الاقتصادية

الفنون التقليدية.. ذاكرة للزمان ومحطات مهمة من التاريخ

17 أغسطس 2017
17 أغسطس 2017

كتب – عامر الرواس -

لا شك أن المشاهد التراثية في مهرجان صلالة السياحي طوال سنوات إقامته حفل بالجانب التراثي بالكثير من الاهتمام من قبل بلدية ظفار، ويحق لهذا الجانب أن يحظى بذلك لما له من مكانة خاصة في وجدان الشعب، لأنه محطة مهمة من محطات التاريخ. ويأتي ضمن هذه المشاهد الفنون التقليدية بمختلف تشكيلاتها وإيقاعاتها خاصة مسابقة الولايات، التي تأسر الزائر وتكون محطة مهمة من محطات زيارته لموقع المهرجان، والشيء الملفت للنظر أن كل الدول المشاركة من خارج السلطنة تحمل معها هذه الصورة الاحتفالية المتمثلة في فنونها الشعبية، للقناعة الموجودة أن الفن التقليدي هو موروث شعبي على درجة كبيرة من الأهمية.

أن من يستعذب هذه الفنون من خلال إيقاعاتها الخاصة، يجد أنها تتغلغل في النفس، وتبعث على الحماس بصورة فطرية. الاعتقاد السائد لدى البعض، أن المهرجان لا يحمل إلا رسالة البهرجة والصخب المفتعل، المبالغ في تقديره، بينما الواقع يعكس صورة أخرى، غير الصورة المتخيلة تلك، فأرض المهرجان تضم بين جنباتها الكثير من المشاهد التراثية هذه الصور لا تتمثل فقط في صورة فنونها وتراثياتها الماثلة التكوين، ولكن حتى في آلية الحرفنة الموجودة في التعامل مع المادة الخام، وإيجاد الأشياء الجميلة منها في صورة تعزز الإبداع الإنساني في كل مراحل الحياة، كما هو الحال، ونحن نشيد بالموروث الذي ورثه لنا الأجداد جيلا بعد جيل. كيف يعرف الإنسان تاريخ أمته، إلا من خلال هذه الصورة الفنية التي تناقلتها الأجيال، وهي صورته لن تكون وصمة عار في جبين التاريخ، لأنه بعد فترة ستأتي أجيال تنقب عن مكنون هذه الصورة، وتاريخها، وقدرة هؤلاء الناس الذين شكلوها حتى غدت بهذه الصورة الرائعة الجمال.

ما يجب الإشارة إليه هو مسألة توثيق عملية التلاقح في تجارب الآخرين الذين يشاركوننا هذا الجانب الحرفي، فعندما نسافر إليهم تسحرنا مشغولاتهم، ونعجب من الحرفنة الموجودة في يدي صناعهم، ونثمن ذلك بقدرتهم البارعة في توظيف مادتهم الخام في إبراز هذه الصورة الرائعة التي يشكلونها، كما يفتنون بالمقابل بما عندنا من إتقانات حرفية جميلة.

فعملية التلاقح في التجارب عملية مهمة وهذه فرصة لأن تستثمر الجهات المعينة هذا التواجد الكثيف لضيوف السلطنة في احتفالية مهرجان صلالة السياحي وأيضا مهرجان مسقط ، وتوجه المشتغلين بهذا الجانب في الاقتراب منهم، والتحاور معهم ، والاستفادة من تجاربهم ، وان لا تكون الزيارة لأجنحة الدول المشاركة، مجرد زيارة عابرة غير متذوقة، ولا يستفيد منها زائرها.

ويأتي تضمين فعاليات المهرجان لهذه الفنون لما لها من دور في ترسيخها في فكر الناشئة كأحد المكونات الثقافية للفرد، ذلك أن الناشئة اليوم تتعرض للكثير من إعادة الصياغة خاصة لذاكرتها الشعبية المتوارثة نظرًا لما تتعرض عليه من مواد كثيرة، ومن ضمنها الفنون الحديثة، فلو فقدت هذه الصورة التراثية من قاموس الناشئة لا شك أن ذلك سوف يوجد خللا في أجندة الناشئة في مفهوم الهوية، وهذه مسألة على درجة كبيرة من الخطورة، وهذه لفتة على درجة كبيرة من الأهمية تأخذ بها الجهة المنظمة للمهرجان، وتشكر عليها. فهذا التكريس من شأنه أن يرسخ القناعات بأهمية أن تبقى هذه الفنون في الذاكرة مع كل الشعوب بلا استثناء لأنها كما قلت جزء من الهوية والحرص عليها نوع من الانتماء إلى جغرافية المكان.