المنوعات

هموم الورد لهدى أبو غنيمة.. قصص تنحاز للطبيعة

09 أغسطس 2017
09 أغسطس 2017

عمّان - «العمانية»: في مجموعتها القصصية (هموم الورد)، تطرح الكاتبة الأردنية هدى أبو غنيمة هموما من نوع آخر، هموم بحجم الورد ولونه؛ إنها هموم الورد، والورد هنا يرمز إلى كل ما هو متصل بالطبيعة، التي لم تلوثها يد البشر، وبالبراءة التي لم تشوّهها سلوكياتهم المتوحشة، تتكون المجموعة الصادرة مؤخرا عن «الآن ناشرون وموزعون» بعمّان، من خمس وعشرين قصة من بينها حكايات شهدتها الكاتبة وعايشتها، ثم قدّمتها بأسلوب قصصي، مع احتفاظها بأسماء الشخوص الحقيقيين، تحاول الكاتبة في نصوصها لفت الانتباه إلى قضايا البيئة، وتدعو للعودة إلى الطبيعة بوصفها الأُمّ الحنون التي تحقق لنا التوازن الداخلي، والتي ظلمها الإنسان بممارساته التدميرية التي طالتها وطالته هو أيضاً.

ففي قصة /‏‏نداء زهرة/‏‏، يَظهر الناس مشغولين بحياتهم وصراعاتهم، ولا أحد يهتم بالجمال الذي يحيط بهم مما وهبهم الله، ووحدها الطفولة هي ما حافظ على براءته وانحاز لنداء الطبيعة.

جاء في القصة: «ازداد ظمؤها، فلوت عنقها مستسلمة لمصـيرها، ولم تلحظ اقتراب تلك الصَّبيَّة الصَّغيرة برفقة أُمِّها وهي تحمل نصف زجاجة ماء أفرغتها في الحوض، انتعشت زهرة، فرفعت رأسها لترى الصَّبيَّة الصمَّاء تبتسم بودٍّ وحزن شفيف».وفي قصة «أفق أخضر»، تحقق البطلة الانسجام مع الطبيعة: «تقلَّبتْ على العشب الأخضـر، وتأرجحت بالأغصان الدانية، لامست خدَّيها الأوراقُ كأيدٍ حانية، هنا عالمها ومفردات وجدانها، عاد قلبها متورِّدا خافقا بعد شحوب». تبدو قصص أبو غنيمة بساتين مليئة بالأزهار، فرائحة الياسمين في قصة «تواصل» تذكّر البطلة ببيت جدتها في قرطبة الضائعة والمشهورة ببساتين الأزهار والورود: «وحينما استدارت بدت برأسها المرفوع بكبرياء، وشعرها الكستنائي المنسدل على ظهرها، مهرة مطوَّقة بالياسمين». وكثيرا ما تُجري الكاتبة في نصوصها مقابلات ما بين القرية والمدينة، فالقرية هي امتداد للطبيعة، والبراءة، والألفة، والعطاء، أما المدينة فهي صنو الحياة المصطنعة، والقسوة، والغربة، والاستهلاك، في قصة «غربة وتر» تقول الساردة: «لم تقرأ آمنة في حياتها ديوانَ شعر، لكنها ألفت الإصغاء إلى عزف الرياح والمطر على أوتار الأرض لتعطي حبّاً ورضـا، فاختزنت في روحها ديوان شعر، وطرزت ثوبها بألوان الأرض ومفرداتها، ونسجت قصب عصبتها من أشعة شمس متوقدة الكبرياء»، يذكر أن هدى أو غنيمة وُلدت سنة 1949 في دمشق، عملت في التدريس بالمدارس والكليات والجامعات، أعدّت برامج ثقافية للإذاعة الأردنية، وكتبت في صحف يومية مختلفة، وهي عضو في رابطة الكتّاب الأردنيين، ونالت مؤخرا جائزة البحث المميز في مؤتمر المجلس الدولي لصاحبة الجلالة -اللغة العربية السادس، الذي عُقد تحت عنوان «اللغة العربية والأمن اللغوي والثقافي»، من أعمالها الأدبية: «معاناة عربي» (نوفيلا، 1985)، و«الرصـيد» (نص مفتوح، 1996)، «سـيرة منفيّة.. من أوراق صبحي أبو غنيمة» (دراسة أدبية وثائقية، 2002)، و«أرَقُ الشوارد» (دراسات أدبية، 2011).