفكرون فورا في حقوق الإنسان، مما يدفعهم إلى رفضها ويعتبرونها مخالفة للدستور الألماني. وتعتقد «سوزانه شروتر»، مديرة معهد الإسلام العالمي في مدينة فرانكفورت ، أن المشكل يكمن في التغطية الإعلامية السلبية عند وقوع اعتداءات إرهابية، والأحكام المسبقة التي منها حصول تمييز بين المرأة والرجل وحصول الرجال على امتيازات أكثر. ووفقا لعمليات استقراء الرأي تمت قبل سنوات يؤيد الناخبون المسلمون في ألمانيا حزب الخضر ثم الحزب الاشتراكي. لكن دور ميركل في استقبال ألمانيا أكثر من 800 ألف لاجئ في نهاية عام 2015، أكسبها شعبية لدى الكثير من المسلمين، كما أن اللاجئين الذين سيحملون الجنسية الألمانية بعد سنوات قليلة سوف يصوتون لحزبها امتنانا لما قامت به ميركل في منحهم الملجأ والأمان بعد فرارهم من الحرب في بلادهم. وينطبق ذلك على الدول التي فتحت أبوابها لأكبر عدد من اللاجئين مثل السويد والدانمارك والتي تعيش فيها جاليات إسلامية منذ القرن الماضي مثل فرنسا وبلجيكا وأسبانيا.وقد تبين لخبير الأحزاب الألمانية، أوسكار نيدرماير، بعد دراسته البرامج الانتخابية للأحزاب الألمانية، أن لا أحد منهم عالج قضايا المسلمين، وأن المجتمع الألماني أصبح يتغير بفعل ازدياد عدد المهاجرين بصورة ملحوظة بعد قدوم اللاجئين في سبتمبر من العام الماضي، ولا تتنافس الأحزاب على كسب الذين يحق لهم التصويت، رغم أن هناك نحو 5 ملايين مسلم يقيمون في ألمانيا بشكل دائم، ولأن نسبة معتبرة منهم تحمل الجنسية الألمانية ويحق لها الانتخاب، فإن الأحزاب السياسية في ألمانيا وأوروبا تقع في خطأ فادح إذا ظلت تتجاهلهم.